بقلم: نسيب شمس
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 25-12-2022 - 2390 "الجرائم المالية" هي الجرائم التي يرتكبها بعض كبار المموّلين، مثل جرائم التزييف والغش التجاري والتهريب. وقد لُّوحظ ازدياد نسبة ارتكاب مثل هذه الجرائم بين أعضاء الجماعات اليهودية، عن النسبة العامة السائدة في المجتمع، ومن المعروف أن هذه الجرائم انتشرت بين أعضاء الجماعات اليهودية في القرن التاسع عشر إلى درجة اضطرت معها الحكومات الى استصدار تشريعات خاصة. ولكن لا تزال تظهر من آونة إلى أخرى فضيحة مالية ضخمة يتورط فيها أعضاء الجماعات اليهودية بشكل ملحوظ. ولقد شهد القرن التاسع عشر واحدة من أهم فضائح الفساد المالي والسياسي التي هزت المجتمع الفرنسي، وهي فضيحة انهيار شركة قناة بنما، والتي اعتبرت آنذاك أكبر سقطة مالية في تاريخ فرنسا، وقد تورط في هذه الفضيحة التي عُرفت باسم "فضيحة بنما" ثلاث شخصيات؛ هي: من أعضاء الجماعات اليهودية هم: البارون جاك دي رايناخ (مصرفي ومالي من أصل ألماني والوكيل المالي للشركة)، وكورنيليوس هرتز (طبيب أميركي)، وليوبولد إميل أرتون (مغامر فرنسي). وترجع بدايات الفضيحة إلى عام 1888، حينما واجهت شركة قناة بنما أزمة مالية حادة نتيجة جملة من العوامل الطبيعية والمشاكل الفنية وسوء الإدارة. وكان الحل الوحيد أمام الشركة هو طرح سندات يانصيب لجمع الأموال اللازمة. ولكن ذلك كان يستلزم الحصول على موافقة البرلمان الفرنسي ولكن بعض الدوائر تؤكد أن وضع الشركة والمشروع قد انهار، وأن طرح سندات اليانصيب لن يجدي نفعاً. ولذلك، لجأت الشركة إلى رشوة بعض أعضاء البرلمان الفرنسي الذين صوتوا بالفعل لصالح مشروع اليانصيب. لكن المشروع انهار، واعتبر انهيار الشركة أكبر سقوط مالي في فرنسا حتى ذلك الحين، حيث أدَّى إلى ضياع أموال أكثر من 800 ألف من المواطنين الفرنسيين من المساهمين في الشركة. ولم تتفجر فضيحـة قناة بنمـا إلا بعد سـقوط الشـركة بثلاث سنوات، حينما نشرت صحيفة لا ليبر بارول “La Libre Parole” التي أسسها إدوارد درومون المعادي لليهود سلسلة من المقالات تحت عنوان « أسرار بنما» ادعى فيها كشف النقاب عن "المؤامرة اليهودية" وراء كارثة بنما واتهم رايناخ بالتورط في رشوة أعضاء البرلمان الفرنسي. وكان من مفاجآت التحقيقات اللاحقة اكتشاف أن رايناخ (محور المؤامرة اليهودية) كان هو نفسه مصدر معلومات درومون، حيث تبين أنه في أعقاب تفجير القضية على صفحات الجريدة أبرم رايناخ اتفاقاً مع درومون يقضي بإخراج اسمه من موضوعات الصحيفة مقابل قيام رايناخ بتوفير جميع المعلومات المتصلة بالقضية وبتجاوزات الشركة. وفي القرن العشرين، تعددت الفضائح المالية التي تورطت فيها شخصيات يهودية، ففي السبعينيات من القرن الماضي، أسس الأميركي برنارد كورنفلد مؤسسة استثمار أموال مشتركة في سويسرا باسم "إنفستورز أوفرسيز سيرفيسيز Investors Overseas Services" ونجح في جذب مستثمرين من أكثر من مائة دولة بلغت قيمة أموالهم المودعة لدى شركته ملياري دولار. ولم تجتذب شركته هذا الحجم من الأموال بفضل خبرتها في إدارة الأموال ولكن بفضل خبرتها في تهريب الأموال والعملات، وبخاصة من دول العالم الثالث. واكتسب كورنفلد عداء كثير من السلطات المالية في دول عديدة، وأثار قلق دوائر المالية السويسرية الحريصة على صورتها وسمعتها العالمية. وانهارت شركته بعد أن انخفضت قيمة بعض الأصول المهمة المملوكة لها وهبطت سوق الأوراق المالية الأميركية التي كانت أغلب أموال الشركة مستثمرة فيها. كما نجحت السلطات المالية السويسرية في اتخاذ إجراءات قانونية ضده، فسُجن لمدة عام ثم أُطلق سراحه بكفالة مالية.
لا يوجد صور مرفقة
|