بقلم: الدكتور طارق صياح حاتم
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 05-02-2023 - 2433 تتشابك الخيوط شيئاً فشيئاً و تتضارب الأنباء عن مستقبل التطبيع التركي السوري مع أن الأحداث كانت متسارعة بشدة و كانت الأنظار كلها تتجه لموسكو منتظرةً صورةً لوزراء خارجية الدول الثلاث لكن فجأةً تتعثر الأمور مرحلياً فما الذي حصل و ما هو المتوقع لهذه العلاقات؟! مع قيام الثورة في إيران سارعت سورية لتوطيد العلاقات الثنائية معها و المضي قدماً في تعزيزها و تنميتها و استطاع حافظ الأسد ربط سورية بعلاقاتٍ استراتيجية مصيرية و راسخة انطلاقاً من عدة مبادئ أهمها تحرير فلسطين و دعم حركات التحرر المناهضة للهيمنة الأمريكية و دعم القضايا المحقة في العالم و معاداة الكيان الصهيوني و بهذا فإن العلاقات الثنائية لم تكن علاقات عابرة قائمة على مصالح سياسية بل نابعة من عقيدة سياسية و مبادئ ثابتة مشتركة في عقيدتي الشعبين و القيادتين. منذ بدء الحرب الإيرانية كان حافظ الأسد يقظاً و مدركاً لأطماع صدام حسين في المنطقة فكان من أوائل المناصرين للشعب الإيراني في حربهم مع النظام العراقي السابق. بينما كان العرب؛ كل العرب جنباً إلى جنب مع صدام حسين في معركته. و بانتهاء الحرب الإيرانية توثقت العلاقات الثنائية أكثر فأكثر و تتوجت باتفاقيات سياسية و علمية و ثقافية و تقارب بين شعبي البلدين. و مع قدوم الأسد الابن ازدادت هذه العلاقات متانة و قوة يوماً بعد يوم ليدخل الإيرانيون جنباً إلى جنب مع الشعب السوري في حربه على الإرهاب و خاضوا مع جيش سورية أعتى الحروب و كانوا شركاءهم في الشهادة و القتال و النصر على الإرهاب الذي كان ختامه هزيمة تنظيم داعش الإرهابي. و لا تزال إيران الحليف الاستراتيجي التي تسير بخطى موزونة و ثابتة في دعمها اللامحدود سياسياً و عسكرياً و اقتصادياً بعيداً عن الضجيج الإعلامي دون كلل أو ملل. منذ لقاء رؤساء المخابرات و وزيري الدفاع من البلدين بحضور المضيف الروسي و التصريحات شبه اليومية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان و نائبه و وزيري دفاعه و خارجيته ظن المجتمع الدولي و المراقبون للشأن السوري أن التطبيع أمر واقع و هو مسألة وقتٍ فقط و ذهب البعض إلى أبعد من ذلك بكثير لا سيما بعد زيارة وزير الخارجية الإماراتي التي سارع المحللون لتصويرها كزيارة إماراتية لحث الأسد على التقارب مع تركية و ليكون للإمارات حصة في هذه المصالحة. بينما ذهب البعض إلى ابعاد إيران عن الموقف السوري و تحليلات سطحية للموقف غزت المنصات الإعلامية متناسية زيارة عبداللهيان لتركية و سورية منتصف العام المنصرم و متناسية العلاقات الثنائية القوية و أن إيران كانت حاضرة دوماً إلى جانب سورية و لم يخطر ببال بعض الساسة و المحللين أن إيران بالنسبة لسورية تملك مزايا لا يملكها بعض المتقربين من الأسد و هي أن إيران تعادي الكيان و هي معه في حالة حرب، و كذلك لا تخشى إيران المعاقبة اقتصادياً و سياسياً أمريكا و لايهمها رأي أمريكا في قراراتها السياسية و علاقاتها الدبلوماسية أضف إلى ذلك التقارب الفكري و السياسي على مدى عقود بين هذين البلدين ناهيك عن استقلالها السياسي و استقلالية قرارها السيادي. بينما لا يملك المتقربون من الأسد هذه المواصفات و لا يمكن لأحدهم مخالفة التعليمات الأمريكية الصارمة و الزيارات الثلاث المتبادلة بين الإمارات و سورية لم يكن لها تلك النتائج الواضحة لا سياسياً و لا اقتصادياً في سورية و هذا ليس إلا بسبب الضغط الأمريكي على جميع الراغبين بالتقارب من الأسد بدءً من الجزائر و انتهاءً بالسعودية و مصر. و لعل الهدوء و الارتباك التركي في مسألة التطبيع مع سورية نابعٌ من ضغط أمريكي على القيادة التركية و مساومتها على بعض الملفات أهمها الملف الكردي و الملف الإقتصادي. لكن الأسد كان أذكى من أن يقع في فخ التذلل و الهرولة و قد دعا أصدقاءه و حلفاءه للتشاور و أولهم روسية و إيران و حتى الإمارات و بعد لقاءاته الثلاث اختتمها بالأمس بخلاصة هذه الجلسات فأعلن شرطين للبدء باللقاءات وهما سحب قوات الإحتلال التركي من شمال سورية و التوقف عن دعم الإرهابيين هناك و قد أطلقها الرجل بوضوح و بلا مواربة أو مجاملات بينما كانت تصريحات وزير خارجيته أكثر دبلوماسية و هدوءً و التي قال فيها أن العلاقات قبل عام ٢٠١١م كانت متمیزة و لم تشبها شائبة حتى حصل ما حصل فإن أصلحت تركية ما حصل خلال هذه المدة يمكن للعلاقات أن تعود لسابق عهدها.
لا يوجد صور مرفقة
|