جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

هكذا تكون نهاية "داعش" فعلاً | بقلم: صبحي غندور
هكذا تكون نهاية "داعش" فعلاً



بقلم: صبحي غندور  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
30-10-2019 - 1379

مقتل زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي بعد غارة الوحدات الخاصة الأميركية على مقرّه في محافظة إدلب السورية لن يُغيّر كثيراً من واقع هذه الجماعة الإرهابية، وسيكون الأمر شبيهاً بما حصل مع "القاعدة" بعد مقتل زعيمها أسامة بن لادن أو ما حصل أيضاً مع حركة "طالبان" التي أغتيل قائدها ولم يتوقّف نشاطها العسكري بعد ذلك. فمثل هذه الجماعات تهيئ نفسها مسبقاً لمثل هذه الأمور وتضع بدائل فورية لمن تخسره من قياداتها، خاصّةً أنّ جماعات "داعش" تتبع لامركزية واسعة في عملها، وهي أشبه بفكرة تبنّاها العديد من التنظيمات الإرهابية في أمكنة مختلفة من العالم دون أن يكون هناك أيُّ رابطٍ تنظيمي مع القيادة التي أسّست "داعش" أصلاً.

فتنظيم "داعش" وأخواته مستمرّون في التواجد الآن رغم القضاء على "الدولة" التي أقيمت في العام 2014 على أراضٍ واسعة من العراق وسوريا. وهناك عدّة الآف من عناصر "داعش" ما زالوا ينشطون أو قيد السجن في دولٍ مختلفة رغم مقتل عشرات الألوف من هذه الجماعة، وهناك "جبهة النُصرة" شقيقة "داعش" التي ما زالت فاعلة في محافظة إدلب السورية!.

لقد كان إعلان وجود "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا مقدّمة عملية لإنشاء دويلات دينية جديدة في المنطقة، كما حصل من تقسيم للبلاد العربية بعد اتفاقية سايكس- بيكو في مطلع القرن الماضي، وممّا يدفع هذه الدويلات، في حال قيامها، إلى الصراع مع بعضها البعض، وإلى الاستنجاد بالخارج لنصرة دويلة على أخرى.

تساؤلاتٌ عديدة ما زالت بلا إجاباتٍ واضحة تتعلّق بنشأة جماعة "داعش" وبمَن أوجدها ودعمها فعلاً، ولصالح أي جهة أو لخدمة أي هدف!. ومن هذه التساؤلات مثلاً: لِمَ كانت التسمية الأصلية "داعش"، والتي هي اختصارٌ لتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" بما يعنيه ذلك من امتداد لدول سوريا ولبنان والأردن وفلسطين، وهي الدول المعروفة تاريخياً باسم "بلاد الشام"، وما كان سبب عدم ذكر تركيا أو دول شبه الجزيرة العربية أو غيرها من دول العالم الإسلامي، طالما أنّ الهدف هو إقامة "خلافة إسلامية"؟!. أليس ملفتاً للانتباه أنّ العراق ودول "بلاد الشام" هي التي تقوم على تنوّع طائفي ومذهبي وإثني أكثر من أيِّ بقعةٍ عربية أو إسلامية أخرى في العالم؟! ثمّ أليست هذه الدول هي المجاورة ل"دولة إسرائيل" التي سعت حكومة نتنياهو جاهدةً لاعتراف فلسطيني وعربي ودولي بها ك"دولة يهودية"؟! ثمّ أيضاً، أليست هناك مصلحة إسرائيلية كبيرة بتفتيت منطقة المشرق العربي أولاً إلى دويلاتٍ طائفية وإثنية بحيث تكون إسرائيل "الدولة الدينية اليهودية" هي الأقوى والسائدة على كل ماعداها بالمنطقة؟!.
أليس كافياً لمن يتشكّكون بالخلفية الإسرائيلية لهذه الجماعات الإرهابية، التي ظهرت بأسماء عربية وإسلامية، أن يراجعوا ما نُشر في السنوات الأخيرة عن حجم عملاء إسرائيل من العرب والمسلمين الذين تمّ كشفهم في أكثر من مكان؟! أليس كافياً أيضاً مراجعة دور إسرائيل خلال الحرب الأهلية اللبنانية، وكذلك العلاقات التي نسجتها منذ عقود مع جماعاتٍ في العراق، وهي فعلت ذلك أيضاً مع قوى معارضة في سوريا؟!. ثمّ أليس سؤالاً مهمّاً كيف أنّ "داعش" مارست الإرهاب والقتل على مسلمين ومسيحيين، في مشرق العالم ومغربه، على العرب وغير العرب، بينما لم تحدث عمليات "داعشية" نوعية في إسرائيل أو ضدّ إسرائيليين؟!.

فمن المهمّ التوقّف عند ما حدث ويحدث في المنطقة العربية وخارجها من أعمال عنف مسلّح تحت مظلّةٍ دينية وشعاراتٍ إسلامية، وما هو يتحقّق من مصلحة إسرائيلية كانت أولاً، في مطلع عقد التسعينات، بإثارة موضوع "الخطر الإسلامي" القادم من الشرق كعدوٍّ جديدٍ للغرب بعد اندثار الحقبة الشيوعية، وفي إضفاء صفة الإرهاب على العرب والمسلمين، ثمّ فيما نجده الآن من انقسامٍ حادٍّ في المجتمعات العربية وصراعاتٍ أهلية. فلم تكن صدفةً سياسية أن يتزامن تصنيف العرب والمسلمين في العالم كلّه - وليس بالغرب وحده - بالإرهابيين، طبقاً للتعبئة الإسرائيلية التي جرت في التسعينات، مع خروج أبواق التعبئة الطائفية والمذهبية والعرقية في كلّ البلاد العربية والإسلامية.

لقد اختار الأوروبيون الذين قاموا بحملاتٍ عسكرية على بلاد الشرق العربي، من أواخر القرن الحادي عشر حتّى الثلث الأخير من القرن الثالث عشر، اسم "الحملات الصليبية" كتوصيف لحروبهم التوسّعية من أجل تبريرها أمام شعوبهم بالادّعاء أنّها من أجل الوصول إلى القدس، مهد السيد المسيح عليه السلام. وأدرك العرب آنذاك بطلان هذا التبرير الأوروبي فأطلقوا على هذه الحملات اسم "حروب الإفرنجة"، خاصّةً أنّ قبائل عربية مسيحية عديدة قاتلت ضدّ الغازين الإفرنج إلى جانب المسلمين العرب.

هكذا أيضاً جرى خداع شعوبٍ عديدة في مراحل زمنية مختلفة من خلال تبرير حروب كثيرة أخرى جرت على مدار التاريخ، حيث ابتدع لها أسماء وصفات لا تُعبّر عن حقيقة أهداف هذه الحروب. ألم تتحكّم "الدولة العثمانية" بأراضٍ شاسعة من البلاد العربية تحت حجّة وتسمية "الخلافة الإسلامية؟!. ألم تكن حرب إدارة بوش على العراق تحت اسم "الحرب على الإرهاب"؟! ثمّ ألم يُشوّه الأوروبيون معنى كلمة "الاستعمار" فاستخدموها لتبرير احتلالهم وهدمهم (لا إعمارهم) لبلدان عديدة في آسيا وإفريقيا؟! وألم تفعل ذلك أيضاً الحركة الصهيونية باستغلال الدين اليهودي واسم "إسرائيل" لتبرير مشروعها الإستيطاني على أرض فلسطين؟!.

ولعلّ أخطر التوصيفات للحروب والصراعات يحدث حينما يحصل استغلال أسماء دينية ومذهبية لوصف حروب ونزاعات هي بواقعها وأهدافها سياسية محض، وهذا ما يجري عادةً في الحروب الأهلية التي تُسخّر فيها كل الأسلحة بما فيها سلاح الطائفية السياسية. فالحرب الأهلية اللبنانية، التي بدأت في العام 1975 بسبب خلاف بين القوى السياسية اللبنانية حول مسألة الوجود الفلسطيني المسلّح في لبنان ودوره في الصراع مع إسرائيل، تحوّلت فيما بعد إلى "حرب بين المسلمين والمسيحيين"!!.

وهل يمكن اعتبار الصراعات والحروب التي حصلت بين الهند وباكستان بأنّها بين المسلمين والهندوس وتستوجب الصراعات بين الطرفين حيثما يتواجدان في العالم! وهل يصحّ توصيف الحرب التي جرت بين الإنجليز والأيرلنديين الشماليين بأنّها حرب بين الكاثوليك والبروتستانت تفرض الصراع بين الطائفتين في كلّ أنحاء العالم المسيحي!!.

طبعاً ما كان غائباً في بعض هذه الصراعات هو وجود "الطرف الثالث"، الذي يكون له مصلحة كبيرة في تصعيد وتوسيع دائرة الصراعات وتأجيج المشاعر الانقسامية بشأنها، وهو الموجود للأسف حالياً في كلّ الصراعات والحروب المحلّية الجارية في المنطقة العربية. وهذا "الطرف الثالث" الحاضر في الأزمات العربية هو مجموعة من الجهات الإقليمية والدولية التي قد تتباين مصالحها، لكنّها تتّفق على هدف توظيف الأزمات العربية لصالح أجنداتها الخاصة.

إنّ "داعش" الآن، ومعها وقبلها "القاعدة"، استطاعتا استقطاب قطاعاتٍ واسعة من شباب العرب والمسلمين بسبب غياب فعالية الفكر الديني السليم، الذي يُحرّم أصلاً ما تقوم به هذه الجماعات من أساليب قتلٍ بشعة، ومن جرائم إنسانية بحقّ الأبرياء من كلّ الطوائف والمذاهب والجنسيات، بل كل من يختلف معها، حتّى من داخل الوطن أو الدين نفسه. فلو لم يكن هناك فراغٌ فكري للمفهوم الصحيح للدين وللمواطنة، لما أمكن في السابق استقطاب هذا الحجم من أتباع هذه الجماعات.

ويسعى الكثير من العرب والمسلمين لنزع الصفة العربية والإسلامية عن جماعات التطرّف والإرهاب، بينما لا يجدون مشكلة في تعميم التسمية الطائفية أو المذهبية على أي خلاف سياسي محلّي أو خارجي!.

إنّ هذا النوع من الفكر الطائفي والمذهبي والعرقي يزيد الآن الشروخ الدينية والوطنية ولا يبني سدوداً منيعة أمام جماعات التطرّف، بل على العكس، يرفدها بمزيدٍ من المؤيّدين. فالمواجهة مع جماعات "التطرّف العنفي" تحتاج الآن إلى وقف كل الصراعات داخل المجتمعات العربية، وإلى تحقيق أقصى درجات التوافق الوطني والديني، وبناء مجتمعات قائمة على مفهوم المواطنة السليمة، وعندها يمكن محاصرة هذه الجماعات وتجفيف كل منابع الدعم المادي والبشري لها.

إنّ المنطقة العربية مهدّدةٌ الآن بمشروعين يخدمان بعضهما البعض: مشروع التدويل لأزمات عربية داخلية، ثمّ مشروع التقسيم الصهيوني لأوطان وشعوب المنطقة. وما تقوم به جماعات التطرّف الديني العنفي يساهم بتحقيق المشروعين معاً في ظلّ غياب المشاريع الوطنية والعربية التوحيدية.

 

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


البربر الأمازيغ عرب عاربة ـ وعروبة الشمال الإفريقي عبر التاريخ
بقلم: الدكتور عثمان السعدي

مستنقع شرق الفرات
بقلم: بيار عقيقي



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب صبحي غندور |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2024
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       64 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       فلسطين- غزة:ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 41118//وزارة الصحة الفلسطينية: 13 شهيداً جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مناطق متفرقة في قطاع غزة منذ فجر اليوم//وسائل إعلام فلسطينية: شهيدان جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلاً بحي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة//خمسة شهداء في قصف الاحتلال حي الزيتون ومخيم جباليا//       ندد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة، واصفاً الحادثة بالمروعة.// سابق يوم جديد من عملية طوفان الأقصى.. أبرز التطورات التالي العدو الإسرائيلي يواصل اعتداءاته على الجنوب اللبناني//       القوات الروسية تطهر 10 بلدات وقرى من قوات نظام كييف في كورسك//تنديد دولي باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة//       أحبار الأمة والعالم :المقاومة اللبنانية تستهدف مستوطنتي روش هانيكرا ومتسوفا بالصواريخ//كوبا تدعو المثقفين السوريين لدعم الرسالة المناهضة لإعادة إدراجها على قائمة الدول الراعية للإرهاب//       ستشهاد مواطنين اثنين جراء عدوان إسرائيلي بمسيرة على ريف القنيطرة//       المقداد لـ مانزي: نرحب بالعمل مع الوكالات الأممية وتسهيل عملها//تمديد فترة قبول طلبات المشاركة في منافسات الموسم الجديد من الأولمبياد العلمي السوري//الزراعة تناقش آليات دعم بذار القمح والأعلاف واستبدال بساتين الحمضيات الهرمة//       الاحتلال الإسرائيلي يسلم الصليب الأحمر جثامين 84 شهيداً قتلهم خلال عدوانه على قطاع غزة//المقاومة الفلسطينية توقع عدداً من جنود الاحتلال قتلى ومصابين جنوب قطاع غزة// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا)// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا) التالي وسائل إعلام لبنانية: استشهاد ٤ أشخاص جراء غارة لطيران العدو الإسرائيلي على بلدة مفيدون جنوبي لبنان//       نزوح قسري لآلاف الفلسطينيين من شمال قطاع غزة//39653 شهيداً منذ بدء الاحتلال عدوانه على قطاع غزة//وزارة التربية الفلسطينية: أكثر من 10 آلاف طالب استشهدوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//المكتب الإعلامي في غزة يطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية في اختطاف الاحتلال لجثامين الشهداء وسرقة أعضائهم//       فلسطين:شهداء وجرحى جراء عدوان الاحتلال المتواصل لليوم الـ 306 على قطاع غزة//حماس تعلن اختيار يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي//24 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       مذكرة تفاهم بين جامعتي البعث والبترول التكنولوجية الإيرانية // وضع مركزي تحويل كهربائيين جديدين بالخدمة في السويداء//صحة السويداء تستلم سيارات إسعاف لتلبية احتياجات المواطنين//