جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية المجلس الثقافي

قلعــة الجبل (صلاح الدين) - القاهرة | بقلم: عبد الرزاق زقزوق
قلعــة الجبل (صلاح الدين) - القاهرة



بقلم: عبد الرزاق زقزوق  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
03-11-2021 - 3002

وتسمى قلعة الجبل؛ لكونها بُنيت فوق مرتفع يتصل بجبل المقطم، بناها صلاح الدين لحماية القاهرة؛ ولتكون مقراً لسكناه؛ ولذلك نسبت إليه، وهذا ما كتبه عماد الدين، كاتب صلاح الدين عن ذلك: «كان السلطان لما ملك مصر؛ رأى أن مصر والقاهرة لكل واحدة منهما سور لا يحميها، فقال: إن أفردتُ لكل واحدة سوراً؛ احتاجت إلى جنـد كثير يحميها، وإني أرى أن أدير عليها سوراً واحداً من الشاطئ، وأمر ببناء قلعة في الوسط عند مسجد سعد الله على جبل المقطم». والمقصود بمصر هنا مدينة مصر التي تتكون من الفسطاط والعسكر والقطائع، والمقصود بالقاهرة مدينة القاهرة المعزية التي بناها الخليفة الفاطمي المعز لدين الله بعد أن دخل مصر في عام 358هـ/969م.
حكم صلاح الدين أربعاً وعشرين سنة (565ـ589هـ/1169ـ1193م)، لكنه لم يقض منها سوى ثمانية أعوام في القاهرة، وعلى الرغم من قصر هذه الفترة، فلم يترك من حكامها أحد مثل ما خلفه هذا السلطان العظيم من آثار رائعة لا زالت باقية، ومن أهمها القلعة التي تنسب إليه، ويصفها ابن كثير الدمشقي في كتابة «البداية والنهاية» بأنها لم يكن في الديار المصرية مثلها ولا على شكلها.
شرع صلاح الدين ببنائها في عام 573هـ/1177م، وولى عمارتها الأمير بهاء الدين قراقوش الأسدي أحد أمرائه المخلصين، وبعد ست سنوات من العمل، أُنجز معظم بنائها، لكنه لم يتم كله، وهناك نقش تذكاري على الباب الموجود في الجدار الغربي من القلعة يخلد هذا العمل نصه:
«بسم الله الرحمن الرحيم، أمر بإنشاء هذه القلعة الباهرة المجاورة لمحروسة القاهرة التي جمعت نفعاً وتحسيناً وسعة على من التجأ إلى ظل ملكه وتحصيناً، مولانا صلاح الدنيا والدين أبو المظفر يوسف بن أيوب محيي دولة أمير المؤمنين على يد أمير مملكته ومعين دولته قراقوش بن عبدالله المالكي الناصري في سنة تسع وسبعين وخمسمائة» سنة 1183ـ 1184م.
مات صلاح الدين في عام 589هـ/1193م. ولم ينته بناء القلعة، فأُهمل العمل فيها مدة، إلى أن كانت سلطنة الملك الكامل محمد بن الملك العادل، فأتم بناءها، وذلك في عام 604هـ/1207م، وأنشأ فيها الدور السلطانية، واتخذها سكناً له، وظل يسكنها حتى مات، فاستمرت من بعده دار مملكة مصر حتى عام 1850م.

تتألف قلعة صلاح الدين من قسمين رئيسيين؛ الشمالي منها مستطيل الشكل تقريباً ذو أبراج بارزة، ويفصله عن القسم الجنوبي جدار سميك وأبراج ضخمة، ويتقاطع القسم الجنوبي مع الشمالي مكوناً معه زاوية قائمة. ويوجد في القلعة بئر من المحتمل أنها حفرت في عام 583 هـ/1187م. وكان يحيط بالجزء الشرقي من القلعة خندق لايزال أثره ظاهراً.
وللقلعة بابان؛ أحدهما الباب الأعظم المواجه للقاهرة، ويقال له: الباب المدرج، والباب الثاني باب القرافة يواجه جبل المقطم. وكان للقلعة باب ثالث هو باب السر، يختص بالدخول والخروج منه أكابر الأمراء وخواص الدولة كالوزير وكاتب السر ونحوهما.

وقد طرأت على مباني القلعة تغيرات كثيرة، وإضافات متعددة، ولا يرى فيها اليوم من أعمال صلاح الدين سوى بعض أجزاء السور والأبواب.

وُسّعت القلعة في العصر المملوكي من قبل الناصر محمد بن قلاوون باتجاه الجنوب في عام 738هـ/1337م. كما تمت إصلاحات أخرى كثيرة على مراحل متعددة في زمن سلاطين أربعة هم: السلطان برقوق علي جركس الخليلي عام 791هـ/1389م، والسلطان جقمق عام 851 هـ/1440م، والسلطان قايتباي 872ـ902 هـ/1467ـ1496م، والسلطان طومانباي عام 906هـ/1501م. وأعمال الإصلاح هذه مثبتة في كتابات منقوشة على جدران القلعة.

بلغت القلعة أوج عزها ومجدها في أثناء حكم المماليك، وكانت مدينة قائمة بذاتها لها مساجدها وميادينها وبيوتها وحماماتها، وكان فيها بيت المال، وكان يقيم فيها السلطان، وظلت سكناً للولاة الأتراك في العصر العثماني أيضاً.

تمت في العصر العثماني بعض أعمال الترميم لقلعة الجبل، من أهمها ما قام به خير بك، أول الولاة الذين ولاّهم السلطان سليم على مصر (تُوفّي عام 1522م). فأرسل بعد أن أقام فيها في طلب البنائين والنجارين والمبلطين لترميم ما تم إفساده سابقاً.

كما قام الوالي سليمان باشا ـ الذي كان مقرباً من السلطان سليمان القانوني ـ بإشادة مبان متعددة فيها، من بينها جامع سارية الذي كان يعرف بجامع سليمان باشا، وكان أول جامع شيد في مصر على الطراز العثماني.

زار الرحالة جان دو تيفنو J.de Tefnaux القاهرة بين عامي 1656ـ1658م، فوصفها، ووصف مبانيها وأحوالها، وقد أثار منظر القلعة دهشته، فقال إنه لم ير قط في العالم أجمل من أبنيتها ولا أضخم وأمنع منها، فقد كانت أشهر معلم معماري في القاهرة آنذاك، وكان فيها قاعة كبيرة جيدة البناء يُعمل فيها ستار الكعبة، ويرسل سنوياً إلى مكة المكرمة باحتفال كبير.

أخذت القلعة تفقد مكانتها تدريجياً نتيجة لإهمال حكامها من الولاة الأتراك، ولم يبق منها سوى بعض الأماكن صالحاً للسكن، وكانت تقام فيها المهرجانات الرسمية لاستقبال الولاة، أو حفلات الأعياد القومية والدينية، ثم قام محمد علي والي مصر بإصلاحات سياسية ومالية واجتماعية كثيرة في مدة الخمس والأربعين سنة التي حكمها، وقام ببناء العديد من المساجد، فبعد أن قام محمد علي

بترميم القلعة، شرع في بناء مسجد فيها، وعهد إلى المهندس يوسف بشناق بوضع تصميم له، فوقع اختياره على مسجد السلطان أحمد بالأستانه، فاقتبس منه مسقطه الأفقي الصحن والفسقية مع تحويرات طفيفة.

كان الشروع في بناء المسجد سنة 1246هـ/1830م، واستمر العمل فيه حتى تُوفِّي محمد علي سنة 1265هـ/1848م، فدفن في المقبرة التي أعدها لنفسه داخل هذا المسجد، وقد قام الملك فاروق فيما بعد بترميمه.

هذا المسجد مستطيل الشكل يتكون من صحن مربع تقريباً مساحته 53×54متراً، تتوسطه فسقية تغطيها قبة أنشئت في عام 1263هـ/1844م، وتقع ظلة القبلة؛ (أي حرم المسجد) في الجهة الشرقية من الصحن، وهذا الحرم مربع أيضاً طول ضلعه من الداخل 41 متراً، تتوسطه قبة عالية قطرها 21 متراً، وارتفاعها 52 متراً عن مستوى أرض المسجد؛ محمولة على أربعة عقود ضخمة تستند إلى أربعة أكتاف مربعة، ويحيط بها أربعة أنصاف أقباب، ثم نصف خامس؛ ليغطي بروز المحراب. وقد قام كثير من ملوك مصر بأعمال صيانة هذا المسجد وتحسينه وزخرفته، كذلك قامت الدولة في مصر بأعمال ترميم واسعة في كثير من أقسام القلعة، فأعادت لها بعض رونقها، كما قامت بتحويل بعض أجزائها إلى متحف حربي.


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2024
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       64 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       فلسطين- غزة:ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 41118//وزارة الصحة الفلسطينية: 13 شهيداً جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مناطق متفرقة في قطاع غزة منذ فجر اليوم//وسائل إعلام فلسطينية: شهيدان جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلاً بحي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة//خمسة شهداء في قصف الاحتلال حي الزيتون ومخيم جباليا//       ندد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة، واصفاً الحادثة بالمروعة.// سابق يوم جديد من عملية طوفان الأقصى.. أبرز التطورات التالي العدو الإسرائيلي يواصل اعتداءاته على الجنوب اللبناني//       القوات الروسية تطهر 10 بلدات وقرى من قوات نظام كييف في كورسك//تنديد دولي باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة//       أحبار الأمة والعالم :المقاومة اللبنانية تستهدف مستوطنتي روش هانيكرا ومتسوفا بالصواريخ//كوبا تدعو المثقفين السوريين لدعم الرسالة المناهضة لإعادة إدراجها على قائمة الدول الراعية للإرهاب//       ستشهاد مواطنين اثنين جراء عدوان إسرائيلي بمسيرة على ريف القنيطرة//       المقداد لـ مانزي: نرحب بالعمل مع الوكالات الأممية وتسهيل عملها//تمديد فترة قبول طلبات المشاركة في منافسات الموسم الجديد من الأولمبياد العلمي السوري//الزراعة تناقش آليات دعم بذار القمح والأعلاف واستبدال بساتين الحمضيات الهرمة//       الاحتلال الإسرائيلي يسلم الصليب الأحمر جثامين 84 شهيداً قتلهم خلال عدوانه على قطاع غزة//المقاومة الفلسطينية توقع عدداً من جنود الاحتلال قتلى ومصابين جنوب قطاع غزة// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا)// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا) التالي وسائل إعلام لبنانية: استشهاد ٤ أشخاص جراء غارة لطيران العدو الإسرائيلي على بلدة مفيدون جنوبي لبنان//       نزوح قسري لآلاف الفلسطينيين من شمال قطاع غزة//39653 شهيداً منذ بدء الاحتلال عدوانه على قطاع غزة//وزارة التربية الفلسطينية: أكثر من 10 آلاف طالب استشهدوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//المكتب الإعلامي في غزة يطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية في اختطاف الاحتلال لجثامين الشهداء وسرقة أعضائهم//       فلسطين:شهداء وجرحى جراء عدوان الاحتلال المتواصل لليوم الـ 306 على قطاع غزة//حماس تعلن اختيار يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي//24 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       مذكرة تفاهم بين جامعتي البعث والبترول التكنولوجية الإيرانية // وضع مركزي تحويل كهربائيين جديدين بالخدمة في السويداء//صحة السويداء تستلم سيارات إسعاف لتلبية احتياجات المواطنين//