قد نعرّف منظومة الدولة بتعريفها المطلق : هو توافق شعبي على تسليم مجموعة مقاليد حكم بمعنى أن يكون هناك عقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم . ويكون ذلك العقد بين طرفين ، المحكوم وهو الشعب الذي يعطي الحاكم شرعية للتعبير واستلام مقاليد تنظيم وحكم البلاد بناءً على إرادة الشعب الجماعية التي لابد أن تكون عبر مؤسسات ، وبذلك فإن شرعية الطرف الثاني وهو الدولة ، إنما تأخذها الشرعية من خلال المحافظة على مصالح المجتمع وتنظيم إدارته .
ومن هنا التوافق بين الحاكم والمحكوم ، أي بين الشعب والسلطة بإرادة مشتركة تصبح مصدر قانون سيادي ، والسيادة في الدولة المفوّضة من قبل الشعب ، وبإرادة جماعية لصناعة سياسة هذا البلد ، وعند خروج السلطة عن ذلك فإنه هنا يكون انفصام عرى السلطة ، وعدم مشروعيتها ، وإن استمرارها يعتبر اقتناص سلطة غير شرعي حيث تعد هذه السلطة غير شرعية لخروجها عن عناصر تكوينها وهو هذا العقد الاجتماعي الذي يفقد بتعامله واجباته المفروضة عليه ويفقد المحكوم حقوقه لأن الشرعية قيمة سياسية لها واجبات وعليها حقوق فإن فقدت إحداها .. فقدت قيمتها.
أما السيادة فإنها مفهوم قانوني سياسي مرتبط بمفهوم إستقلال القرار الوطني
وتعتبر من قواعد الإسلام الأساسية ..عزة الأمة التي تعني الحفاظ عليها سيدة مستقلة تملك ارادتها ولا تخضع لقوى اجنبية خارجية ليست وطنية تغزوا بلادها وتسيطر على مقدراتها وحكّامها واراضيها.. ومن هنا فإن خصائص ممارسة هذه السيادة تبحث على صعيدين الداخلي والخارجي دون تدخل بقرارها السيادي الحر ..
والمعروف بعلم السياسة أن أدوات سيادة الدول تتأتي عبر مزاولة الوظائف والواجبات والصلاحيات داخل إقليمها و جغرافيتها الوطنية، وهذا يشترط عدم تدخل دولاً وقوى أخرى بشؤونها والتي تظهر بسيادتها على قرارها واستقلالها
كذلك بحريتها بعلاقاتها الدولية دون خروجها عن الثوابت والمبادئ التي اختارها الشعب بناء على تعهدها بذلك اذن الموضوع حقوق وواجبات وممارستها لهذه الخصائص والاسس في اتخاذ قراراتها لحكم البلاد لتفرض نفسها في شخصيتها على ارضها ووطنها متحلية بمبدأ المساواة والندية مع غيرها من الدول القائمة ونظرائها في المكونات السياسية الاخرى في منظومة تكوين الدول
وتتشكل شخصيتها الوطنية المحترمة في المجتمع الدولي وبالتالي فإنها لا يمكن أن تكون متجزأة أو ناقصة ، ومن مظاهر هذه السيادة أن تكون كاملة على المستوى الداخلي والخارجي ، بمعنى لا يمكن تقسيمها إلى عناصر او ملفات مثلا داخلية وخارجية فهي كل متكامل لا يمكن تجزئتها ، واذا أراد حاكم ما تجزئة هذه السيادة فإنه يزيل عن هذه الدولة أو النظام الحاكم وعن الوطن صفة السيادة لتتحول الى انتقاص واضح بشخصيتها التي تصل ألى توصيفها بالدولة التابعة ، والتبعية كصفة متناقضة تماما مع صفة الدولة ذات القرار الحر والشخصية المستقلة التي تقترن بكيان الوطن والقرار الوطني ويذلك تضعف الدولة لانعدام شرعيتها لتسليمها مقدرات وطن لغير أهلها وشعبها وبالتالي فان السيادة تضمحل لوجود دولة مهيمنة عليها وعلى قرارها الوطني وسلبتها سيادتها وهنا تفقد السلطة الحاكمة شرعيتها لفقدانها الأسس في قيام الدول الوطنية وتلجأ إلى الدول المتبوعة لاستعمال القوة لبقائها على سلطتها لإدارة وطن لكن هذه السلطة تفقد مشروعيتها لفقدان عناصر المشروعية في البقاء على سدّة الحكم ورأس السلطة مقابل بيع سيادة بلاده الكاملة الداخلية والخارجية وبالتالي بل ومن هنا فان السلطة الحاكمة تفقد صلاحيتها بالكامل وتفقد مشروعيتها من خلال تسليم القرار الوطني للخارج فتصبح تابعة وتصبح الدولة المتبوعة هي صاحبة القرار والتصرف به وخصوصا اذا كانت قوية كالولايات المتحدة الأمريكية أو بريطانيا وتلبس لبوس التابع الذي يكون عبداً مطيعا للمتبوع ، ويتعامل بمنطق قوة المتبوع الذي يكون سيفاً مسلّطاً على رقاب الشعب وعلى مصلحته السياسية والاقتصادية ونهب المقدرات والثروات الوطنية ويكون مقرا عسكريا من خلال قواعد عسكرية تحكم بمنطق القوة للدولة كالبحرين ونهدد جيرانها بالقرب العسكري من الدول التي تعاديها امريكا وبريطانيا وهذا ما ينطبق على دول الخليج عموما والبحرين بالتخصيص حكام وجدوا من لاشيء والذي بدأت تبعيته الاولى بالولاء البريطاني الكامل وباعته بريطانيا واستلم زمام الأمور الولايات المتحدة الامريكية ، وهذه الحالة موجودة خليجياً بالعموم ولكننا هنا نتحدث عن البحرين بصورة خاصة، وعدم شرعية الحاكم فيها ، وهذه تعتبر من أخطر انواع التبعية اذ تعتبر السلطة خاضعة لحماية الدول المستعمرة المتبوعة التي سلبت ارادة الحاكم مقابل حمايته الشخصية وحماية تسلطه على الحكم كما عائبته ومن هنا تحول من أمير إلى ملك بناء على مركب عقدة نقص اقليمية واستمر بتعامله مع الشعب بأسلوب إستبدادي .
والإستبداد له عناصر، وله مظاهر فإن الإستبداد ممكن في حالة ان يأتي من الخارج وهو استبداد لقبول قرار خارجي وتنفيذه ، فالاستبداد في البحرين إنما هو لتنفيذ التبعية والخروج عن الإرادة الشعبية والخروج عن الموقف الأخلاقي والمبدئي والوطني والواضح منذ نشأته فقد اعتمد بأخطر المواقع الحساسة في البلاد وهي المواقع الأمنية التي اعتمد فيها على الخارج وبالتالي فإن في ذلك دليل موثق وان في ذلك الإعتماد الكامل والتبعية المطلقة على الأمريكي أو على المستعمر عموما بدأً من البريطاني وصولا للتبعية المطلقة للأمريكي ، وهذه الالية يعتمد عليها الأمريكي في سياسته التي يتعامل بها مع أدواته من حكام الخليج والسعودية فيعمد إلى سلب القرار كل القرار ويأتي ذلك عسكريا وأمنيا وسياسيا واقتصاديا فما بالك لو اجتمعت كل أسباب التبعية ، فانه في الموضوع العسكري وجود القواعد العسكرية سواء بالبحرين او قطر او بالمنطقة ككل لماذا..؟ حتى يكون قرار الحرب والسلم بيد الامريكي ..حرب على من ..؟ حرب على جيران او على اخوة مع عدم قبول الشعب بذلك بل رفضه لأنه شعب حر لا يقبل هذه التبعية وهنا وجب استخدام القوة بالاستبداد بقوة عسكرية غير وطنية هي القوة المستعمرة لهذا الوطن .. وبوجود ذلك وهذه القواعد تفقد الانظمة شرعيتها الموكلة من الشعب لأنها فقدت القرار الشعبي وعمدت السلطة بذلك على الاستبداد العسكري لعدم الخروج عن ولي الامر الامريكي كالمتبوع لتابع يبقى ذليل مستعبد.
وهنا يعمد الامريكي الى ربط الانظمة بقراره وبمنظومته الامنية والعسكرية وبالتالي فان هذه الانظمة لا قرار لها ، وهنا يتدخل النظام الامني الامريكي في تسيير امور الحكم في دولة سلبتها قرارها وارادتها وبالتالي فان الهيمنة العلنية والمعلنة تاتي عبر مراحل او عبر حالات وصور .. فمثلاً ايجاد قواعد عسكرية في بلد ما كالبحرين ودول الخليج العربي برمتهم تضاف اليها السعودية ، ودون ارادة شعبية أوفي تقسيم العراق الى شمال العراق الذي اسموه كردستان العراق ولم يوجد في التاريخ اسم كهذا وانما فعلوها عبر ادواتهم ودخل الاسرائيلي اليها من بوابته الواسعة او في احتلال مباشر كالعراق مثالا و عبر ادواته كما في العراق بمرحلته الثانية وفي الاحتلال الامريكي المباشر عبر الادوات العميلة لتجزئة وتقطيع دولا مقاومة للوجود الإحتلالي كما في شرق الفرات في الجمهورية العربية السورية من خلال خلقهم المباشر للإرهاب ودعمه وباعترافهم بصناعة فصائل ارهابية متطرفة وافتعال حرب شرسة غريبة ومن ثم الدخول الإحتلالي لمحاربة ما صنعوا خوفا من التمدد الى أوروبا بسبب فقدان السيطرة الكاملة عليهم والإتيان بأدوات تقطيعيه لتقسيم البلاد واستخدموا عناوين جديدة اخترعوها كقسد واخواتها كل ذلك لتقسيم البلاد واضعافها لتبقى تابعة للقرار الامريكي بعد إنهاكها بحرب كونية لعشر سنوات متتالية ولكنهم فشلوا وسيفشلون ، ومن يقوم بتسليم قواعد الامريكي العسكرية يعمل على تسليم القرار العسكري للأمريكي الذي يعمل على دعم الارهاب بكل مكوناته ويكون جيشه واتباعه وقواعده فصيلا من فصائل الارهاب العسكري الامريكي تشرعه أمريكا دون قوانين ومن ثم يشرعنه حكام الدول التابعة كحكام الخليج عموما وهذا نلاحظه جليا بالعدوان على اليمن .
أما تبعية كاملة لنظام ما دون اي عناء لأنه صنيعته اصلا ولايتكلف الامريكي اي دولار بل انه يسيطر على المقدرات والثروات والنفائس من الممتلكات من مال التابع وهنا نأتي بالسعودية مثالا والحاكم في البحرين الذي هو وأقرانه يتسابقون في تسليم المبادئ والأخلاق والمقدرات مقابل أن يبقوا في قصورهم وبالطبع فإنه لا يمكن لنظام عميل أن يسود دون الحصول على دعم عسكري وسياسي ممن تبناه لمصلحة المتبني الأمريكي المتبوع وكل أعماله يجب بل لابد أن تصب في مصلحة الأمريكي وليكون في مواجهة شعبه وبتوصيفه يكون إرهاب دولة ولكننا نقول لهم انكم لستم آمنين فإما انتم مدعومين من شعب او لاشرعية لكم ، وان نظامكم هشّاً سيسقط مباشرة عندما تلفظكم امريكا ونه غير قابل للاستمرار لأنه يفقد الدعم الشعبي بل وبتنكيل واضح وجلي ضد من يتحدث عن القانونية والشرعية وربما يصلوا به الى الحكم بالإعدام ، ومن توصيف ذلك اننا امام مظهر من شريعة الغاب التي تواجه شعب البحرين ،
ولكن الاخطر انه في نتيجة حتمية وصلت بسرعة البرق الى ان المستعبد الامريكي سلّم مقاليد التبعية هذه الى الكيان الصهيوني وهو قرار امريكي حاكم البلاد ففرضه على التابع الرخيص بغية الوصول الى تمدد الكيان الصهيوني في فلسطين وفي المنطقة عموما ووصوله الى الحدود المتشاطئة مع الجار المقاوم الذي هدفه تحرير كامل فلسطين، ففرض على حكام الخليج ومهم حكّام البحرين التعامل مع عدو الأمة رغم الرفض والمقاومة الشرسة من شعب البحرين الأصيل تحت مسمى تطبيع العلاقات في التعامل مع العدو المحتل.
وأنا شخصياً أعترض على تسمية التطبيع تطبيعاً لأن هذ الكلمة تعيد الحال طبيعيا والعلاقة بين شعب البحرين وشعوب المنطقة لم تكن يوما طبيعية لعودتها فهو العدو المغتصب من وجود هذا الكيان ومهما عمل الحكام على التعامل مع العدو لكن الشعب يأبى ذلك ، وبما يثير التساؤل انه حتى جامعة الدول العربية في ميثاقها تعتبره عدوا مغتصب ووجوده غير شرعي بالمطلق ، ولكن خروجها عن ميثاقها ومبادئها اسقطها كذلك واصبحت جامعة للناتو من حكام الانظمة العربية التابعة وخرجت عن اسباب وجودها وبالتالي يرفض الشعب العربي كذلك ان تكون القواعد العسكرية في مواجهة الوطن والجار واداة لتهديد الامن والسلم في المنطقة والدوليين في سبيل غاية التسلط على المنطقة عموما وفرض اجندة امريكية صهيونية رسمت منذ زمن طويل وهذا تحديدا افلاس سياسي للأنظمة المرتهنة لمصلحة العدو لذلك استخدمت المسالة العسكرية كخطة تتبع العمل الاول الذي نجح في اتباعهم لها وتحاول بالشأن العسكري تثبيت ذلك ومهما كانت القوة فانها لن تدوم ومهما دام التحكم برقاب الشعب البحراني فانهم الى زوال كما ستزول الكيانات المغتصبة وعلى راسها الكيان الصهيوني وبذلك تسقط كل الادوات الوضيعة التي تتبعه كما ستزول الولاية الامريكية على ارضنا ولن يقبل الشعب الاصيل الحر بالتخلي عن مبادئه وثوابته ، ووجوب تراص الشعب بكل الوانه وتصنيفاته الدينية والمذهبية فق بدأوا يلعبون على الوتر المذهبي وهذا ليس تقديرا انما مثبتا ففي الكيان الصهيوني وحدة ( 8200) تتبع الإستخبارت المسماة الموساد، عملها بث الفتن المذهبية وادواتها وسائل التواصل الاجتماعي لإثارة النعرات واظهار العصبيات وهدفها تفريق الشعب الى مذاهب وطوائف تكره احدها الاخر وتشغلهم ببعضهم مع نسيان العدو الذي اغتصب ارضه وللأسف فانهم نجحوا في اغلب امتداد الوطن ، لكن اولي الامر المقاومين من فقهاء وسادة هذه الامة حرموا ذلك ولكن بعض الجهلة ما زالوا متمسكين بهذه الفرقة لان العدو لازال ينخر بجسد هذا الفكر وهذه العقول، فلكل مذهبه وعلاقته مع الله والية هذه العلاقة ولا اخلاف جوهري في ذلك وانما الخلاف صنعه الصهيوني وكان البعض اداة من حيث يدرون او من حيث لا يدرون ، ونحن أمة جبلنا على السيادة والعقيدة وتأبى الضيم وتحافظ على هويتها ، ونحن شعب يقاوم الاعداء ولا يقبل الارتهان ونبقى متمسكين بعقيدتنا وثوابتنا وهويتنا ووطننا، فالهجمة شرسة رغم انهم نجحوا في بعض الساحات في زرع الفتن وفي ساحات اخرى كانت محصنة اكثر من اخواتها
المهم أن يكون مقاوما في مواجهة صانعي هذه الفتن وتحصين شعبنا حماية لوطننا ولوجودنا وعقيدتنا وهويتنا ، والتفريق يجب أن يكون بين العمالة والوطنية .. بين المقاومة والإستسلام .. بين السيادة والتبعية .. فإما أن نكون أو لا نكون، وإننا نقول لكل من يعادينا : ... هيهات منّا الذلة ... وهيهات منّا الهزيمة