بقلم: حسن حردان
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 02-06-2021 - 1428 يأتي استحقاق انتخابات الرئاسة السورية في 26 من شهر أيار الحالي، بعد مرور أكثر من عشر سنوات على شنّ الحرب الإرهابية الكونية على سورية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، صمدت خلالها سورية، قيادة وجيشاً وشعباً، صمود الأبطال، وقد تعزز هذا الصمود بدعم من حلفاء سورية الأوفياء في محور المقاومة، وروسيا الاتحادية، مما مكّن سورية من تحرير معظم الأراضي التي احتلها الإرهابيون، وإسقاط الرهانات الأميركية الصهيونية على إسقاط الدولة الوطنية السورية برئاسة الرئيس العربي المقاوم بشار الأسد.. ووضع سورية على مقربة من تحقيق النصر النهائي، بعد أن باتت معركتها الأخيرة مباشرة مع المستعمر الأميركي، الذي اضطر إلى الدخول على خط حماية ما تبقى له من إرهابيين بالتعاون مع جيش الاحتلال التركي، وبالاستناد إلى قوى عميلة مرتبطة به وتعتمد في وجودها لفرض سلطة الأمر الواقع الانفصاليّة على وجود قوات الاحتلال الأميركي في شرق الفرات. هذا المآل الذي وصلت اليه الحرب الإرهابية الكونية على سورية يوضح بشكل لا لبس فيه الهدف الحقيقي من هذه الحرب ألا وهو السعي الى النيل من استقلال سورية وفرض الهيمنة الاستعمارية عليها وإخضاعها لمنظومة التبعيّة الأميركية الغربية في المنطقة، وبالتالي إفقادها استقلالها الوطني، وبناء نظام عميل تابع لواشنطن في دمشق يجعل من سورية خنجراً مسموماً في خاصرة فلسطين، بدلاً من أن يكون خنجراً في خاصرة الصهاينة المحتلين… لقد كان للرئيس بشار الأسد دور رياديّ في إحباط هذا المخطط الأميركي الغربي.. فمنذ بداية الحرب أكد ان لا مساومة على استقلال سورية وحرية قرارها الوطني، وتحت هذا العنوان خاض مع الجيش والشعب الحرب الوطنية ضد قوى الإرهاب من جهة، وضد التدخلات الأجنبية بشؤون سورية الداخلية من جهة أخرى، مؤكداً أنّ المعركة كل لا تتجزأ.. وكان واضحاً لديه منذ اليوم الأول أن هدف الحرب تحويل الدولة الوطنية السورية إلى دولة عميلة للغرب، ولذلك رفض كلّ المشاريع والعروض التي قدّمت له عبر حكومات عربية تابعة لواشنطن، كي تتخلى سورية عن حلفها الاستراتيجي مع إيران ـ الثورة، وعن قوى المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني، وتوافق على التسوية مع «إسرائيل»، والالتحاق بالمحور الخليجيّ، وتقبل بمدّ أنبوب الغاز القطري عبر أراضيها، لتزويد الدول الغربية بالغاز، بدلاً من الغاز الروسي.. في مقابل وقف الحرب الإرهابية وبقائه في سدة الحكم. لم يقبل الرئيس الأسد بكلّ ذلك انطلاقاً من وطنيته وقوميته وعروبته الأصيلة التي ترفض الخضوع للمستعمرين وتأبى التفريط باستقلال سورية الذي تحقق بفضل تضحيات أبنائها في مقاومة الاستعمار الفرنسي.. وقرر بكل شجاعة وجرأة وصلابة خوض المواجهة مع شعبه وجيشه، الذي بناه الرئيس الراحل حافظ الأسد على العقيدة الوطنية والقومية، فلم تهن او تضعف عزيمته او يتردّد، او يغادر دمشق في أصعب الأوقات، فظلّ صامداً شامخاً، شموخ جبل قاسيون، يقاتل إلى جانب جيشه، وصامداً إلى جانب شعبه يرفع من معنويات جنوده في جبهات القتال في بابا عمرو وغوطة دمشق وغيرها من جبهات القتال مع الإرهابيين، ويتجوّل في شوارع دمشق يشدّ أزر المواطنين، ويشارك المتظاهرين في ساحة الأمويين ويخطب بهم رافعاً معنوياتهم… لهذا كله كان من الطبيعي أن تأتي المشاركة الواسعة في انتخابات الرئاسة عام 2014 وانتفاضة النازحين السوريين في خارج سورية، لا سيما في لبنان للتصويت للرئيس الأسد، الأمر الذي شكل ضربة موجعة لأعداء سورية الذين راهنوا على إضعاف شعبية الرئيس الأسد من خلال الحملة المضللة التي شنّوها في وسائلهم الاعلامية التي سخرت لشيطنته… واليوم تأتي انتخابات الرئاسة في السادس والعشرين من هذا الشهر في ظلّ تطورات تسهم في تعزيز خيار سورية الوطني والقومي التحرري المنتصر بقيادة الرئيس بشار الأسد، وأبرز هذه التطورات، هي : أولاً، ترسخ سيطرة الدولة الوطنية السورية على معظم أراضيها، التي تنعم بالأمن والاستقرار في ظل وعي شعبي لِما كان يُحاك لسورية من مخطط استعماريّ إرهابيّ، كان للرئيس بشار الأسد الدور الريادي في إحباطه… ثانياً، تسليم الدول، التي قادت الحرب على سورية، بفشلها في إسقاط الدولة الوطنية السورية والرئيس بشار الأسد، واضطرارها إلى البدء بفتح قنوات التواصل والحوار مع دمشق لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سورية،.. وفي هذا السياق جاءت الزيارة الأخيرة للوفد السعودي إلى دمشق ولقائه مع المسؤولين فيها. ثالثاً، حصول تحوّلات وتغيّرات هامة في المنطقة والعالم تصب في مصلحة تعزيز انتصار خيار سورية الاستقلالي المقاوم الرافض للتبعية والهيمنة الأميركية، وهذه التطورات تتجلى بالتالي: 1 ـ نجاح إيران في الصمود في وجه الحصار الأميركي وكسر هذا الحصار، واضطرار واشنطن، بعد تسلم إدارة الرئيس جو بايدن مقاليد السلطة، اثر فوز الأخير في انتخابات الرئاسة، إلى الدخول في مفاوضات غير مباشرة مع طهران، بوساطة مجموعة الأربعة زائد واحدا، للبحث في شروط العودة إلى الاتفاق النووي ورفع العقوبات عن إيران. 2 ـ دخول السعودية في حوار مباشر مع إيران في بغداد لتطبيع العلاقات بين البلدين. 3 ـ نجاح مقاومة الشعب العربي اليمني في تحقيق الانتصارات في ميدان القتال ونقل الحرب الى العمق السعودي، ودفع واشنطن والرياض إلى البحث عن مخرج لوقف الحرب والشروع في مفاوضات لتحقيق التسوية. 4 ـ على أنّ التطور الأبرز في مصلحة خيار سورية الوطني والقومي، تجسّد في ما يحصل في فلسطين المحتلة من اشتعال للانتفاضة والمقاومة على كامل مساحة فلسطين التاريخية، ونجاحها في إعادة القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث، وإدخال العدو الصهيوني في مأزق غير مسبوق ناتج عن معادلات الردع التي فرضتها المقاومة والانتفاضة في مواجهته، وعجزه عن منع انهمار صواريخ المقاومة على المدن والمستوطنات في فلسطين المحتلة عام 1948، أو فشله في احتواء الانتفاضة التي تزداد تأجّجاً… رابعاً، التحوّل الحاصل على الساحة الدوليّة، والذي تجلّى في موازين القوى الجديدة التي تعزّز الاتجاه الذي تقوده روسيا والصين لإقامة نظام متعدّد الأقطاب بديلاً عن نظام القطب الأوحد، الأميركي الذي تداعى، وهو الأمر الذي ما كان ليحصل لولا انتصارات سورية وحلفائها في مواجهة الحرب الإرهابية الكونية.. انطلاقاً مما تقدّم لا يجب أن نستغرب اذا ما جاءت نتائج هذه الانتخابات الرئاسية، بتصويت الغالبية الساحقة، من أبناء الشعب السوري، لإعادة انتخاب الرئيس بشار الأسد، في تأكيد على الاستمرار في منحه الثقة لمواصلة قيادة سورية لتحقيق الانتصار النهائي على الحرب الإرهابية، بتحرير سورية من قوات الاحتلال الأميركي التركي، وقيادة سورية في معركة النهوض من آثار الحرب وإعادة بناء سورية على الصعد كافة، الإنسان والعمران والاقتصاد.. لتبقى سورية قلعة عربية مستقلة مقاومة للاستعمار والاحتلال، وكلّ أشكال التبعية والهيمنة للغرب الاستعماري، وسنداً قوياً لقضايا العرب العادلة، وفي مقدمها قضية فلسطين… ولهذا لا نغالي إذا قلنا إن هذه الانتخابات الرئاسية إنما هي بمثابة استفتاء للاختيار بين خيار، رفض التبعية للاستعمار، وخيار الانتصار للاستقلال الوطني، الذي جسّده، قولاً وفعلاً، الرئيس بشار الأسد…
لا يوجد صور مرفقة
|