أنا أعلم بأن البيع والشراء بالدرجة الأولى تتم على السلع و الملكيات الخاصة من أراضٍ و ماشية ، ويكون هناك عقود ومواثيق موقعة تضمن حقوق أطراف العقد ، وإن تعداها الأمر باتجاه البشر والأوطان ، فالأمر لن يعود تحت عنوان البيع والشراء ، بل تحت عناوين مثل ، النخاسة أو الخيانة.
إن من يتكلم عن بيع الجولان ، فهو لا يتكلم عن بيع وشراء ، إلا إذا كان غبيا ، فالأوطان ليست أملاكا خاصة ، فهو إذا يتكلّم عن خيانة ، والتخوين ليس كلمة تقال بحق الآخرين ونمضي ، خصوصا إذا كانت بحق شخصية كبيرة لها قاعدتها الشعبية وتاريخها الكبير والطويل ، لذلك يجب أن تقترن التهمة بالأدلة غير القابلة للنقض او الدحض ، لكن إذا وجد ما يدحض هذه التهمة ، فعلى الذين يروّجون لتلك التهمة الإعتذار والتراجع ، وإلا فهم في صف من يريد احتلال الجولان ، وهو العدو الصهيوني ، وبالتالي هم عملاء و خونة لبلادهم ، أما الدليل على بطلان هذه التهمة ، فهو قرار مجلس الأمن سنة 1981 رقم 497 ،وهو قرار بدأ بيان مجلس الأمن بالعبارة التالية :
(إن مجلس الأمن،
وقد نظر في رسالة الممثل الدائم للجمهورية العربية السورية، المؤرخة في 14 كانون الأول/ديسمبر 1981 والمنشورة في الوثيقة (S/14791)
وإذ يؤكد مجدداً أن الاستيلاء على الأراضي بالقوة غير مقبول بموجب ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ).
من كان رئيس الجمهورية في تلك الفترة ، ألم يكن الرئيس حافظ الأسد ؟!
أليس هو المخول بالطلب من ممثل سوريا الدائم بمجلس الأمن إرسال تلك الرسالة المتضمنة رفض ضم الجولان للكيان الصهيوني ؟!
فلو كان يريد التخلي عن الجولان او باعها كما يحلو للبعض القول ، فهي فرصته الكبرى لتقديم فروض الطاعة للصهاينة ،لكنه رفض ، وكان لرفضه فعل استصدار ذلك القرار الذي يحفظ إلى الآن حق وشرعية سورية بالجولان .
لم أتكلم عن القرار 242 ، فهو قرار صدر سنة 1967 بطلب من مصر ، كي لا يقال ان الرئيس حافظ الأسد لم يكن رئيسا حينها ، لذلك تكلمت عن قرار مجلس الأمن الأخير الذي كان في عهد الرئيس حافظ الأسد .
لذلك أقول : من السهل اتهام القادة بالخيانة دون أدلة ،لكن ليس من السهل التصدي لمفاعيل تلك الاتهامات في ظرف تتربص به القوى الاستعمارية للإستفادة من أي فرصة كفرصة التخوين هذه ، فلو تحدث البعض عن أخطاء غير مقصودة ، لنفينا صفة الخيانة عنهم ،وتناقشنا بالموضوع ، فكلنا معرض للخطأ ، لكن مسألة التخوين دون إثباتات ، وبوجود براهين النفي ، هو الخيانة بعينها ، سيما وأنه يعرض الأوطان للحروب والإنقسامات و خسارة أجزاء غالية من الوطن ، عندها نكون محقين في القول ،أنتم من بعتم الوطن