إنتهت بإستشهاد القائد التاريخي الشهيد السيد حسن نصر الله مرحلة نهوض واعدة في تاريخ العرب المعاصر ، ومن المنتظر أن تعقبها مرحلة جديدة من الصعب الإحاطة بمعالمها في الوقت الحاضر . غير أنه يمكن البدء بإستشرافٍ يطرح أسئلةً خمسة مفتاحية ومحاولة الإجابة بكثير من الأناة والموضوعية .
السؤال الأول : هل تتلاشى مكاسب وافرة كان حققها حزب الله بإستشهاد السيد القائد أم سيبقى منها قدْر يمكّن خليفته وسائر اركان القيادة من الترسمل عليه لتجديد حركة نهوض الأمة بقيادات جديدة مقتدرة وملتزمة نهجاً نضالياً طويل التَفَس لتحقيق الأهداف المرجوة ؟ ولعل السؤال ذاته مطروح على سائر قيادات المقاومة الفلسطينية والعربية التي عاصرت القائد الشهيد وواكبته وتعاونت معه في مواجهة الكيان الصهيوني وحليفه الاميركي الدائم ، ذلك أنها ستجد نفسها مضطرةً ، لسبب او لآخر، الى التنحي في قابل الأيام لتتولى اجيال جديدة من القياديين مهام ادارة الصراع محلياً او بالتعاون مع حركات مقاومة اخرى داخل محور المقاومة او خارجه .
السؤال الثاني : كان السيد حسن نصر الله القائد الميداني الأبرز بين قادة محور المقاومة . من تراه سيكون خليفته في قيادة حزب الله ؟ وهل سيكون في مقدور القائد الجديد واركان القيادة متابعة الخط النضالي الذي تميّز به السيد نصرالله بوتيرةٍ مماثلة او ربما بوتيرة أدنى ؟ وهل سيكون في مقدوره ان يضطلع بدورٍ مماثل للسيد نصرالله بين قادة محور المقاومة ؟ وماذا سيكون نهجه في حمأة الصراع المحموم الدائر حالياً في فلسطين المحتلة كما على حدود لبنان معها ، خصوصاً بعد إتضاح تطلعات بنيامين نتنياهو في خطابه الأخير في الجمعية العامة للأمم المتحدة وعزمه (بالتعاون مع حليفه الاميركي ) على رسم معالم شرق اوسط جديد خاضع لهيمنة الغرب الأطلسي؟
السؤال الثالث : لمن ستؤول مقاليد القيادة في حركات المقاومة الفلسطينية وسائر قوى المقاومة العربية ، داخل محور المقاومة وخارجه ، المنخرطة في الصراع المحموم الدائر حالياً في قطاع غزة والضفة الغربية وعلى حدود فلسطين المحتلة مع لبنان ؟ هل ستتابع هذه القيادات الجديدة الصراع الدائر حالياً بضراوةٍ متصاعدة مع العدو الصهيوني وحلفائه على الأسس ذاتها التي إتسم بها نهج القائد الشهيد ومَن تعاون معهم في صفوف قيادات المقاومة في فلسطين واليمن والعراق ؟
السؤال الرابع : كيف ستواجه أطراف محور المقاومة تحديات المرحلة الجديدة، لاسيما بعدما تنتهي معركة الإنتخابات الرئاسية الأميركية وإتضاح هوية الرئيس الفائز ونهجه في ادارة الولايات المتحدة كما إدارة سياسة الغرب الأطلسي ؟
السؤال الخامس : كيف تراه سيكون العالم المعاصر بعد تبلور علاقات القوى المتصارعة في عالمنا العربي وفي الإقليم وإنجلاء الصراعات المشار اليها آنفاً او تعقّدها ؟ وهل سترتفع القوى النهضوية العربية الى مستوى التحديات الماثلة فتسارع الى التضامن فيما بينها كمنطلق أساس لنقد تجاربها السابقة وبالتالي إجتراح مسار جديد ونهج نضالي فاعل في إطارٍ من الوحدة الوطنية والحوار الديمقراطي الهادف داخل أقطارها ، وبإعتماد إستراتيجية جديدة في مواجهة الكيان الصهيوني وحلفائه في دول الغرب الأطلسي قوامها المقاومة الميدانية والمدنية ، والمقاطعة الإقتصادية الشعبية لمنتجات وبضائع الدول الحليفة والمساندة للعدو الصهيوني ، والملاحقة القضائية الجادة للمسؤولين الرسميين وغير الرسميين الفاسدين والمتواطئين مع قوى الهيمنة الخارجية امام المحاكم الوطنية ، وخصوصاً امام محكمة الجنايات الدولية .
ثمة مرحلة جديدة حُبلى بالمتغيرات ، بل نحن امام زمن مغاير مترع بتحديات إستثنائية وخطيرة يقتضي ان يستعدّ النهضويون العرب لمواجهتها متحدين وبلا إبطاء.