بقلم: ترجمة: د. علي فطوم
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 21-05-2017 - 2316 ليست هي المرة الأولى التي تكون فيها حرب أهلية في اليمن في مركز الاحداث، قبل 1/2 قرن كانت حرب كهذه قد أدت إلى تغيير موازين القوى وأفضت في النهاية إلى حرب 1967.
في الأيام الاخيرة نرى تكثيفاً في الحرب الأهلية في اليمن ... سمعنا مؤخراً عن تكوين تحالف عربي برئاسة السعودية ، وبدأ هذا التحالف بضرب مراكز المتمردين الحوثيين الذين يعارضون الحكم المركزي ... لم يكتف السعوديون بذلك وإنما هنالك إشارات الى أنهم يخططون لدخول بري في اليمن.... هذه الخطوات الدراماتيكية تأتي بعد احتلال الحوثيون الكثير من الأراضي في المناطق في اليمن وهروب الرئيس عبد ربه منصورهادي الى السعودية الحوثيون ينتمون إلى قبائل زيدية تنتمي الى التيار الشيعى وهي على الأكثر أقلية هامشية هناك ... وتتركز في شمال اليمن. الحوثيون كما يسمون نسبةً الى قائدهم الذي فشل في التمرد عام 2004 على السلطات اليمنية، اليوم يحظون بدعم نسبة كبيرة من الجيش اليمني ومن الرئيس السابق علي عبدالله صالح وكذلك بدعم إيراني كبير. ليست المرة الأولى أن الحرب الأهلية في اليمن ولا تغيب كبلد غير مركزي في المنطقة وبلد فقير بدون أية امكانيات تذكر يكون في مركز الاحداث في صراع واسع قبل 50 سنة ، اذ أدت هذه الحرب في هذا البلد إلى تغيرات كثيرة في موازين القوى وأدت إلى حرب 67 بصورة غير مباشرة. ومع فتح الأرشيفات من تلك الأيام ظهرت مشاركة إسرائيل العسكرية في حرب اليمن .... هذه المشاركة الإسرائيلية قد تلقي الضوء على سذاجة بعض المحللين الذين يَرَوْن هذه الحرب بصورة مبسطة ..ان كانت سنة ضد شيعة أو ايران بمقابل السعودية. 26/9/1962 قامت مجموعة عسكرية بالانقلاب على الإمام الزيدي محمد البدر الذي استلم الحكم بعد وفاة أبيه قبل أسبوع من ذلك .... هرب الامام البدر إلى شمال اليمن وجمع حوله جيشاً من القبائل والعشائر ليحارب لاستعادة ملكه والقضاء على وجود الجمهورية الجديدة التي بدات بالتكون. عرف المتمردون انهم لن يستطيعوا الوقوف امام جيش البدر ... ولذلك طلبوا المساعدة من جمال عبد الناصر ; ناصر الذي كان ينادي بوحدة الأمة العربية تحت قيادته وتعزيز الانقلابات العسكرية على الأنظمة الملكية كما في الاْردن والسعودية. قام ناصر بارسال بعض الفرق من المشاة إلى اليمن الأمر الذي أدى الى أثاره الشكوك في السعودية والأردن والدول الغربية ذات المصالح في المنطق: بريطانيا أساساً... بريطانيا التي كانت تخاف على هذه الممالك من تأثير الناصرية وخوفاً عليها من الزوال... بريطانيا ارادت ان تدعم البدريين للقضاء على قوة مصر... وافقت الاْردن والسعودية على الدعم المالي والعتاد العسكري... اما بريطانيا فقد اصرت على الدعم الخفي المخابراتي. المخابرات البريطانية MI6 اعتمدت مرتزقة عن طريق شركة مرتزقة لصاحبها الكولونيل ديفيد ستيرلينغ اسمها Special Air Services ، وبذلك تستطيع بريطانيا في حال انكشاف العملية ان تقول انها على الحياد وان تنكر أي دور لها في اليمن. جند ستيرلنج العشرات من المرتزقة في وظائف مستشارين للإمام البدر ولجيشه وبعثت بهم الى اليمن. كذلك تم تعيين ضابط المخابرات وعضو البرلمان نقل ماكلين لإدارة العلاقات الخارجية لهؤلاء المرتزقة. المشاركة البريطانية أدت إلى إخلال في توازن القوة الذي كان لصالح المصريين وإلى اضعاف هذا التوازن . وزاد التورط المصري في اليمن ليصل عدد الجنود المصريين الى حوالي 60,000 ، ثلث الجيش المصري في تلك الفترة. في مارس 1963 توقف المصريون عن الهجوم وبدأ الجمود العسكري يزيد وكان كل طرف يمسك قواعده ويعززها المصريون في جنوب اليمن والمملكة في الجزء الشمالي ... كان البدر وجيشه يسيطرون على الناطق الجبلية بدون منفذ على البحر...ولذلك زودت السعودية هؤلاء بالكثير من الجمال لنقل العتاد... ولكن لم يكن هذا الحل الأمثل. هنا بدأ المرتزقة بالبحث عن طرق أخرى لإنزال العتاد للبدر وجيشه ... وبما ان الإنجليز كانوا يريدون الظهور وكأنهم حياديون فقد اقترح المرتزقة ان تنزل الشحنات من الجو ...عندها كان دخول الإسرائيليين الى الصورة. دولة إسرائيل في تلك الفترة كانت معزولة محاطة بالعداء في الجوار ... لذلك وافقت على هذا الطلب وذلك لعدة أسباب: ١. على خلفية التهديد من تجربة الوحدة التي قامت بين مصر وسوريا ٢. محاولة الانقلاب الفاشلة في الأردن الفاشلة ٣. تشغيل مصر لاختصاصيي صناعة السلاح الألمان في مصر ٤. استعمال سلاح الخردل في اليمن بأيدي المصريين ٥. دعوة ناصر لتوحيد العرب جميعا تحت إمرته في دولة واحدة لها هدف واحد وهو محاربة إسرائيل ... ولذلك فان اسرائيل كانت تريد إضعاف أو سحق عبد الناصر والخلاص منه وتصويره كشيطان أو هتلر في العالم .... القرار الإسرائيلي: يجب ضرب مصر بكل مكان وكل إمكانية وإخراجها من المعادلة. في صيف 63 اتصل ماكلين بالملحق العسكري الإسرائيلي في لندن الجنرال دان حيرام وطلب منه إمكانية مساعدة إسرائيل لإمام وجيشه في اليمن ضد المصريين .... بعد ايّام كان ماكلين في تل ابييب ليجتمع مع موشيه دايان الذي كان وزيراً للزراعة ولكن كان هو العنوان لكل هذه الفعاليات العسكرية الخارجية . كذلك كانت اجتماعات اخر مع مائير عميت رئيس الموساد...وافقت اسرائيل على العملية ، وسميت عملية " روطيب". ٣١ مارس 1964-طائرة محملة بالعتاد في الأجواء اليمنية بقيادة الطيار جنرال أريه عوز .... وفي جبال شمال اليمن-منطقة منارة بالمشاعل ، ويتم إنزال الحمولة على تلك المنطقة....الشحنة الاولى من الدواء والسلاح والذخيرة وغير ذلك ؛ نزلت هذه الشحنة إلى الأرض بنجاح .....هذه العملية تكررت لمدة عامين ووصلت إلى 13 عملية. كانت هذه العملية سرية للغاية فقط مجموعة صغيرة تعرف بذلك : بعض رجال البدر والمرتزقة ، وبقي الامر سراً عن السعوديين لمخاوف ان السعودية قد تسحب يدها من الموضوع وكذلك بريطانيا التي كانت تدعي الحياد. يناير 65 ....فتح المصرية هجوماً واسعاً ضد جيش الامام وأشرف الجيش المصري على حسم الحرب...عندها تقدم الإنجليز باقتراح جريء: الطلب من سلاح الطيران الإسرائيلي ان يقوم بقصف مراكز الجيش المصري في صنعاء والحديدة ويقوم البدريون بإشاعة ان هذه الطائرات هي طائرات مرتزقة غربية ... وافق عازر فايتسمان قائد جيش الطيران الإسرائيلي وكذلك وافق قائد الجيش رابين ورئيس الحكومة اشكول على ذلك. أغسطس 65 ... اتفق الأطراف: مصر والسعودية على وقف إطلاق النار وقف إطلاق النيران بحضور ممثلين يمنيين من الجهتين ... وعطفاً على هذا توقفت السعودية عن دعم الإمام وقد رضخ المرتزقة لهذا الاتفاق في النهاية. باءت محاولات المرتزقة لتجديد الحرب بالفشل وكل الاقتراحات مثل جلب مرتزقة امريكيين من خلال اسرائيل لم تنجح. حاول فيصل بكل قوته ان يعيد تسليح البدريين واقناع اسرائيل بتجديد شحنات الأسلحة ...الا انه فشل بذلك وتوقفت الحرب في فبراير 67. بعد حرب ٦٧ كان وضع مصر في الحضيض واستطاع فيصل ان يصل الى اتفاق مع مصر لإنهاء وجودها في اليمن وإخراج جيشها منه. وهكذا انتصرت الثورة وتكونت الجمهورية اليمنية. كما اختها في الستينات هي حرب اليمن ٢٠١٥، هي حصيلة صراعات ومصالح وتوازنات في الشرق الأوسط. وبعكس التوصيف البسيط بأنها حرب بين السنة والشيعة أو بين ايران والسعودية ... هذه المرة الصورة معقدة ومركبة اكثر. القرب بين الزيدية والاثني عشرية ليس اكبر من القرب بينها وبين السنة ... القبائل اليمنية كما في السابق هم اليوم تربطهم مصالحهم وليس انتماءهم المذهبي ... مصالح هذه القبائل فوق كل شئ. حروب اليمن تشير الى عدم صلابة الأحلاف وديمومتها في اليمن ... أصدقاء الْيَوْمَ يتحولون في لمح البصر الى أعداء غداً. مقال من صحيفة الكيان الصهيوني هآرتس / الترجمة من العبرية د. علي فطوم
لا يوجد صور مرفقة
|