بقلم: تيري ميسان
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 30-10-2019 - 1866 دأب الرئيس دونالد ترامب طوال فصل الصيف عن الإعراب عن نيته سحب قواته من جميع أنحاء سورية، بدءاً من منطقة "روجافا" التي تشكلت في 17 كانون أول 2018 بشرط تعهدها بقطع خط الاتصال بين إيران ولبنان. انضمت تركيا إلى هذا الالتزام مقابل إطلاق يدها باحتلال عسكري للشريط الحدودي مع سورية الذي تطلق منه مدفعية الإرهابيين قذائقها. - أبلغت روسيا العالم أنها لن تدعم مجرمي الحرب في وحدات حماية الشعب، وستقبل التدخل التركي إذا التزمت تركيا بالسماح للسكان المسيحيين والعرب بالعودة إلى أرضهم، وهذا ما تعهدت به تركيا فعلاً. وأعلنت سورية من جانبها، أنها لن تحرك ساكناً لنجدة الخائنين من وحدات حماية الشعب، وإنها لن تتصدى للغزو التركي لأراضيها مباشرة، إذا أتاح لها ذلك تحرير مايعادل ذلك الشريط الحدودي من حيث المساحة في محافظة إدلب. وهذا ما سجلته تركيا. وأعلنت إيران أنها، حتى لو أدانت التدخل التركي علناً، فإنها لن تتدخل إلا لنجدة الشيعة، في حال تعرضوا للخطر، وأنها لاتكترث بمصير الدويلة الكردية (روجافا). وهذا ما سجلته تركيا. تم تنظيم العديد من مؤتمرات القمة الدولية لدراسة عواقب هذه المواقف، وتحديد النقاط التي يمكن أن تتفرع عنها. فانعقدت القمة الأولى على مستوى مستشاري الأمن القومي في الولايات المتحدة وروسيا، والأخيرة على مستوى رؤساء الدول في كل من روسيا وتركيا وإيران. قام الرئيس أردوغان على أثرها بتعيين ضباط كبار جدد، من بينهم ضباط أكراد، وأصدر أوامره بالإعداد لغزو الدويلة الكردية في شمال سورية، روجافا، وأعطى تعليماته للجيش التركي بالانسحاب من وجه الجيش العربي السوري في محافظة إدلب كي يتمكن الأخير من تحرير أراض تعادل تلك التي سيتم غزوها في الشرق. ثم أعقبها البنتاغون الأمريكي في 23 آب الماضي باصدار أمر يقضي بتفكيك تحصينات وحدات حماية الشعب "الكردية" حتى يتمكن الجيش التركي من شن هجوم صاعق عليها. وفي 31 من شهر آب أيضاً، ودعماً للجيش العربي السوري المرابض على تخوم محافظة إدلب، أمر البنتاغون بقصف مقر اجتماع لقادة تنظيم القاعدة في إدلب، استنادا لمعلومات من المخابرات التركية. ثم توجت كل تلك المواقف باقدام الرئيس ترامب على إقالة مستشار الأمن القومي، وتعيين روبرت أوبراين مكانه. هذا الرجل الكتوم، يعرف عن قرب الرئيس أردوغان، الذي عمل معه على تسوية عواقب الانقلاب الفاشل في تموز 2016. وبحلول اليوم الأول من الشهر الجاري، أعلن الرئيس التركي أردوغان عن عزمه ترحيل مليوني لاجيء سوري إلى الأرض التي تحتلها الدويلة الكردية روجافا، والشروع بإعادة الإعمار هناك. وفي الخامس من الشهر الجاري أيضاً، طلبت الولايات المتحدة من أعضاء التحالف الدولي الذي تقوده، استعادة سجناء رعاياهم الجهاديين في روجافا. فطلبت المملكة المتحدة نقلهم إلى العراق، على حين رفضت كل من فرنسا وألمانيا استرداد جهادييهما. مما دفع الولايات المتحدة للإعلان في اليوم التالي عن أنها لم تعد تتحمل أي مسؤولية تخص السجناء الجهاديين في روجافا، الذين سيكونون تحت مسؤولية تركيا. وفي اليوم الذي تلاه أيضاً، أي في السابع من الشهر الجاري، بدأت القوات الخاصة الأمريكية بالانسحاب من المناطق التي تحتلها الدويلة الكردية، روجافا، ليعلن الجيش التركي بقيادة ضباط كبار أكراد، ومقاتلين من الميليشيات التركمانية الذين أعادوا رفع علم "الجيش السوري الحر"، عن بدء هجوم كاسح للشريط الحدودي مع سورية وعلى عمق 32 كيلومتراً من الأراضي التي تحتلها وحدات حماية الشعب. جميع الدول الآن تتفق على التنديد بالعملية العسكرية التركية داخل الأراضي السورية، على الرغم من أنها تفاوضت على تلك العملية، لا بل صادقت عليها. ولم تدرك قيادة وحدات حماية الشعب حجم المأزق الذي وجدت نفسها فيه إلا في اليوم الثالث عشرة من الشهر الحالي، فهرعت، بعد نصائح روسية لهم، بإعلان الولاء للجمهورية العربية السورية.
لا يوجد صور مرفقة
|