قال لي صديق عزيز : " عن أي وحدة عربية تتحدث في ظل حروب وفتن تفتك حتى باقطارنا..انك تتحدث عن حلم غير قابل للتحقيق"،
قلت لصديقي: "انا أدرك جيداً أن الوحدة العربية حلم..ولكن متى عاشت الأمم دون أحلام...ألم تكن إنجازات الأمم الكبرى، بل إنجازات البشرية نفسها، في كل المجالات احلاماً كانت تبدو مستحيلة التحقق...
طموحات الشعوب كلها أحلام ولكن حين تتوفر الإرادات وتشحذ الهمم يصبح كل شيئ ممكناً.."
واضفت قائلا : "وكل ما تواجهه أمتنا من عوائق في طريق الوحدة إنما أوجدته القوى التي تخاف من وحدة الأمة على مصالحها من أجل أن تجعل من "التجزئة حقيقة وحقاً " كما قال يوماً مؤسس البعث الراحل الأستاذ ميشيل عفلق واصفاً الانفصال المشؤوم بين مصر وسوريا عام 1961.
واستطردت قائلاً : غير أن حلم الوحدة العربية هو علم أيضاً كما كتب المفكر الناصري الراحل الدكتور نديم البيطار ، وكما رسم خارطة الطريق لتحقيقه المفكر الوحدوي عصمت سيف الدولة، وكما أكدّ قبل الجميع وبعدهم مفكرون كبار ك ساطع الحصري و قسطنطين زريق ومحمد عزت دروزة ومنيف الرزاز ومحمد المسعود الشابي والعديد غيرهم...
إن العوامل الضرورية لقيام الوحدة متوفرة في أمتنا من المصلحة المشتركة إلى المصير المشترك إلى القضايا المشتركة ، وفي مقدمها قضية فلسطين، إلى وحدة اللغة والتاريخ والتراث الروحي والحضاري الأمة.
بل ما يعزز الحاجة الى الوحدة أن الدولة القطرية ،أياً كان حاكمها، تقدمياً أو رجعياً، يمينياً او يسارياً، قومياً او اسلامياً، ليبرالياً أو استبدادياً، فشلت في تحقيق مطامح شعوبها بل في حماية وحدة كياناتها وسيادة دولها وأمن أوطانها، وتوفيرخبز لأبنائها، وعدالة في مجتمعاتها ، وحرية لمواطنيها.
واذا كان بعض المشكّكين بالوحدة العربية يتباهون بإعجابهم بدول الغرب ، هل ينكرون أن ما تحقّق لهذه الدول من إنجازات سواء في أمريكا أو أوروبا أو حتى في دول شرقية ك روسيا والصين والهند سببه الرئيسي هو أنها تكوّنت من وحدة تجاوزت العرق والدين والمذهب والجغرافيا المحلية.
فلنعد الاعتبار في أولويات اهتمامنا كمواطنين، وبرامجنا كأحزاب ، ودساتيرنا كدول ، إلى الوحدة العربية بمفهومها الواسع، كتضامن وتعاون وتنسيق وتكامل وتشبيك ، ونسعى من أجل وحدة كبرى تتجاوز العصبيات الطائفية والمذهبية والعرقية والقبلية وتحترم التنوّع والخصوصية وحقوق الإنسان وحرية التفكير والمعتقد ونصونها جميعاً.
اننا أبناء أمة ذات هوية ثقافية واحدة، وقضية تحريرية جامعة ، وموارد روحية ومادية هائلة ، فلماذا لا تشق طريقها للوحدة والتقدم...