كيفما قلبت الاجراءات الامريكية في الحظر والعقوبات والحصار والملاحقة، لا يمكن الا ان تسميها حروب تشنها الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها دفعة واحدة ضد شعوب ايران ومحور المقاومة.
ربما تعتبر واشنطن هذه الحروب اقل كلفة عليها، في مواجهة اشرس خصم لها، الا ان الواقع قد يثبت عكس ذلك لاحقا.
فالحروب الاقتصادية والاعلامية والنفسية والالكترونية والامنية والتكفيرية وغيرها … تواجه من قبل المحور، بالقدر الممكن الذي استطاع حتى الان هزيمة الاهم من اهدافها، وعلى راسها، اسقاط النظامين الايراني والسوري، وتقسيم سوريا، واخضاع اليمن والعراق ولبنان لهيمنة الامريكيين وحلفائهم، وصولا الى سحق الحرب التكفيرية الارهابية التي حُركت ضد المحور..
ولكن بالرغم من ذلك فان المحور، يعاني استنزافا من هذه الحروب المكلفة، ويقدر ان مواصلتها، غير مضمونة النتائج في المراحل اللاحقة، بمعنى ان الاستنزاف يجري في مكان وزمان يجره اليه العدو، ويحاول اضعافه شيئا فشيئا، في اطار حرب استنزاف، تمهيدا للانقضاض عليه.
لذلك يبدو ان القرار اتخذ في محور المقاومة بتغيير قواعد اللعبة، وبدأ العمل وفق معادلة ان الحرب العسكرية اقل خطرا بنتائجها من حروب الاستنزاف الامريكية هذه، وانتقل المرحلة من دفاعية الى هجومية… برزت معالمها واهدافها بالتالي..
في المعالم، فان ارسال ايران الناقلات النفطية الى فنزويلا برغم المخاطرة الكبرى المحدقة بهذه العملية تشير بشكل واضح الى ان طهران كانت مستعدة لاي احتمال بما فيه احتمال الحرب العسكرية، نتيجة اي اعتداء كان قد يتجرأ الامريكي على القيام به ضد الناقلات.. وبحسب المعلومات، فان القيادة الايرانية درست قرارها بدقة، ووزعت المهام على اجهزتها المختصة، انه في حال تعرضت الناقلات لاي اعتداء، فان الرد جاهز ومتخذ ومحدد، لقوة القدس في الحرس الثوري الاسلامي حصة الاسد فيه.
الامر الاخر، هو ان وصول الى ايران الى ما يمكن تسميته بالحديقة الخلفية للولايات المتحدة اي فنزويلا الواقعة في امريكا اللاتينية، له ابعاده الامنية والعسكرية في اي معركة قد تحدث لاحقا بين واشنطن واطراف محور المقاومة.
القيادة الايرانية وحلفاؤها ، لن تتخلى عن دعم سوريا هو قرار اتخذ في مواجهة ما يسمى بــ”قانون قيصر” ، وهي لن تألو جهدا في ايصال المساعدات من مواد غذائية ودوائية الى الشعب اليمني المحاصر من قبل الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا واتباعهما في المنطقة وعلى راسهم السعودية. حیث يمنعون وصول سفن النفط والمواد الغذائية والدوائية الى الیمن بما يهدد حياة السكان خصوصا الاطفال الذين يعانون من امراض ونقصا في الحليب، والمرضى الذين بدأت امكانيات المستشفيات تعجز عن معالجتهم بسبب نقص المشتقات النفطية والادوية.
وبالتالي على ما يتوقع هو انه خلال فترة قصيرة، فان سفنا ايرانية محملة مواد غذائية ودوائية ستتوجه نحو سوريا واليمن… غير مكترثة لما قد تتعرض له من مخاطر من قبل امريكا..
الشعب اللبناني بدوره، يتعرض لعقوبات امريكية اصابت اقتصاده بمقتل، والهدف هو محاولة استخدام آلية تجويع اللبنانيين، كورقة ضغط ضد حزب الله الذي يشكل حجر عثرة امام المشاريع الامريكية في لبنان والمنطقة..
الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ، اكد ان هناك معادلات جاهزة للرد، وقال في نهاية المطاف إذا توهّم الأميركي أن “السلاح سيبقى صامتاً” مهما بلغت الأزمة الاقتصادية من مراتب، فهو واهم، لأن معادلة أمن الكيان في الميزان والميدان ستكون الوجهة التي تغيّر المعادلة.
وعندما نعلم ان توصيف السيد نصر الله هو المتحدث باسم محور المقاومة الذي بات ذو “موقف وجغرافيا واحدة ” كما اعلن سابقا، يمكن ان ندرك من خلال تهديده بان معادلة الحرب باتت على الابواب ان استمر الامريكي في تجويع شعوب المنطقة..
اذن الحروب الاقتصادية الامريكية ضد محور المقاومة، بلغت اوجها، مستغلة جائحة كورونا بتداعياتها، اي ان واشنطن لم تراع ازمة كورونا الانسانية بل استغلتها كورقة ضغط لتحقيق اهدافها بعد ان عجزت عن تحقيق هذه الاهداف عسكريا وامنيا وعقوباتيا وغيرها..
في المقابل، اهداف محور المقاومة بات محددة وتتمثل:
في التركيز على نقاط ضعط الامريكي في المنطقة وعلى راسها قواعده العسكرية الواقعة تحت مرمى الصواريخ التي ستهطل مطرا عليها ( بحسب ما يؤكد قادة المحور)
اخراج القوات الامريكية في المنطقة قرار للمحور، باعتبار هذه الوجود، سببا لعدم الاستقرار وزعزعة الامن واحداث الفتن بين دول المنطقة وعرقلة لتطورها ونموها وتقدمها.. وبالتالي فان الثأر للشهداء قاسم سليماني وابو مهدي المهندس ورفاقهما، حدد بطرد هذه القوات من المنطقة..
الكيان الصهيوني، نقطة ضعف امريكية اخرى، ومع اي حرب، سيكون الكيان تحت رحمة نيران المقاومة من كل الجهات..
اذا تدخلت الانظمة التابعة لامريكا في المنطقة، لجهة تقديم العون او المساعدة للقوات الامريكية فستكون في دائرة الاستهداف، لا سما وانها وجود هش يتهازى مع اولى الضربات..
يدرك الجميع ان اي حرب في المنطقة ستنعكس بتداعياتها على العالم كله، فمحور المقاومة، يسيطر بشكل مباشر وغير مباشر على منطقة جيوسياسية جد حساسة في العالم ، تمتد ما بين شرق المتوسط وبحر الاحمر وباب المندب وبحر العرب وشمال غرب المحيط الهندي وصولا الى مضيق هرمز والخليج الفارسي. والكل يدرك ايضا اهمية هذه المنطقة النفطية والتواصلية بين الشرق والغرب حجم المرور الاقتصادي فيها..
لذا فان اي حرب في هذه المنطقة، لن تكون نزهة، ولن يتفرج عليها خصوم الولايات المتحدة، وعلى راسهم الصين وروسيا، وهم ان لم يدخلوا فيها مباشرة، فحتما سيقدمون بشكل مباشر او غير مباشر، الدعم للقوى التي ستواجه امريكا وحلفاءها.
اضف الى ذلك ان استطلاعات الرأي الامريكية، تظهر تراجع الرئيس الامريكي دونالد ترامب في الانتخابات المقبل امام منافسه الديمقراطي جو بايدن، بفارق كبير، ما يعني ان ترامب سيلجأ الى مزيد من التصعيد في الخارج لتحقيق مكاسب شعبية في الداخل، ويمكن ان يكون هذا التصعيد بالقيام بضربات موضعية او اشعال حروب، او غيرها من الاجراءات المتطرفة، بما يعني انه مستعد لفعل اي شيء للبقاء في السلطة، حتى لو كان ذلك على دم الشعب الامريكي في الداخل او الخارج، وهذا امر اضافي يساهم في اشعال فتيل الازمة اكثر..
فتيل اخر، يمكن ان يفجر المنطقة ايضا، هو توجه حكومة الاحتلال نحو تنفيذ قرارالضم في الضفة الغربية، هو بدوره لن يبقي فصائل المقاومة مكتوفة الايدي التي هددت بالرد العسكري..
وفقا لهذا المعطيات، فان المعادلة حتما تغيرت، والقرار اتخذ من محور المقاومة بالرد، وان التنفيذ مرتبط بعامل الوقت والظروف، وقد تكون هذه الظروف متربطة بما يجري في الداخل الامريكي وقد لا تكون. لكن في النهاية، ان المنطقة باتت على فوهة بركان، يتحمل الامريكي واتباعه مسؤولية انفجاره في اي لحظة..