جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية المجلس الاجتماعي

مع الوحدة السورية وضد التقسيم | بقلم: الدكتور يوسف مكي
مع الوحدة السورية وضد التقسيم



بقلم: الدكتور يوسف مكي  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
09-11-2025 - 150

سوريا مركز الكون، وبداية الأبجدية، ومنطلق عصر الفتوح، وتأسيس الدواوين العربية، وعاصمتها دمشق أقدم مدينة بالتاريخ، ستظل رغم جراحاتها، ومهما زلت بها المقادير، عصية على التذرر.
من سوريا، بدأت حركة اليقظة وعصر التنوير العربي، في تماهٍ واضح مع المبادئ التي بشر بها عصر الأنوار الأوروبي، حيث روح القانون لمونتيسكيو، والعقد الاجتماعي لجان جاك روسو، واتفاقيتان، لجان لوك. من روح تلك الأفكار بدأ العرب، وتحديداً من بلاد الشام، يقظتهم المعاصرة، في مواجهة الاستبداد العثماني.
وحين انتهت الحرب العالمية الأولى، وتكشف الغدر الأوروبي، شهدت بلاد الشام، أول مواجهة عسكرية مع الاحتلال الفرنسي، في موقعة ميلسون، بقيادة الشهيد يوسف العظمة، في تمثل لدور المسيح عليه السلام، حيث المواجهة بين المحتل والمقاوم، غير متكافئة شكلاً ومضموناً. وحسب للعظمة مقولته الخالدة: «خشيت أن يكتب التاريخ أن الفرنسيين احتلوا سوريا من غير مقاومة».
في الأربعينات من القرن الماضي، تولى فارس خوري، المسيحي الديانة، رئاسة الحكومة السورية، في ظل الاحتلال الفرنسي. وحين صعد الشعب السوري، من مطالبته بالاستقلال، تعلل الفرنسيون، بحماية المسيحيين، من الخطر الإسلامي. وكان جواب رئيس الحكومة جلياً وحاسماً: لا يوجد في سوريا مسيحيون، وكلنا مسلمون. قاد بنفسه مسيرة شعبية، عبرت شارع الصالحية، تهتف بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
هكذا فوتت وحدة الشعب السوري، الفرصة على الفرنسيين، وأجبرتهم على الاعتراف باستقلال البلاد، والرحيل عنها للأبد. ولتبدأ مرحلة الانقلابات العسكرية في سوريا، بانقلاب حسني الزعيم، وسامي الحناوي، وأديب الشيشكلي. وكل انقلاب تقف خلفه أهداف، ويعمل لصالح جهة خارجية. تمسك السوريون، في زحمة تلك الانقلابات، بهويتهم، مازجين بين انتماء وطني لبلاد الشام، وانتماء أعلى للقومية العربية. ولم يفقدوا تلك البوصلة أبداً.
في الخمسينات، طرح الرئيس الأمريكي، آيزنهاور حلفاً عسكرياً، أسماه ملء الفراغ، لم يتكلل بالنجاح. وفي نهاية الخمسينات، اندلعت أول حرب أهلية في لبنان، وقفت خلفها بريطانيا وأمريكا، والهدف هو منح كميل شمعون، دورة رئاسية ثانية، خلافاً للدستور اللبناني، الذي لا يسمح للرئيس، سوى بدورة واحدة. وكان المؤمل في حالة نجاح المخطط الغربي، أن يكون لبنان جزءاً من حلف بغداد، وليشكل إسفيناً مسموماً في خاصرة دمشق.
لجأت سوريا إلى عروبتها، لصيانة أمنها الوطني، ولمواجهة التهديد التركي، الضاغط آنذاك على سوريا، كي تلتحق بحلف بغداد، فكانت أول وحدة عربية اندماجية بين مصر وسوريا.
في جميع المواجهات التي أشرنا إليها، كان السوريون، على اختلاف طوائفهم وتنوعهم الديني والمذهبي، كتلة واحدة. وسوريا كما نعلم جميعاً، وكما فصلنا في أحاديث سابقة، هي بلد التنوع، ففي جبل مصياف، ومدينة السلمية، وريف حماة تحصن الإسماعيليون. وفي الشمال، في مدينتي اللاذيقية وطرطوس، استقر العلويون. وفي جبل العرب، وحاضرته مدينة السويداء، استقر الموحدون الدروز. وفي دمشق، قريباً من البوابة الخلفية للمسجد الأموي، عاش أبناء الطائفية الشيعية الاثني عشرية.
والعجيب أن ما استقر من تشكل مذهبي، في سوريا، يعود معظمه إلى إرث الحاكم بأمر الله، بمعنى أنه في جله إرث فاطمي، وافد من أرض الكنانة، باستثناء المكون المسيحي والشيعي.
ظل التنوع الديني والمذهبي في سوريا، عامل إثراء وتخصيب للثقافة السورية، ولم يكن في يوم من الأيام عبئاً عليها. الجميع وقفوا صفاً واحداً في مناهضة الاستعمار الفرنسي: إبراهيم هنانو من حلب، وصالح العلي، من الساحل السوري، وسلطان الأطرش من جبل العرب.
الوضع الراهن، يحمل مخاطر تقسيم سوريا، إن لم يتدارك العقلاء تلك المخاطر، ويسهموا في تضميد الجراح. بالتأكيد ليس من شأن أي كان تحديد هوية من يقود السلطة في سوريا، فذلك شأن داخلي خالص. والسوريون وحدهم هم الأقدر على تقرير مستقبل بلادهم. لكن ذلك لا يمنع من أن الدعوة بالتي هي أحسن، لحقن الدماء، وأن يدرك الجميع أنه حين تسيل دماء السوريين، في حرب ليس لأغلبيتهم فيها ناقة ولا جمل، فإن كل دم يسيل يستدعي وراءه انتقاماً وردود فعل يصعب التحكم فيها.
ما جرى في الأيام الماضية، في جبل العرب، بمحافظة السويداء، من قتل على الهوية، هو أمر خطِر جداً. وكان ينبغي لحكومة الأمر الواقع في سوريا، تجنبه، والاستفادة من أحداث الشمال الغربي التي وقعت قبل عدة شهور، وقد ذهب ضحيتها الآلاف من البشر.
استمرار الصراع في جبل العرب، يجر وراءه، مخاطر على دمشق ذاتها، حيث يوجد الموحدون، في مدينة جرمانا، قريباً من مطار دمشق الدولي. في مواجهة نزف الدم، ينبغي أن ننطلق من التسليم بتحريم الدم السوري، وبأن حروباً داخلية كهذه، لن يكون فيها رابح ومهزوم، فالدم المسكوب، وفي أي موقع هو في كل الأحوال دم سوري.
وعلى أهلنا في سوريا، أن يستحضروا ما جرى من أحداث في بلد عربي شقيق آخر، هو السودان. لقد كانت الخسارة، ولا تزال فادحة. ورغم مرور أكثر من سنتين على تلك الحرب، لا يبدو حتى هذه اللحظة وضع نهاية لها. والعاقل من يتعلم من تجارب غيره، فعسى أن تكون الأيام القادمة برداً وسلاماً، على أهلنا في سوريا الحبيبة.

 


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2025
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       64 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       فلسطين- غزة:ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 41118//وزارة الصحة الفلسطينية: 13 شهيداً جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مناطق متفرقة في قطاع غزة منذ فجر اليوم//وسائل إعلام فلسطينية: شهيدان جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلاً بحي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة//خمسة شهداء في قصف الاحتلال حي الزيتون ومخيم جباليا//       ندد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة، واصفاً الحادثة بالمروعة.// سابق يوم جديد من عملية طوفان الأقصى.. أبرز التطورات التالي العدو الإسرائيلي يواصل اعتداءاته على الجنوب اللبناني//       القوات الروسية تطهر 10 بلدات وقرى من قوات نظام كييف في كورسك//تنديد دولي باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة//       أحبار الأمة والعالم :المقاومة اللبنانية تستهدف مستوطنتي روش هانيكرا ومتسوفا بالصواريخ//كوبا تدعو المثقفين السوريين لدعم الرسالة المناهضة لإعادة إدراجها على قائمة الدول الراعية للإرهاب//       ستشهاد مواطنين اثنين جراء عدوان إسرائيلي بمسيرة على ريف القنيطرة//       المقداد لـ مانزي: نرحب بالعمل مع الوكالات الأممية وتسهيل عملها//تمديد فترة قبول طلبات المشاركة في منافسات الموسم الجديد من الأولمبياد العلمي السوري//الزراعة تناقش آليات دعم بذار القمح والأعلاف واستبدال بساتين الحمضيات الهرمة//       الاحتلال الإسرائيلي يسلم الصليب الأحمر جثامين 84 شهيداً قتلهم خلال عدوانه على قطاع غزة//المقاومة الفلسطينية توقع عدداً من جنود الاحتلال قتلى ومصابين جنوب قطاع غزة// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا)// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا) التالي وسائل إعلام لبنانية: استشهاد ٤ أشخاص جراء غارة لطيران العدو الإسرائيلي على بلدة مفيدون جنوبي لبنان//       نزوح قسري لآلاف الفلسطينيين من شمال قطاع غزة//39653 شهيداً منذ بدء الاحتلال عدوانه على قطاع غزة//وزارة التربية الفلسطينية: أكثر من 10 آلاف طالب استشهدوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//المكتب الإعلامي في غزة يطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية في اختطاف الاحتلال لجثامين الشهداء وسرقة أعضائهم//       فلسطين:شهداء وجرحى جراء عدوان الاحتلال المتواصل لليوم الـ 306 على قطاع غزة//حماس تعلن اختيار يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي//24 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       مذكرة تفاهم بين جامعتي البعث والبترول التكنولوجية الإيرانية // وضع مركزي تحويل كهربائيين جديدين بالخدمة في السويداء//صحة السويداء تستلم سيارات إسعاف لتلبية احتياجات المواطنين//