بقلم: خالد العبود
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 07-05-2020 - 1301 في الأيام القليلة الماضية خرجت بعض الكتابات التي تتحدّث عن دور "روسيّ" جديد، يمكن أن يساهم سلباً في العلاقة "السورية – الروسيّة"، مع الإشارات إلى أنّ هناك دوراً للقيادة الروسيّة، بـ "تحجيم"، أو "تأطير"، أو "مصادرة"، دور الرئيس الأسد في سوريّة ومستقبلها.. -لم يكن الرئيس الأسد بحاجة لـ "بوتين" كي يدافع عنه أمام أداة الفوضى، أو في هزيمة الارهاب الذي غزى سوريّة، ولو أنّ شيئاً من هذا القبيل قيل في أكثر من اطلالة للرئيس الأسد ذاته، لكنّ جوهر الحاجة لـ "بوتين" تكمن في أنّ الرئيس الأسد كان يدرك تماماً أنّ هزيمته المؤكّدة لأداة الفوضى، سوف تمنح الأطراف الرئيسيّة للعدوان إمكانية تطوير شكل العدوان عليه، من خلال دخول هذه الأطراف المباشر على خطّ المواجهة، وتحديداً دخول الولايات المتحدة.. -لكنّ الرئيس الأسد لم يقدم على هذا الأمر إلا بعد أن أعدّ العدّة جيّداً لخارطة حضور حلفائه التقليديين، ونعني بهم "حزب الله" و"إيران"، والعمل على تثبيت قواعد خرائط ميدانيّة شكّلت بنية تحتيّة رئيسيّة لصدّ العدوان ذاته!!.. -"بوتين" لم يحضر إلى جغرافيا خاوية، على العكس تماماً، فقد حضر بشكل مدروس جيّداً من قبل الرئيس الأسد، ولاحظوا الفترة الزمنية التي انقضت من عمر المواجهة، ومن عمر دخول كلّ من "حزب الله" و"إيران"، حتى جاء دخول "الروسيّ"، كون أنّ الرئيس الأسد أراد لهذا الحضور أن يكون حضوراً مانعاً لإمكانية تطوّر شكل العدوان من قبل "الأمريكيّ"، وهذا ما حصل فعلا!!.. -لم يكن أمام الرئيس الأسد إلا أن يطوّر شكل هذا الحضور والوجود "الروسيّ"، وذلك من خلال منح "بوتين" مصالح معينة داخل الأراضي السوريّة، وهي مصالح اقتصاديّة طبيعية مرتبطة أساساً بمصالح الدولة السوريّة، تجعل "بوتين" يدافع عن هذا الوجود وهذا الحضور، باعتبار أنّه كان بالإمكان أن يتمّ الضغط عليه للخروج من سوريّة، وذلك بعد هزيمة الارهاب، ويبدو عندها الرئيس الأسد مكشوفاً أمام العدوان المباشر من قبل "الأمريكيّ" وحلفائه.. -الرئيس الأسد أدرك ذلك جيّداً فعمد إلى ربط الوجود "الروسيّ" وتثبيته ببعض المصالح والقواعد الجديدة في سوريّة، وهو الأمر الذي سوف يحول دون خروج "الروسيّ"، ثم هو الأمر ذاته الذي سوف يدفع "بوتين" للدفاع عن هذه المصالح أمام إمكانية العدوان المباشر من قبل "الأمريكيّ" على سوريّة!!.. -نعم لقد أمّن الرئيس الأسد السور السوريّ جيّداً في وجه الولايات المتحدة الأمريكية، ومنعها من إمكانية تطوير شكل عدوانها عليه، وهذا ما قبل به "الأمريكيّ" وسكت عليه، كونه أضحى بحاجة ماسة للتفاوض على بنى أخرى، تتعلق بوجود "حزب الله" و"إيران" في سوريّة، باعتبار أنّ الرئيس الأسد أنجز ما هو أكثر خطورة على مصالح "الأمريكيّ" في المنطقة، ونعني به تشبيكه الميدانيّ مع "حزب الله – إيران"، الذي سيكون رئيسيّاً في تغيير قواعد الاشتباك مع كيان الاحتلال الصهيونيّ، وهو ما أشرنا له أعلاه.. -قبول "الأمريكيّ" بالوجود "الروسيّ" في سوريّة، حتى ولو على حساب الوجود "الأمريكيّ" ذاته، جاء نتيجة فهم "الأمريكيّ" لخطورة ما أنجزه الرئيس الأسد من خلال حضور "حزب الله – إيران" إلى سوريّة، وإنتاج خرائط ميدان جديدة، سوف تكون أساسيّة في قلب موازيين المواجهة مع كيان الاحتلال الصهيونيّ!!.. -يدرك "الروسيّ" جيّداً أنّ الرئيس الأسد حدّد له خطوط حضوره ووجوده، السياسيّة والاقتصاديّة والعسكريّة، في سوريّة، ويُدرك أكثر أنّ الرئيس الأسد يستند على بنية تحتية رئيسيّة لا يعرف "بوتين" عنها كثيراً، ونعني بها خرائط العلاقات السورية – الايرانية، العسكرية والاقتصادية والسياسيّة، خاصة خارطة الميدان العسكريّة التي تتطوّر شيئاً فشيئاً!!.. -نعم لقد قيّد الرئيس الأسد الوجود "الروسيّ" في سوريّة، بفضل معادلة سياسيّة طالما أكدنا لكم عليها، وهي: -تذكّروا جيّداً هذه المعادلة السياسيّة، فبفضلها أدار الرئيس الأسد معركته بكفاءة عالية جدّاً، وعلى أساسها خطف النصر من حلق أعدائه ورضى حلفائه!!!.. -وعلى ذلك، لم يعد بمقدور "بوتين" أن يمليَ شيئاً على الرئيس الأسد، لماذا؟!!.. آ_لأنّ "بوتين" أضحى بحاجة ماسة للرئيس الأسد، كون الرئيس الأسد منحه ما أراد أن يمنحه إياه، كي يحافظ على مصالح "روسيّة" لـ "بوتين" في سوريّة، وهذا إنجازٌ لـ "بوتين" داخل "روسيا" ذاتها، و"بوتين" يسعى جاهداً للحفاظ عليه.. ب_لأنّ "بوتين" يدرك أنّ الرئيس الأسد أعدّ بنية تحتية لعلاقات "سورية – إيرانيّة" أقوى بكثير من العلاقات "السوريّة – الروسيّة"، وأنشأ عليها خرائط عسكريّة وسياسيّة واقتصادية متينة جدّاً، يمكن لها أن تجعل من العلاقات "السوريّة – الروسيّة" علاقات ثانوية جدّا، لو أنّه فكّر بالتأثير على مواقف الرئيس الأسد سلباً، وهو بذلك يمكن أن يطيح بكلّ بإنجازاته التي منحه إياها الرئيس الأسد ذاته!!!.. ج_لأنّ "بوتين" يدرك جيّداً أنّ الرئيس الأسد هو الذي منحه القدرة على أن يكون لاعباً رئيسيّاً على مستوى الاقليم، وبالتالي على المستوى الدوليّ، وأيّ عبث بهذا التقييم لن يكون لصالحه، خاصة وأنّ الرئيس الأسد لم يُهزم، وهو يتحرك من موقع المنتصر، باعتبار أنّه هزم كلّ أعدائه وخصومه، وأفشل لهم إمكانية الاطاحة به!!.. د_لأنّ "بوتين" يدرك أيضاً أنّه لا بدائل للرئيس الأسد في سوريّة، لا بدائل يمكن لها أن تحفظ، أو تحافظ، على "انجازه"، أي انجاز "بوتين" ذاته، الذي كان بفضل ثبات وصمود الرئيس الأسد، كون أنّ بديل هذا الصمود، سيكون انتصاراً أمريكيّاً كبيراً، لن يُسمح عندها لـ "بوتين" أن يلتفت، ولو بمنامه، باتجاه المياه الدافئة، أو يمكنه أن ينظر إلى شواطئ المتوسط!!!.. ه-لأنّ "بوتين" يدرك جيّداً أنّ أيّ اختلاف مع الرئيس الأسد لن يؤدي إلى خسارة أو ربح معه، بمقدار ما سينعكس ويمتدّ ذلك إلى داخل "روسيا"، وهو يعتبر أنّ أيّ فعل من هذا القبيل، إنّما هو فشلٌ لسياسته هو وخياراته، وهو ما يحاول العمل على استدراكه.. -والسؤال الأهم والأخطر، والذي لم يخطر في بال أحدٍ على الاطلاق، وهو: -أيّها الأحبة.. -ماذا لو حصل ذلك، وماذا يمكن أن يحصل لـ "بوتين" في سوريّة؟!!.. =ماذا لو: هل كان بمقدرو "بوتين" بعدها أن يبقى ساعات معدودات في أكبر قاعدة له على شرفة المتوسّط؟!!!.. =ماذا لو: -ماذا لو غضب الرئيس الأسد من "بوتين" وجرّه إلى تيه البادية السوريّة، وأغرقه في حرّها ورملها، وأطبق عليه هناك، بعد أن فخّخ له ما فوق الأرض وما تحتها؟!!!.. -ماذا لو سحب الرئيس الأسد "بوتين" إلى ضفاف "الفرات"، وتركه في مواجهة غضب الأرض والسماء، وقيّض له عشائر ترى فيه غازياً ومحتلاً؟!!.. -ماذا لو خرج الرئيس الأسد على الشعب السوريّ، ليقول له بأنّ "بوتين" يمارس دور المحتلّ لبلادنا، وما على السوريين إلا مواجهة هذا المحتل؟!!!.. -ماذا لو خرج الرئيس الأسد على العالم، ليقول بأنّ وجود القوات الروسيّة في سورية، وتحديداً الدور الذي يلعبه "بوتين"، يعتبر احتلالاً موصوفاً، وهو غير مقبول من السوريين؟!!!.. -ماذا لو وقف مندوب سوريّة في مجلس الأمن ليقول: "بأنّنا نعتبر الوجود الروسيّ في سوريّة احتلالاً، وسوف نواجهه بكلّ السبل التي منحتنا إياها القوانين الدوليّة"؟!!!.. -في ظلّ هذه الفرضيات التي تبدو لكثيرين أنّها غير واقعية، لكنّها في علم السياسة قائمة، طالما أنّ هناك فرضيات أخرى تقول بأنّ "بوتين" يمكن أن يمارس ضغطاً على الرئيس الأسد، لكنّ ضغط "بوتين" على الرئيس الأسد، مهما فرضناه فاعلاً ورئيسيّاً، فهو يمكن أن يساهم في طرح الفرضيات التي تعطي للرئيس الأسد حقّ الدفاع عن نفسه، وهي تلك الفرضيات التي ذكرناها أعلاه!!!.. -صدّقوني.. -أيّها الأحبة.. -وأخيراً..
لا يوجد صور مرفقة
|