(الارض المقدسة): يشير هذا المصطلح في الديانة المسيحية واليهودية الى ارض فلسطين , في هذه الارض اجتمعت كل الاديان الابراهيمية وفيها تركت فيها ارثها .
بداء من الناصرة وبيت لحم ( الضفة الغربية ) وكنيسة المهد , مرورا بطريق الجلجلة . وما تشكله هذه الرمزيات من اث ر كبير في الديانة المسيحية قد يصل الى ان كل ما تحمله المسيحية قائم على هذه الرمزيات .
مملكة داوود وحكايات معبد سليمان الى جدار المبكى ( حائط البراق ) , مرورا بكل هائل من الروايات التوراتية المشبعة بحكايات من هذه الارض المقدسة جعل اليهودية كدين مرتبط ارتباط وثيق بهذه الارض.
بيت المقدس وقبة الصخرة . والاسراء والمعراج , الى القصص القرآني المشبع بذكر هذه الارض الى حد تكاد لا يخلو جزء من القراءن من ذكرها
ثم الخليل وقبر نبي الله ابراهيم عليه السلام وارتباط هذه الاديان الثلاثة بإبراهيم عليه السلام . مع سيل من الانبياء مقدسين عن الجميع عاشوا على هذه الارض ومازالت اثارهم موجود فيها الى اليوم
كل هذا مضاف الى كم هائل من الرمزيات والاثار اخرى التي تركتها هذه الاديان الثلاثة , واختلاط هذه الرمزيات بين الاديان جعل من هذه الارض بصدق ارض مقدسة لدى الجميع .
واعطى لجميع اتباع هذه الايان حق فيها مثل ما للأخرين , وبنفس الوقت اعطت ذريعة لكل غازي طامح وطامع ان يستخدم هذه الرمزيات لادعاء الحق في ملك هذه الارض وفرض سلطته عليها واعطاءها الصفة التي يشاء .
الصليبيون وفرسان الهيكل وحروبهم التي استمرت 400 عام خلفت الموت والقتل ليس في ارض فلسطين فقط بل امتدت الى كل اطراف الشرق الاوسط وحتى اوربا .
ثم اتت الصهيونية العالمية التي استغلت بعض الاطروحات القومية التي حدت من اليهودية وقصرتها على بني اسرائيل وحولته الى عقيده مرتبطة بالقومية واخرجته من سياقه الديني .
عندما استولى الصهاينة على فلسطين كان الفكر القومي هو الفكر السائد في ارجاء الكرة الارضية عامة ومنطقة الشرق الاوسط بشكل خاص .
وبلا وعي انحدر العرب ضمن هذه القناة فحولوا الصراع الى معركة قومية بين العرب و بين اليهود . وقد تكون هذه النقطة واحده من اكبر الاخطاء التي ارتكبت بحق القضية الفلسطينية .:
بكل بساطه نستنتج ان هذه الارض هي ارث الانسانية جميعا ( يهود , مسلمين , مسيح ) وليس لاحد الحق في ان يطلق عليها اسمه ويتحكم في ارث البشرية لوحده ويفرض عليها ما يشاء ,
مراجعة بسيطة للتاريخ نكتشف ان الفترة الوحيدة في تاريخ هذه المنطقة التي تمتع فيها كل اصحاب الاديان بحقوقهم واستطاعوا ان يمارسوا طقسهم بشكل طبيعي هي الفترة التي كانت تحت الحكم الاسلامي مع كل السلبيات التي رافقت هذا الحكم باختلاف الانظمة الاسلامية ( امويون . عباسيون . فاطميون . مماليك . عثمانيون ) التي تعاقبت على حكم هذه الارض . تبقى الفترة الاسلامية فترة مشرقة في تاريخ هذه الارض واعطت للجميع حقوقهم وحفظت لهم حرية ممارستها .
الرؤيا العربية القومية لتحرير فلسطين وللقضية الفلسطينية بشكل عام رؤيا ناقصة وتحمل في طياتها نفس الرؤيا لكل الغزاة السابقين . في جوانبها نفس عنصري قد لا يلاحظه العرب لانهم مندمجين في داخل هذه الرؤيا , وعلى طول 70 عام الماضية تم تغذية الشارع العربي بهذه الافكار حتى اصبحت من البديهيات المسلم بها في الشارع القومي العربي , وبالنتيجة اثبتت هذه الرؤيا عقمها وعدم جدواها في تحرير فلسطين بعد ثلاث معارك قومية فاشلة كل مره تعطي للصهيونية مكسب اخر وارض اخرى
الاطروحة الوحيدة التي تحمل نضج وواقعية وقدرة على قلب المعادلة والوصول الى عتق رقبة فلسطين هي الرؤيا الاسلامية . وقد اثبتت نفسها بشكل واضح في جنوب لبنان وتحرير الجنوب سنة 2001 وحرب تموز 2006 دليل واضح وجلي على صدق هذا الادعاء ,
في الايام الاخيرة الماضية انتشرت دعوات التطبيع بين العرب والصهاينة . خصوصا بعد اتفاقية السلام الاسرائيلية الاماراتية . ثم اعقبها قبل يومين فقط طرح اسرائيل لسفارة افتراضية للعراق في محاولة للتأثير على الموقف العراقي خصوصا بعد ان طرحت هكذا اطروحات في الشارع وان كانت مقتضبة ومشوشة وتحمل صياغات حمالة اوجه عده لكنها تبقى في سياق الدعوة للتطبيع .
قد يكون امكانية التطبيع بين اي دولة عربية واسرائيل امر ممكن ومتح الا مع العراق .
الادبيات اليهودية تحمل في طياتها كره عالي ومقت لبابل الى حد جعل من بابل رمز الشر والعدو الاول لليهود . التلمود والتوراة كل ما قدمه العنصريون اليهود في كتبهم التي وثقت التاريخ اليهودي كانت تحمل صورة قاتمه للبابل وللعراق .
وبنفس الوقت خلق لدى العراقي البسيط قاعده قطعية لا يمكن ان يساوم عليها ان لا تطبيع مع اسرائيل .
ثم ان ما يحمل الارث الثقافي الاجتماعي والرواية الدارجة بين العوام عن تحرير فلسطين يبداء من العراق . ودور العراقيين في التحرير . يعززها الاطروحة المهدوية التي تجعل من الكوفة عاصمة الدولة المهدية هذه الدولة القادرة على تحرير فلسطين فقط او هكذا ترسخ في فكر الفرد العراقي البسيط .
كل هذه المقومات تجعل قضية التطبيع مع اسرائيل قضية مفروغ منها نهائيا ومرفوضة جملة وتفصيل لدى كل العراقيين بمختلف اطيافهم