تم الاعلان عن مشروع الممر الهندي من قبل الرئيس الاميركي جو بايدن وولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قمة العشرين في نيودلهي في 10 أيلول 2023
يبدأ مسار الممر الاقتصادي بحرياً من الهند، ذات الشريط الساحلي الطويل على المحيط الهندي وبحر العرب، وتحديداً من مواني مدينة مومباي، مروراً ببحر العرب إلى ميناء دبي الإماراتي، ثم يبدأ مسار خط السكك الحديدية من منطقة الغويفات الإماراتية، مروراً بالأراضي السعودية نحو جنوب الأردن، ثم إلى مدينة حيفا الساحلية في فلسطين المحتلة ثم يعود من جديد المسار عبر البحر من حيفا بالبحر المتوسط إلى ميناء بيرايوس اليوناني، ثم يعود مجدداً المسار البري من اليونان إلى داخل أوروبا.
تتعدد وتتنوع البنية التحتية العابرة للقارات (خطوط الربط) للممر المقترح، إذ تتعدى بنيته التحتية مسألة الخط الواحد، كما هو الحال في عديد من الممرات الدولية المطروحة، إلى خطوط إضافية تخدم أغراضاً متعددة، بإنشاء خط أنابيب لتصدير الهيدروجين النظيف، ومدّ كابل للكهرباء وكابلات للاتصالات الرقمية بجانب السكك الحديدية لتعزيز أمن إمدادات الطاقة العالمي.
على الصعيد الاقليمي، من شأن الممر الاقتصادي أن يهمش دور دول محور المقاومة لناحية تقليص أهمية مضيق هرمز الذي تسيطر عليه إيران، وكذلك دور مضيق باب المندب الذي يتحكم به انصار الله في اليمن، وكذلك تقليص دور ميناء البصرة، ودور لبنان وسوريا باعتبارهما دولتين متشاطئتين للبحر المتوسط ويضع هذه الدول على هامش هذا الممر الاقتصادي.
أما على الصعيد العالمي، فان الممر الهندي من شأنه أن يكون بديلا أو منافسا قويا لمبادرة الحزام و الطريق الصينية ، وكذلك يوفر خطوط جديدة لامدادات الطاقة من النفط والغاز لاوروبا بما يتيح للدول الغربية الحصول على بديل من امدادات الطاقة الروسية. وهذا سيشكل ضربة قاسية لكل من روسيا والصين.
يبقى السؤال لماذا ينبغي القضاء على فصائل المقاومة في غزة لتأمين نجاح مشروع الممر الهندي؟
الجواب هو ان التطبيع بين الكيان الصهيوني والسعودية، والذي يعتبر حجر الأساس في انجاز مشروع الممر الاقتصادي الهندي، لن يتحقق إلا من خلال نجاح اسراويل في سحق حركات المقاومة في قطاع غزة اولا وفي لبنان لاحقا، لان هذا الامر وحده يمكنه أن يجعل الممر الاقتصادي بمنأى من استهدافه من قبل المقاومة في لبنان وقطاع غزة والتي ستكون قادرة على تهديده في أي وقت تشاء، فضلا عن ان السعودية ستكون محرجة في استكمال التطبيع مع الكيان الصهيوني في حال عجزه عن الانتصار في المعركة في قطاع غزة.
اذن، الحرب في قطاع غزة لها ابعادها المرتبطة بالقضية الفلسطينية وابعادها المرتبطة بالصراعات الاقليمية وابعادها المرتبطة بالصراعات العالمية. وعليه، فإنّ حرب غزة هي حرب بين القوى الغربية بزعامة الولايات المتحدة الاميركية وبين القوى المعادية لها، والتي تسعى الى اقامة عالم متعدد الاقطاب خارج الهيمنة الغربية. ولذلك لن يسمح محور المقاومة للكيان الصهيوني، كما قال سماحة السيد حسن نصر الله بأن يهزم المقاومة في قطاع غزة، وهو يتدخل وفق متطلبات الميدان في قطاع غزة. وفي حال رأى محور المقاومة ضرورة لشن حرب مفتوحة وموسعة فلن يتردد في ذلك. وكذلك فان الصين وروسيا اللتين تراقبان مجريات الصراع في قطاع غزة تتصرفان وفق معطيان الميدان في غزة. وفي حال نشوب حرب موسعة في المنطقة فلن تتردد الصين وروسيا في التدخل وفق ما تراه مناسبا لمنع الولايات المتحدة والقوى الغربية من تحقيق انتصار يهدد كلا البلدين.
ومنذ الآن لا يمكن لأحد ان يتوقع ما ستؤول اليه الحرب في قطاع غزة والى اي مديات قد يتدحرج الصراع وهل سيبقى محصورا أم يأخذ ابعادا اقليمية وعالمية.