جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية المجلس الثقافي

الصدق في حياة الأفراد والمجتمعات: أساس الثقة وبناء القيم في زمن التحديات | بقلم: المدرسة الوسطية
الصدق في حياة الأفراد والمجتمعات: أساس الثقة وبناء القيم في زمن التحديات



بقلم: المدرسة الوسطية  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
07-09-2025 - 117

يُعد الصدق من أسمى القيم الإنسانية التي بُنيت عليها الفطرة السليمة، وغُرست في ضمير الإنسان كمعيار حاسم للتمييز بين الصواب والخطأ، وهو في التصور الإسلامي قيمة مركزية لا تقتصر على المجال الأخلاقي الفردي، بل تمتد لتشكل أساسًا متينًا من أسس بناء المجتمع السليم. فالصدق لا يُعد مجرد سلوك فردي مطلوب في المعاملات أو الأقوال، بل هو نمط حياة شامل يُترجم في المواقف والتوجهات والقرارات ويُعد مؤشرا دقيقًا على رقي المجتمع واستقامته. وفي زمن تتسارع فيه التغيرات الثقافية والاجتماعية وتتداخل فيه وسائل الاتصال الحديثة وتتوسع فيه دائرة التأثيرات الخارجية، باتت الحاجة إلى ترسيخ هذه القيمة أكثر إلحاحًا، ليس فقط من الناحية الأخلاقية ولكن أيضًا من أجل صيانة التماسك المجتمعي وبناء الثقة العامة.

وتبرز أهمية الصدق اليوم في الحياة اليومية من خلال دوره الحاسم في دعم العلاقات الإنسانية، إذ لا يمكن أن تستقيم علاقة زوجية أو شراكة اقتصادية أو علاقة تعليمية دون حد أدنى من الثقة، وهذه الثقة لا يمكن أن تقوم إلا على أساس من الصدق المتبادل. كما أن الصدق يسهم في بناء بيئة يسودها الأمن النفسي والوضوح، ويقلل من انتشار الإشاعة والتضليل، ويمنح الفرد والمجتمع قدرة على اتخاذ قرارات مبنية على الحقيقة لا الوهم. لذلك فإن غياب الصدق يهدد البنية الأخلاقية داخل المجتمعات ويفتح الباب لتصدعات خطيرة في الثقة العامة، ما ينعكس سلبا على العلاقات الاجتماعية ومؤشرات التنمية والنمو.

ومن هنا تنبثق مجموعة من الإشكاليات الجوهرية التي يسعى هذا الموضوع إلى الإجابة عنها، مثل: كيف يمكن فهم الصدق بوصفه قيمة جماعية تؤثر في البنية المجتمعية لا مجرد خلق فردي؟ ما أثر التزام الأفراد بالصدق على استقرار العلاقات الاجتماعية وبناء الثقة؟ إلى أي مدى يسهم الصدق في الحد من مظاهر الفساد الأخلاقي والانحراف السلوكي؟ وهل يمكن للصدق أن يكون قاعدة لبناء بيئة تعليمية ومهنية قائمة على الشفافية والعدالة؟ وما هو دور الصدق في ترسيخ المصداقية داخل مؤسسات الإعلام والسياسة والدين؟ وكيف نعيد ترسيخ هذه القيمة في مجتمع بات يعاني من تفشي صور متعددة من التزييف والخداع؟

إن معالجة هذه التساؤلات والبحث في أبعادها المختلفة سيمكننا من إعادة اكتشاف الصدق لا كفضيلة روحية فحسب، بل كقيمة اجتماعية واقتصادية وسياسية ضرورية لاستمرار الحياة المجتمعية في توازنها وأمانها.

الصدق كقيمة إنسانية تؤسس للتواصل الإيجابي في المجتمع

يُعد الصدق من القيم الإنسانية الأساسية التي تضع حجر الأساس في بناء تواصل فعّال وإيجابي بين أفراد المجتمع، فهو ليس مجرد فضيلة أخلاقية تُمارس في لحظات بعينها بل هو عنصر جوهري في تشكيل طبيعة العلاقة بين الإنسان ونظيره الإنساني، إذ يُعبّر الصدق عن وضوح النية ونقاء السريرة وسلامة القول، مما يجعل التفاعل بين الأفراد أكثر سلاسة واستقرارا. فحين يتحدث الإنسان بصدق فإنه يُزيل الحواجز النفسية بينه وبين الآخرين ويمنحهم شعورا بالأمان والثقة، وهاتان القيمتان تمثلان العمود الفقري لأي حوار ناجح أو علاقة إنسانية مستدامة.

فالبيئة الاجتماعية التي يسود فيها الصدق هي بيئة يسهل فيها الفهم المتبادل، لأن المعلومات تنتقل بوضوح والنيات تُفهم من غير تردد أو التباس، وهو ما يقلل من التوترات الناتجة عن التأويل الخاطئ أو الظنون أو الشكوك. كما أن الصدق يحد من مشاعر الريبة ويضعف احتمالات الغدر أو الخيانة أو الاستغلال، وهي مظاهر تُفكك العلاقات وتفسد النسيج الاجتماعي، ومع مرور الوقت تتحول الممارسة الصادقة إلى عادة يومية تنعكس على جو العمل والأسرة والمدرسة وسائر العلاقات الاجتماعية، فيتحول المجتمع كله إلى كيان يتنفس الشفافية ويتجنب التعقيدات الناتجة عن الكذب والخداع والتستر.

كما أن الصدق يعزز ثقافة الحوار البناء، لأنه حين تكون المعلومة التي تُقدّم خالية من التزييف فإن الطرف الآخر يشعر بقيمته ويمنحها الاحترام اللازم، كما يساعد الصدق على الاستماع الفعلي وليس مجرد السماع، لأنه يُشعر المحاور بأن ما يُقال له ليس مجاملة ولا تحايلا بل هو حقيقة تستحق التفهم، وهذا يولد بدوره شعورًا بالتقدير المتبادل ويقلل من الرغبة في الانتصار على الآخر ويزيد من احتمالات الوصول إلى حلول وسطى في الخلافات.

وفي المؤسسات المهنية والتعليمية والإدارية يتجلى أثر الصدق بشكل أكبر، إذ يصبح هو المفتاح نحو بناء فريق عمل متعاون وبيئة يسودها الانضباط والثقة المتبادلة، فإذا توافر الصدق في التقارير والنتائج والإفادات أصبحت بيئة العمل قائمة على الكفاءة لا على المجاملة، وإذا ساد الصدق بين الطالب والمعلم نشأت علاقة احترام وثقة ترفع من التحصيل وتمنع الغش والتلاعب، وإذا تكرس الصدق في الإعلام والثقافة والسياسة بات للمجتمع وعي سليم قادر على اتخاذ قراراته بناء على الحقائق لا الأوهام.

ولذلك فإن الصدق لا يُقاس فقط بمدى التزام الأفراد به في أقوالهم بل بمدى تأثيره في طبيعة العلاقات التي يشكلونها مع الآخرين، وبقدر ما تكون المجتمعات صادقة في تواصلها بقدر ما تقترب من الاستقرار والعدالة والانسجام الداخلي وتبتعد عن النزاعات وسوء الفهم والانقسام الاجتماعي.

أثر الصدق على بناء الثقة داخل المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية

يُعد الصدق حجر الزاوية في بناء الثقة داخل كل مؤسسة اجتماعية أو اقتصادية، سواء كانت الأسرة أو المدرسة أو مكان العمل أو المؤسسات العامة، فحضور الصدق في هذه البيئات لا يعني فقط التزاما أخلاقيا مجردا بل هو شرط ضروري لبناء منظومة فعالة يسودها الاستقرار والتفاهم المتبادل. فإذا بدأنا بالأسرة نجد أن الصدق بين أفرادها وخصوصا بين الوالدين والأبناء يُشكل الأرضية التي تُزرع عليها بذور الثقة، لأن الطفل الذي ينشأ في بيئة صادقة يشعر بالأمان ويتعلم أن الحقيقة ليست شيئا مخيفا بل قيمة نبيلة، كما أن الصدق يُجنبه مشاعر الشك والارتباك التي تُولدها التناقضات في سلوك الكبار فينشأ صادقا وواثقا من نفسه وواثقا من الآخرين.

أما في البيئة المدرسية فالصدق بين المعلم وتلامذته وبين الإدارة وأولياء الأمور يولد مناخا تعليميا إيجابيا، فالمعلم الصادق في تعامله وتقييمه يبني جسورا من الثقة والاحترام تجعل الطلاب أكثر قبولا للنصيحة وأكثر حرصا على التعلم، كما أن الشفافية في التعامل مع الأخطاء والانجازات تخلق بيئة يشعر فيها الطالب أن مجهوده معترف به وأنه لن يُظلم، وهذا ما يعزز شعوره بالانتماء ويغرس فيه القيم الأخلاقية بطريق غير مباشر.

وفي مجال العمل يُعد الصدق أساسا للثقة المتبادلة بين الموظفين والإدارة، فحين يلتزم الطرفان بالوضوح في الحقوق والواجبات وتقييم الأداء، فإن ذلك يرفع من مستوى الرضا الوظيفي ويخلق جوا من الإنتاجية العالية. فالعامل الصادق يُوثق به ويُعتمد عليه، والإدارة الصادقة تُكسب ولاء الموظفين، وهو ما يؤدي إلى خلق فرق عمل متماسكة تتعاون بصدق وتفانٍ من أجل تحقيق الأهداف المشتركة.

وفي المؤسسات الاقتصادية الكبرى والحكومية يتجلى أثر الصدق في المعاملات والقرارات الإدارية والمالية، إذ أن غياب الشفافية يؤدي إلى انتشار الفساد والمحسوبية وإهدار المال العام، أما الصدق فيُسهل المعاملات ويوفر الوقت والجهد ويمنع تضارب المصالح ويزيد من فاعلية الأداء المؤسساتي، ومن ثم يتحقق مفهوم العدالة الاجتماعية لأن الجميع يشعرون أن الحقوق تُمنح وفق معيار الكفاءة والاستحقاق لا وفق الواسطة أو الكذب.

كما أن الصدق يعزز من ثقة المواطنين بالمؤسسات العامة، ويشجعهم على المشاركة المجتمعية، وعلى والالتزام بالنظام، لأنهم يرون أن القوانين تطبق بعدل وشفافية، وهو ما يُعد عاملا أساسيا في استقرار الدولة وتنميتها. فالمجتمعات التي تُدار بالصدق تُزهر فيها فرص الإصلاح والتطور وتُبنى فيها جسور الثقة بين الفرد والمؤسسة.

وبالتالي فإن الصدق ليس مجرد سلوك شخصي بل هو سياسة بناء وتدبير ومقوم استراتيجي في نجاح المؤسسات بكل مستوياتها، وإذا ما تم تفعيله بوعي داخل البنى الاجتماعية والاقتصادية فإنه سيقود بالضرورة إلى بيئة يسودها الأمان والفعالية والمصداقية.

الصدق كعنصر من عناصر الأمن الاجتماعي والنفسي

يُعتبر الصدق أحد الركائز الأساسية لتحقيق الأمن بشقيه الاجتماعي والنفسي في حياة الأفراد والجماعات، فحين يلتزم الناس بالصدق في تعاملاتهم وأقوالهم وسلوكهم فإنهم يُسهمون بشكل مباشر في خلق مناخ عام من الثقة والاطمئنان. هذا الالتزام الصادق يُقلل من مشاعر الشك والقلق التي تنشأ عادة نتيجة الغموض أو الكذب أو المراوغة، فالمجتمع الذي يسوده الصدق هو مجتمع يُشعر أفراده بالأمان، لأن كل شخص يعلم أن الآخرين لا يخفون عنه الحقائق ولا يسعون إلى تضليله أو خداعه فيُصبح التفاعل اليومي أكثر بساطة وأكثر عمقًا.

والصدق أيضاً يمنح النفس استقرارًا داخليًا ويقلل من التوتر الناتج عن تضارب الأقوال أو تضارب المواقف، فالشخص الصادق لا يحتاج إلى تبرير مواقفه باستمرار ولا يعيش قلقًا دائمًا من أن يُكشف كذبه أو يُحاسب على مراوغاته، وهذا ما يجعله أكثر صفاءً وهدوءًا نفسيًا وأقدر على بناء علاقات طويلة الأمد قائمة على الصراحة والثقة المتبادلة، في المقابل فإن الكذب يُتعب النفس لأنه يُجبر صاحبه على نسج روايات وهمية متراكبة يصعب التحكم بها وقد تؤدي به في النهاية إلى العزلة أو الفضيحة أو فقدان السمعة.

أما على المستوى الاجتماعي فإن التزام الأفراد بالصدق يُقلل من نسب الخيانة والغش والاحتيال التي تُعد من أبرز أسباب تفكك العلاقات، سواء داخل الأسرة أو في محيط العمل أو في العلاقات الاقتصادية. هذه السلوكيات عندما تُستشري في المجتمع تُزعزع الثقة بين الناس وتُكرّس مبدأ الشك العام بحيث يصبح الإنسان غير قادر على تصديق من حوله، فيخاف من الاستثمار ويخشى من التعاقد ويتوجس من كل وعد يُعطى له، وهذا ما يُهدد الاستقرار العام ويُضعف فرص النمو والتعاون.

وفي البيئات التي يغيب فيها الصدق تنتشر مظاهر الخداع والنفاق وتصبح العلاقات مبنية على المصالح الضيقة لا على القيم الثابتة، وهذا يؤثر سلبًا على تماسك المجتمع ويزيد من حالات التوتر والتفكك ويُعزز ظواهر العنف الاجتماعي، لأن الكذب يفتح الباب للغدر وسوء الظن والانقسام الداخلي، بينما يخلق الصدق حالة من الانسجام والوضوح تعزز الانتماء وتجعل الإنسان يشعر أن مجتمعه بيته الآمن.

كما أن الصدق يُعتبر عنصرا حاسما في القضاء على الفساد، لأن معظم أشكاله تقوم على إخفاء الحقيقة أو تزويرها أو تقديم المصالح الخاصة على المبادئ الأخلاقية. فالمجتمع الذي يُقدس الصدق يرفض الفساد ولا يُسهم فيه بل يُقاومه بكل الطرق الممكنة، لأن هذا الفساد يُعد تهديدًا مباشرًا للأمن المجتمعي والعدالة والتكافؤ في الفرص.

ومن ثم فإن الصدق لا يحقق فقط سكينة داخلية للفرد، بل يُسهم أيضًا في تحقيق أمن اجتماعي شامل يُعزز الاستقرار ويُشجع على التعاون ويُوطد العلاقات بين الناس على أسس سليمة، ومن هنا فإن تربية الأجيال على قيمة الصدق يجب أن تُعد أولوية في السياسات التربوية والثقافية لأنه متى استقام الصدق استقامت المجتمعات واطمأنت النفوس.

أهمية الصدق في التربية وبناء الشخصية منذ الطفولة

يُعد الصدق من أسمى القيم التي يجب أن تُغرس في نفوس الأطفال منذ سنواتهم الأولى، لأنه يشكل حجر الزاوية في بناء شخصية متوازنة قادرة على التفاعل مع الحياة بوضوح وأمانة. فالتربية الأخلاقية في مرحلة الطفولة ليست مجرد تلقين لمجموعة من الأوامر أو التحذيرات وإنما هي عملية تربوية متكاملة تُشكِّل الوجدان وتبني الضمير الداخلي وتؤسس لمعالم الشخصية المستقبليّة، ولعل من أبرز ما يُكسب هذه التربية قوتها واستمراريتها هو غرس قيمة الصدق كعادة يومية وكنمط تفكير وسلوك يُرافق الطفل في جميع مواقفه وتعاملاته.

وتلعب الأسرة الدور الأول في هذا البناء، فحينما يرى الطفل والديه صادقين في وعودهما صريحين في حديثهما واضحين في تواصلهم، فإنه يكتسب هذا السلوك بالتقليد والمالحاجة إلى كثير من التوجيه المباشر، أما إذا وجد الكذب مباحا في المواقف الصغيرة أو المجاملات الاجتماعية أو حتى في التهرب من المسؤوليات فإنه يتشرب هذا النمط ويعتبره أمرا طبيعيا قابلا للتكرار، وهذا ما يُحدث شرخا في قيمه الداخلية قد يمتد معه إلى مراحل متقدمة من العمر ويجعله يبرر الكذب عندما يناسب مصالحه أو يجنبه الإحراج.

كما أن المدرسة هي الحاضنة الثانية التي يُفترض أن تواكب الأسرة في هذا الدور التربوي، فالمعلم الصادق في تقييمه وفي مواقفه وتعاملاته يُرسل رسائل تربوية قوية تفوق بكثير تأثير الكلمات والدروس النظرية، ومن هنا يصبح المناخ المدرسي العام بيئة حية لتجسيد هذه القيمة وترسيخها في سلوك الطالب، من خلال أنشطة تحفز على الصدق في التعبير وفي قول الحقيقة حتى عند الوقوع في الخطأ، مع تشجيع الطالب على تحمل تبعات أفعاله بصدق دون خوف أو تردد وهو ما يُنمي في داخله روح المسؤولية والوضوح.

إن الطفل الذي ينشأ في بيئة تُعلي من قيمة الصدق سيكبر وهو يثق بأن قول الحقيقة فضيلة وليس ضعفا، وسيدرك أن وضوحه مع ذاته ومع الآخرين يُسهل عليه بناء علاقات صحية خالية من التوتر والريبة، وسيتمكن بمرور الوقت من اتخاذ قرارات ناضجة مبنية على الإدراك السليم للواقع لا على التهرب من تبعاته. وهكذا يُصبح الصدق عاملا مباشرا في تعزيز ثقة الطفل بنفسه وفي تنمية قدرته على التواصل الصادق مع محيطه.

وتكمن أهمية الصدق أيضا في كونه يُجنب الطفل الكثير من المشاعر السلبية المرتبطة بالكذب، كالشعور بالذنب أو الخوف من الفضيحة أو الإرباك الناتج عن تكرار الكذب لحماية الكذبة الأولى، وكلها مشاعر تُضعف التركيز وتُشتت الذهن وتُؤثر على التحصيل الدراسي والعلاقات الاجتماعية، بينما يُريح الصدق النفس ويُغذيها بالسكينة ويُشعر الطفل أنه يعيش في انسجام داخلي وتوازن نفسي يُمكّنه من الاستقرار العاطفي والنجاح الأكاديمي والاجتماعي.

ومن هنا يتضح أن التربية على الصدق ليست ترفا أخلاقيا، بل ضرورة نفسية وتربوية تُنتج أفرادا ناضجين قادرين على تحمل المسؤولية وبناء علاقات إنسانية راقية يسودها الوضوح والثقة والتفاهم، ويشكلون في النهاية لبنات مجتمع أكثر تماسكا واستقامة ووعيا.

الصدق والإعلام الحديث: من الحقيقة إلى التضليل

أصبح الصدق في العصر الحديث واحدا من أكثر القيم عرضة للاهتزاز في ظل الطفرة الإعلامية التي يشهدها العالم اليوم، فقد انتقل الإعلام من كونه وسيلة لنقل الحقيقة وتنوير الرأي العام إلى فضاء يتداخل فيه الصدق بالكذب، وتُموَّه فيه الحقائق من أجل التوجيه أو التلاعب أو تحقيق المصالح. وهنا تبرز إشكالية عميقة تتعلق بتأثير الإعلام الحديث ووسائل التواصل الاجتماعي على فهم الناس للصدق وعلى وعيهم بالقضايا وعلى تمثلاتهم الأخلاقية.

إن وسائل الإعلام التقليدية والحديثة تمتلك قدرة هائلة على تشكيل الرأي العام، بل وعلى إعادة صياغة الواقع نفسه من خلال اختيار ما يتم تقديمه من أخبار وصور ومقاطع وتحاليل. فالصدق لم يعد فقط مرتبطا بمحتوى الخبر بل أصبح مرهونا أيضا بطريقة عرضه وتوقيته وسياقه، وهذه كلها أدوات توجيهية يمكن أن تحوِّل الخبر الصادق إلى أداة تضليل حين يُفهم بطريقة غير متكاملة أو يُستخدم لإثارة الغرائز لا لبناء الوعي.

كما أن وسائل التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص قد أضافت تعقيدا جديدا على مفهوم الصدق، ذلك أن الجميع اليوم أصبح منتِجا للمعلومة وناشرا لها مما أدى إلى تراجع السلطة الأخلاقية للمعلومة، إذ لم يعد هناك من يتحمل مسؤولية التحقق من صدق ما يُنشر، بل صارت السرعة في التفاعل والانبهار بالمحتوى والبحث عن الشهرة عوامل أقوى من الالتزام بالحقيقة. وقد أدى ذلك إلى انتشار واسع للمعلومات الزائفة والشائعات ونظريات المؤامرة والخطاب الموجَّه، وكل هذا يشكل تهديدا مباشرا لقيمة الصدق في الوعي الجماعي.

كما أن خطورة الكذب الإعلامي لا تقتصر على تزييف الواقع فحسب، بل تمتد لتُحدث شرخا في الثقة بين الأفراد وبينهم وبين المؤسسات، إذ أن تكرار الخداع الإعلامي يجعل الأفراد أكثر شكا وأقل ثقة في أي معلومة، مما يؤدي إلى بناء مجتمع هش تملؤه الريبة والشك وتضعف فيه الروابط المجتمعية القائمة على الثقة والتعاون، وهذا ما يُفسد القيم التربوية وينسف روح المواطنة

 

لا يوجد صور مرفقة 

الحروب واثرها على الاطفال
بقلم: رزان نجار

في مواجهة مخطط التهجير
بقلم: المركز الفلسطيني للاعلام



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب المدرسة الوسطية |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2025
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       64 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       فلسطين- غزة:ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 41118//وزارة الصحة الفلسطينية: 13 شهيداً جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مناطق متفرقة في قطاع غزة منذ فجر اليوم//وسائل إعلام فلسطينية: شهيدان جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلاً بحي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة//خمسة شهداء في قصف الاحتلال حي الزيتون ومخيم جباليا//       ندد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة، واصفاً الحادثة بالمروعة.// سابق يوم جديد من عملية طوفان الأقصى.. أبرز التطورات التالي العدو الإسرائيلي يواصل اعتداءاته على الجنوب اللبناني//       القوات الروسية تطهر 10 بلدات وقرى من قوات نظام كييف في كورسك//تنديد دولي باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة//       أحبار الأمة والعالم :المقاومة اللبنانية تستهدف مستوطنتي روش هانيكرا ومتسوفا بالصواريخ//كوبا تدعو المثقفين السوريين لدعم الرسالة المناهضة لإعادة إدراجها على قائمة الدول الراعية للإرهاب//       ستشهاد مواطنين اثنين جراء عدوان إسرائيلي بمسيرة على ريف القنيطرة//       المقداد لـ مانزي: نرحب بالعمل مع الوكالات الأممية وتسهيل عملها//تمديد فترة قبول طلبات المشاركة في منافسات الموسم الجديد من الأولمبياد العلمي السوري//الزراعة تناقش آليات دعم بذار القمح والأعلاف واستبدال بساتين الحمضيات الهرمة//       الاحتلال الإسرائيلي يسلم الصليب الأحمر جثامين 84 شهيداً قتلهم خلال عدوانه على قطاع غزة//المقاومة الفلسطينية توقع عدداً من جنود الاحتلال قتلى ومصابين جنوب قطاع غزة// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا)// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا) التالي وسائل إعلام لبنانية: استشهاد ٤ أشخاص جراء غارة لطيران العدو الإسرائيلي على بلدة مفيدون جنوبي لبنان//       نزوح قسري لآلاف الفلسطينيين من شمال قطاع غزة//39653 شهيداً منذ بدء الاحتلال عدوانه على قطاع غزة//وزارة التربية الفلسطينية: أكثر من 10 آلاف طالب استشهدوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//المكتب الإعلامي في غزة يطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية في اختطاف الاحتلال لجثامين الشهداء وسرقة أعضائهم//       فلسطين:شهداء وجرحى جراء عدوان الاحتلال المتواصل لليوم الـ 306 على قطاع غزة//حماس تعلن اختيار يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي//24 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       مذكرة تفاهم بين جامعتي البعث والبترول التكنولوجية الإيرانية // وضع مركزي تحويل كهربائيين جديدين بالخدمة في السويداء//صحة السويداء تستلم سيارات إسعاف لتلبية احتياجات المواطنين//