لن يجدي بكاء القاتل على ضحاياه نفعاً ولا يسترد حقاً ولا يحفظ دماً ولا يحقق عدالةً حين بتراقص فوق اشلائهم على ايقاع صواريخ العدوان وغاراته
ذلك هو حال المنظمات الدولية والحقوقية التي تقدمت بشكوى جنائيّةٌ تقدّمت بها أمام محكمةٍ فرنسيّةّ منظّمات المركز الأوروبيّ للحقوق الدّستوريّة الإنسان (ECCHR) ، وشيربا ، ومنظّمة مواطنة لحقوق الإنسان ، مدعومةً من منظّمة العفو الدّوليّة في فرنسا، ادّعت فيها على ثلاث شركات بتهمة التّواطؤ والمشاركة بارتكاب جرائم حربٍ وجرائم ضدّ الإنسانيّة في اليمن بسبب بيع الأسلحة الفرنسيّة لنظامي السّعوديّة والإمارات وللتّحالف العدواني على اليمن ممّا قد يؤدّي وفقاً لبيان العفو الدّوليّة إلى (تواطؤٍ محتملٍ) للشّركات الثّلاث Dassault Aviation و Thalès Groupe و MBDA France
في ارتكاب المجازر بحقّ الشّعب اليمنيّ. في الشّكل قد يبدو للجميع أنّ الدّيمقراطيّة الغربيّة لم تفقد مصداقيتها وأنّ حقوق الإنسان والعدالة لها كامل الحرّية في المراقبة والمحاسبة بينما في الواقع هناك حقائقُ تاريخيّةٌ تشير إلى عكس ذلك بل وتؤكّد أموراً عديدةً منها:
1 – إنّ هذه المنظّمات أوجدت لخدمة الغرب والاستعمار وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكيّة وبريطانيا والكيان الصّهيونيّ.
2 – سقوط مصداقيّة تلك المنظّمات من خلال شواهدَ تاريخيّةٍ سنذكرها لاحقاً وتحولها إلى أداةٍ من أدوات الضّغط والابتزاز للدّول
3 – إنّ تبني هذه المنظّمات لدعاوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانيّة لم تؤدِّ إلى أيّة نتيجةٍ في صالح الشّعوب العربيّة والإسلاميّة.
4 – من غير المسموح لتلك المنظّمات أنّ تتجاوز حدّ الاستنكار أو التّعبير عن قلقها إزاء ما يجري في الدّول العربيّة والإسلاميّة
كلّ تلك الحقائق تؤكّد أنّ هذه المنظّمات أصبحت ضمن هيكليّة الدّول الاستكباريّة وهي إحدى أدوات حربها التي ترتدي ثوباً حقوقيّاً وإنسانيّاً يخفي خلفه التّوحش والأطماع ضدّ الدّول والشّعوب والشّواهد على ذلك كثيرةٌ منها ما يجري في فلسطين على مدى أكثر من سبعين عاماً والاحتلال يمارس أبشع عمليّات القمع والعنصريّة والقتل والتّهجير والاعتقال ومصادرة الأراضي والتّهويد ولغاية اليوم لم يُدان الاحتلال بأيّة جريمةٍ من جرائمه. شاهدٌ آخرُ على تبعيّة تلك المنظّمات وإدارتها من قبل أمريكا ومحور الشّرّ ما جرى في لبنان من احتلالٍ لأراضيه وما تعرّض له من عدوانٍ وتدميرٍ وارتكاب مجازرَ بحقّ شعبه على مدى سنواتٍ طويلةٍ كانت خلالها المنظّمات الدّوليّة وفي مقدّمتها الأمم المتحدة والحقوقيّة والإنسانيّة شاهداً أعمى وأبكمَ على جرائم الاحتلال في حين لم يعوّل لا اللّبنانيّون ولا الفلسطينيّون ولا اليمنيّون على أي دورٍ لتلك المنظّمات بل أنّهم قاتلوا وصمدوا وانتصروا بعزمهم وعزيمتهم وثباتهم. واليوم تعود تلك المنظّمات لأداء دورها ووظيفتها الموكلة إليها في اليمن في محاولةٍ لاستعادة مصداقيّتها أمام الرّأي العام تلك المصداقيّة التي لم ولن تمتلكها لطالما بقيت أداةً من أدوات العدوان والاستكبار وما محاولتهم الادّعاء على الشّركات الفرنسيّة إلّا أمرٌ أمريكيٌّ لخفض أو منع المبيعات العسكريّة للرّياض وأبو ظبي وحصر بيع الاسلحة والعتاد العسكريّ بالولايات المتحدة والكيان المؤقّت وهنا لا بدّ من الاشارة إلى أنّ فرنسا لم تكن الدّولة الوحيدة التي ساهمت عسكريّاً في بيع الأسلحة لدول العدوان فمنذ بداية العدوان على اليمن تظهر إحصائيّات بيع الأسلحة والعتاد العسكريّ ما يلي:
1 – بلغت قيمة صفقات الأسلحة الأميركيّة للسّعوديّة والإمارات 14 مليار دولار منذ تدخّل تحالفها في الصّراع باليمن مارس/آذار 2015
2 – صفقة أسلحة من إلمانيا وفقا للتلفزيون الألماني الرّسمي إنّها باعت خلال 2018 معدّاتٍ عسكريّةً بقيمة نحو 400 مليون يورو للتّحالف الذي تقوده السّعودية في اليمن
3 – صفقةٌ فرنسيّةٌ تضمّنت عشرات الآلاف من القذائف والصّواريخ للسّعوديّة والإمارات بقيمة، 356.6 مليون يورو
4 – أسلحة بريطانية بقيمة 5.3 مليار جنيه إسترليني للمملكة العربيّة السّعوديّة منذ عام 2015.
وهنا لا بدّ من الإشارة بأنّ قيمة الصّفقات التي كشف عنها قد تكون مضاعفةً لا سيّما في عهد ترامب مع التّذكير بالدّعم الصّهيوني للعدوان على اليمن إضافةً إلى دعم ثماني دول بالمرتزقة هذا غير الدّعم الأمني والاستخباراتيّ. ومن خلال ما تقدّم لا بدّ من طرح سؤالٍ كبيرٍ قد يطرحه الجميع على تلك المنظّمات (الفائضة بإنسانيّتها)
لماذا لم تقدم تلك المنظّمات على الادّعاء على الدّول والشّركات التي دعمت العدوان بأحدث المنظومات العسكريّة والتّكنولوجيا القتاليّة كالدّول التي مرّ ذكرها أميركا وإلمانيا وبريطانيا؟ رغم أنّ الجميع قتلةٌ ومجرمون ارتكبوا جرائم حربٍ في اليمن بل إنّ البعض من تلك الدّول كأمريكا وبريطانيا فاقت صفقاتهم الصّفقات الفرنسيّة قيمةً ونوعاً وفتكاً وقتلاً باليمنيين الذين يرون أنّ الغرب وفي مقدّمته أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإلمانيا ومن معها من تحالف الشّرّ العدوانيّ بمنظّماتها الأمميّة والحقوقيّة والإنسانيّة ليست سوى شياطينَ متعدّدة الوجوه لا عدالة ولا إنسانيّة لها وأنّ الحرب معها هي معركة وجودٍ لا معركة حدودٍ.