بقلم: نواف الزرو
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 20-08-2023 - 332 سرعان ما ظَهر التصعيد المتوقّع لتنظيم "داعش" في الساحة السورية، إنْ عبر زيادة نشاطه في تفخيخ العربات، أو في تلغيم طرق نقل رئيسة، أو حتى في تنفيذ هجمات دامية، طاولت آخرها حافلة مبيت عسكرية في ريف دير الزور، أدّت في محصّلتها إلى مقتل وإصابة عشرات الجنود، في وقت تواصل فيه واشنطن حشْد المزيد من قواتها في قواعدها غير الشرعية في المناطق النفطية السورية شرقاً، أو في قاعدة "التنف" في أقصى الجنوب الشرقي، والتي تعدّها كل من دمشق وموسكو قاعدة دعم وإمداد للتنظيمات "الإرهابية"، بما فيها "داعش". ويفسّر البيان العاجل الذي أصدرته الخارجية السورية، واتّهمت فيه الولايات المتحدة بالوقوف وراء التصعيد الأخير، ما تقدَّم؛ إذ أعقب تصريحات كان وزير الخارجية، فيصل المقداد، قد أطلقها من إيران، ودعا فيها القوات الأميركية إلى مغادرة البلاد "قبل إجبارها على ذلك"، ما يوضح حجم التوتّر المتزايد في الشرق والجنوب الشرقي السوري، ولا سيما أنه يترافق مع زيادة الولايات المتحدة حجم قوات الفصائل العربية التابعة لها، والحديث المتزايد حول مخطّط أميركي لوصل منطقة التنف بالقواعد الأميركية في ريف دير الزور، وبالتالي السيطرة على المعبر الرئيس الذي يصل سوريا بالعراق. وفي أول ردّ فعل روسي على التصعيد الميداني الملحوظ لتنظيم "داعش"، أَطلقت بوارج حربية روسية ترسو قبالة السواحل السورية في طرطوس، قذائف صاروخية نحو بنك أهداف جرى تسجيله عبر طائرات مسيّرة في وقت سابق في البادية السورية، قالت مصادر ميدانية إنها نقاط يتمركز فيها مقاتلون تابعون للتنظيم. وفيما يرتبط الردّ الروسي بشكل مباشر بتصعيد "داعش"، رأت مصادر ميدانية سورية، أن استعمال البوارج الحربية في تنفيذ هذه العملية "يحمل في طيّاته رسالة مباشرة إلى الولايات المتحدة، مفادها بأن الحضور الروسي محصّن، وبأن جميع المحاولات التي تجرّبها واشنطن للعودة بالزمن إلى ما قبل عصر الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، الذي قلّص الحضور العسكري الأميركي إلى أدنى مستوى ممكن، ووضع القوات في المناطق النفطية وقاعدة "التنف" فقط، لن تجدي نفعاً". وبعد أيام من تسجيل "مركز المصالحة الروسي" في سوريا ظهوراً هو الأول من نوعه لطائرة "إف-35" الشبحية الأميركية في الأجواء السورية، أعلن المركز أن الاختراقات الجوية الأميركية ما زالت مستمرّة، حيث تمّ تسجيل 14 خرقاً يوم الجمعة الماضي، في انتهاك مباشر لبروتوكولات "منْع التصادم"، موضحاً أنه "تمّ تسجيل 18 انتهاكاً من قِبَل طائرات التحالف الذي تقوده واشنطن في سماء مدينة التنف، التي تعبرها خطوط جوية دولية، وذلك من قِبَل 4 مقاتلات إف-35، ومقاتلتين من طراز تايفون، وطائرتَي رافال، بالإضافة إلى مسيّرتَين من طراز إم كيو-1 إس". في غضون ذلك، نفت مصادر سورية معارضة نقل قوات من فصائل المعارضة من الشمال السوري إلى منطقة التنف، موضحةً أنّ تواصلاً جرى بالفعل بين القوات الأميركية وبعض قادة الفصائل، بعلمٍ من أنقرة. غير أن هذا التواصل لم يفضِ، إلى الآن، إلى أيّ نتائج، في ظلّ استمرار الأوضاع الميدانية القائمة، وحملة التصعيد المستمرّة بين فصائل المعارضة التابعة لأنقرة في الشمال السوري و"قسد"، بالإضافة إلى تكثيف أنقرة طلعاتها الجوية عبر طائرات مسيّرة، وزيادة وتيرة الاستهدافات الجوية. وينذر ما تقدَّم باشتعال خطوط التماس في الشمال السوري، بالتوازي مع التسخين المستمر في الشرق والجنوب الشرقي الذي يشهد تدريبات يومية من قِبَل القوات الأميركية والفصائل التي قامت بتشكيلها، وآخرها تدريبات عملياتية جرت في محيط بعض المواقع النفطية، من بينها حقل "كونيكو"، واستعمال بعض الأسلحة الثقيلة، وتنفيذ مناورات تتعلّق بحماية القواعد الأميركية من هجمات مفترضة بالطائرات المسيّرة الانتحارية، وهي إحدى الوسائل التي تستعملها فصائل المقاومة في شنّ هجمات على المواقع الأميركية بين وقت وآخر. في ظل هذه الأجواء المتوتّرة، وحملة التصعيد المستمرّة، توقّعت مصادر ميدانية سورية محاولة تنظيم "داعش" شنّ مزيد من الهجمات، الأمر الذي قد يقدّم مبرّرات للولايات المتحدة لتوسيع حضورها العسكري الميداني تحت مظلّة "محاربة الإرهاب"، بالإضافة إلى إشغال الجيش العربي السوري بهجمات جانبية تسبّب نزفاً مستمراً للقوات وتصرف الانتباه عن التحشيد الأميركي المستمرّ.
لا يوجد صور مرفقة
|