بقلم: ادريس هاني
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 27-07-2017 - 1832 لنتذكّر أنّ الجسد الذي لا يبدي مقاومة هو جسد ميّت حتما..ولا سبيل لتفادي الأمراض إلاّ بممانعة الجسد..في الاجتماع تستقيم السّنّة نفسها..الأمراض تتربّص بالجسد ومنها ما هو أفتك..الدول تمرض، ومرضها الاستكبار الذي من تجلّياته الإمبريالية..الاحتلال ما تبقّى من عهد القرصنة والعدوان..تاريخ الأمم مفعم بالأمراض المزمنة..الحدود هشّة..والميكروبات تخترق الجسد..المقاومة ردّ فعل بيولوجي وتاريخي..وهي علاج للمرض..اليوم الإرهاب في حالة فرار..والفارّ في حالة التباس..والضربات المطلوبة هي المتتالية لكي لا يسمح للإرهاب براحة بيولوجية يضع خلالها بيضه في ثنايا المجتمعات..في مقابل صورة الهروب الكبير لمرضى العنف هناك اضطراب في المواقف والآراء..هروب من نوع آخر..السياسة التي تلبّست خلال 6 سنوات بالمكر والكيدية والخديعة تسعى لتمثّل خطاب آخر..لعبة الهروب في اللغة والنظرات..هل هم بالفعل يمتثلون للعلاج؟ الممانعة أدت دورها التاريخي..وعدت بالنصر وهي تصنعه بحماس أسطوري..حرب مفروضة على الممانعة واستدراجا لها إلى معارك الاستنزاف..هنا الشرق الذي سعت الإمبريالية إلى إعادة تشكيله بصورة مختلفة عن مأمولات ساكنته..شرق يعاني الهشاشة..الدولة لم تتشكل بعد..بسودو_دولة..منطقة هي اليوم في قلب الحدث الكوني..رمزيا ومادّيا..ليس الشرق، شرقنا على هامش الكون الحديث بل هو في صلبه من حيث هو مصدر الطاقة..ولكن المطلوب من المنطقة أن تظلّ على وضعية اللاّإستقرار..بعد كل حرب تختلق حكاية حرب أخرى..منطقة عرب الشمال واليوم ستنساب الأزمة باتجاه عرب الجنوب والانسياب نفسه باتجاه المغارب..لكي يستقر العرب لا بدّ أن ينضب النّفط وتتفكك إسرائيل..ولكي ينضب ذلك وتتفكك تلك لا مندوجة من المقاومة..إسرائيل نفسها كائن لا مستقبل له..سيتخلّى الغرب عنها حينما تجف آبار النفط..تنتفي حاجتها الوظيفية كمحور إمبريالي..من هنا هي تراهن على مصادر الطاقة البديلة..وتسعى للاستقلال بسياستها..غير أنّها تفتقد لمقومات الاستقلال عن الحليف الغربي..لكي تضمن وجودها في أرض صغيرة في مواجهة مصير ينذر بشحة المياه ونضوب النفط فهي تتطلع لاحتلال العالم..إذا تراجعت قوة إسرائيل في العالم ستنهار في المنطقة..هي قوتها في ضعفها..تستطيع قبائل مجردة من كل أسباب القوة في الأدغال النائية أن تحضى بدولة في هذا الكوكب..إسرائيل النووية كائن بلا دولة..مخرجات الكيان المحتل من منسوب الأمل هي الأسوأ في تاريخ الأمم..كيان مريض..وهي تجر المنطقة والعالم للمرض..وفي كل الأحوال تكون المقاومة هي العلاج..ولذا فقط المرضى من يخشى من المقاومة..
في الموصل كانت الضربة موجعة..صحيح أنّ ثمة مخاطر كثيرة لكيان إرهابي تم تفكيكه من دون احتوائه..هرب الإرهاب الذي وجد في الإمبريالية حليفا حمى ظهره في عملية الهروب الكبير..ولكن الضربة موجعة..والجرذان هربوا بجرحهم..سينتقمون من جغرافيات كثيرة..قد تكون جغرافيا الحلفاء..وفي جرود عرسال أسدل الستار عن لعبة الكر والفر، خلال ثلاث أيام شطبت المقاومة على جيش النصرة الذي كان يصطنع الأساطير للإرعاب..لقد حلقوا لحاهم وأطلقوا سيقانهم للريح..إعجابهم بالملاّ عمر لم يتوقف عند تقليد دولة طالبان بل امتد لتقليد سنة الفرار.."سلامي على طالبان" أنشودة تاريخية عمرت قليلا..اليوم أحرى أن يقال :"سلامي على الدولة/داعش"..سلام عليهما بفضل روح المقاومة..6 سنوات من التوحش واللامعنى والدجل..وفي النهاية العود أحمد: فلسطين تنتظر مواقف في مستوى انتصاراتنا..قدر الممانعة أن تكون هي عنوان الرّشد..الوعي والنقاء المقاوم، سينتهي زمن إدارة التوحش وآن الأوان لعهد جديد: إدارة التحرير..سلامي على طالبان..سلامي على دولة تخلّى عنها الجبناء كما تخلوا عن لحاهم على قارعة الطريق في جرود عرسال والموصل وأطراف حلب..من سيكتب يا ترى تاريخ هذه الجماعات الهاربة..الكل بات يضحك على هذا الهروب الكبير..حتى الحور العين تنادي: لمن تتركونا يا "بوكوصات" الخلافة..سنطلقكم ثلاثا لا رجعة فيها..وأيّا كان الأمر فإنّ الحقيقة الأكثر وضوحا هنا: أنّ هذا التوحش ليس سوى آخر حلقة في مسلسل إمبريالي سيبحث لنا عن أنماط جديدة من التوحش، لا يهمّ أن تنبثق من لاوعينا أو من منبت آخر..
لا يوجد صور مرفقة
|