بقلم: مجموعة من العسكريين المختصين في مجال الامن العسكري
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 22-09-2019 - 1684 تهتم الجغرافيا العسكرية بدراسة الأرض التي تجري عليها العمليات العسكرية، ومنذ فجر التاريخ الإنساني تشكّل المعلومات الجغرافية عنصراً مهماً من عناصر النزاع العسكري، وتتخذ العمليات العسكرية طابعاً جغرافياً لأنها تجري على موقع ما، ولذلك الموقع بيئته الطبيعية المتميزة، ومناخه، ونظامه الثقافي. والعمليات العسكرية منظومة معقدة ثلاثية الأبعاد تتألف من الفعل وردود الأفعال، وتمتد من جبهة القتال حتى منشأ الإمداد والتموين عبر الأجواء والمحيطات، وتتألف أساساً من منظور جغرافي من الوقت والمسافة، وطبيعة الأوضاع السائدة ضمن إطار ذلك الوقت وتلك المسافة. ورغم أن الأسلحة والقيادة والتدريب وتخطيط المعركة، تؤثر إلى حدٍ كبير على الحملات، فإن الجغرافيا لها تأثير حاسم على النتيجة النهائية التي تسفر عنها الحرب أو المعركة، لذا ينبغي أن يضع المخططون العسكريون هذه العلاقة الجوهرية نصب أعينهم عند التخطيط للعمليات العسكرية، لاسيما عمليات عسكرية بحجم ونطاق العملية التي تجري أحداثها في أفغانستان. ومن هذا المنطلق ينبغي على القادة العسكريين على كافة المستويات دراسة الأوضاع الطبيعية والثقافية التي حددت نتائج المعارك عبر التاريخ، فجميع العمليات بغض النظر عن حجمها ونطاقها تتحكم فيها بيئة العمليات التي تشمل: الطقس، والمناخ، والأرض، والأوضاع الثقافية، إذ يتحتم على المخطط العسكري الناجح دراستها، وتقدير تأثيراتها، واختيار طرق العمل الملائمة، وتعديل خططه وفقاً للتحليلات الدقيقة للعوامل الجغرافية التي يتميز بها موقع معين. وتتفاوت تعريفات الجغرافيا العسكرية من باحث إلى آخر، فيعرّفها أحدهم تعريفاً واسعاً بأنها: “تطبيق المبادئ الجغرافية على الشؤون أو الأوضاع العسكرية”، (Coniglio 1991). ومن التعريفات الشائعة للجغرافيا العسكرية: “أنها دراسة العلاقة بين الناس والأوضاع الطبيعية والثقافية ذات العلاقة باستخدام القوة العسكرية”، (Jackman 1971). وهناك تعريف حديث يصلح للمتطلبات العسكرية الراهنة، وهو أن الجغرافيا العسكرية “هي استخدام المعلومات والأدوات والتقنيات الجغرافية لحل المشاكل العسكرية”، (Palka and Galgano 2001). وعند دراسة البيئة العسكرية لأفغانستان من المفيد أن نركّز في هذا التقويم المختصر على أوضاعها الطبيعية، وموقعها، ووصف أرضها ومناخها وطقسها، وغيرها من العوامل الطبيعية التي تؤثر على العمليات العسكرية في المنطقة.الموقع: يكتسب موقع أفغانستان أهمية بالغة في المعلومات اللازمة لفهم تعقيد البيئة العسكرية الأفغانية ودورها في الأحداث الراهنة، حيث يشكل موقع أفغانستان عاملاً محورياً لوصف بيئتها الطبيعية والثقافية، وتقع أفغانستان بين خط عرض 33ْ شمالاً و 65ْ شرقاً (انظر الخريطة رقم 1). وبذلك تقع أفغانستان ضمن حزام الأراضي الجافة وشبه الجافة في العالم، ومعنى ذلك أن أرض أفغانستان تتأثر بالعمليات الجيومورفية (شكل الأرض وسمات سطحها) التي تجعل منها أكبر منطقة جبلية في العالم، حيث بها جبال الهملايا وسلسلة الجبال المرتبطة بها مثل سلسلة جبال هندوكوش، علاوة على ذلك فإن موقع أفغانستان يدل على أنها تتأثر بالرياح الموسمية الآسيوية، وما يصبحها من أحوال جوية سيئة. وأخيراً فإن موقع أفغانستان يجعلها ملتقى طرق حضارات وتتنوع فيها الجماعات الإثنية، ولكن يمثل المسلمون الغالبية العظمى من سكان أفغانستان، فماذا يعني موقع أفغانستان لمجمل المجهود الحربي حالياً؟ أما المسافة من المناطق الأمامية في الولايات المتحدة الأمريكية قد تكون أفضل حالاً. ويتطلب الانتشار من وسط أوروبا قطع مسافة 4900 كلم و 2400 كلم و 4500 من دول الخليج العربي وجزيرة ديجو غارسيا على التوالي. ويعلم كل من سافر في رحلات جوية طويلة مدى تأثير الوقت والمسافة على جسم الإنسان. أما قطع تلك المسافات بالبحر فأكثر مشقة، حيث يلزم الوحدات البحرية المنتشرة من الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية قطع مسافة 15200 كلم عبر قناة السويس و 21920 كلم عن طريق رأس الرجاء الصالح خلال 14 23 يوماً من الإبحار، أما مسافة الإبحار من الساحل الغربي للولايات المتحدة الأمريكية فتصل إلى حوالي 000،20 كلم، وبناء على ذلك يتطلب الأمر أن يزامن المخططون العسكريون حركة القوات بدقة عبر نصف العالم تقريباً لضمان حشد القوات في الوقت والمكان الحاسمين. وهناك طريقة أخرى في الجغرافيا العسكرية لوصف موقع الدولة يطلق عليها اسم الموقع النسبي، لوصف موقع الدولة مقارناً بمواقع وثقافات مجاورة. ويتأثر ذلك بالمسافة وإمكانية الوصول إلى موارد أخرى وأناس أخرين ومؤثرات أخرى في المنطقة نفسها، وبناء على ذلك يمكن القول إن موقع أفغانستان النسبي يُعدّ عنصراً أساسياً في تحليلات المهتمين بالجغرافيا العسكرية لتاريخها وثقافتها وأوضاعها السياسية والاقتصادية التاريخ والجغرافيا وأخيراً العمليات العسكرية. وهكذا انتقل إليها خليط لا يُحصى من البشر واستقر فيها، مثل الإغريق والأتراك والعرب والأوزبك والفرس وهلم جرا؛ فلم تكن هناك أغلبية عرقية واضحة من بين هذه الأجناس المتنوعة التي يبلغ تعدادها حسب الإحصاءات الحديثة حوالي 26 مليون نسمة (من بينهم 4 ملايين لاجئ). وبالأحرى فهي دولة أقليات يغلب عليها البشتون في الشرق إذ يمثلون حوالي 40% من السكان (De Blij and Muller, 2000)، وتنتسب معظم حركة طالبان الحاكمة إلى البشتون، ويتألف تحالف الشمال في معظمه من الطاجيك والأوزبك، ولذلك كانت الانقسامات العرقية هي السمة البارزة في أفغانستان، واتسم تاريخها بسلسلة من النزاعات الداخلية (Margolis 2000). ورغم هذا التنوع العرقي يظل الإسلام هو العامل الأهم في الدولة، إذ يمثّل المسلمون نسبة 90% من الأفغان، من بينهم 85% من السنّة. ورغم ذلك ساهمت هذه الانقسامات المذهبية في تمزيق أفغانستان خلال تاريخها الحديث. وتتمسك حركة طالبان الحاكمة بتفسيرات متشددة للإسلام والقرآن، بينما ترفض جماعات عرقية أخرى هذه التفسيرات الأصولية المتشددة؛ ولاشك أن هذه الاختلافات المذهبية في تمزيق أفغانستان. الأرض: وتشكل المرتفعات الوسطى حوالي 70% من أرض أفغانستان، ويتكون هذا الإقليم بصفة أساسية من جبال هندكوش التي تحتل الجزء الأوسط من القطر . وهي مرتفعات وعرة تكثر عليها الثلوج ويصعب اختراقها. وتمتد سلسلة جبال هندكوش لمسافة 1000 كلم في اتجاه الجنوب الغربي من ممر بوخان الضيق بالقرب من الحدود الإيرانية في الغرب. وبالإضافة إلى سلسلة جبال هندكوش تنتشر سلاسل جبال أخرى في جميع الاتجاهات، مثل سلسلة جبال بامير شمال شرقي ممر بوخان، وسلسلة جبال بادقشان شمال شرق أفغانستان، وسلسلة جبال بارو بامسيوس، في الشمال، وسلسلة جبال سفيد كوه التي تشكل جزءاً من الحدود الأفغانية الباكستانية. وتتكون السهول الأفغانية الجنوبية من سهول مرتفعة وصحارى رملية، وهي الأراضي المنخفضة في أفغانستان، وتشمل: سهول تركستان وأراضي حيرات في الشمال الغربي، وحوض نهري سيستان وهيلماند في الجنوب الغربي، وصحراء ريفستان في الجنوب (انظر الخريطة). وتتصف التربة في هذه المناطق بالخصوبة الشديدة باستثناء الأراضي الواقعة على ضفاف الأنهار في الشمال الغربي. ويبلغ متوسط الارتفاع في هذه المنطقة حوالي 900 متر فوق مستوى سطح البحر. وتسهل حركة القطعات العسكرية في معظم هذه المناطق، إلاّ أن عدد السكان بها قليل، ولا توجد بها بنية تحتية تستفيد منها القوات العسكرية، علاوة على ذلك تكثر العواصف الرملية في الصحارى والسهول الجدباء، مما يعرقل العمليات الجوية (CIA, 2001). والسهول الشمالية هي أكثر أراضي أفغانستان خصوبة، وهي تمثل حوالي 15% من مساحة القطر. وتتكون من سفوح الجبال والسهول التي يخترقها نهر أموداريا .ويبلغ متوسط ارتفاعها حوالي 600 متر فوق مستوى سطح البحر. وفي ظل هذا الموقع الجغرافي الصعب لنا أن نتساءل: ما هي النتائج المترتبة على العمليات العسكرية من جراء أرض أفغانستان الجبلية التي تتألف ثلثي مساحتها من جبال شديدة الانحدار، ووعرة، وصعبة الاختراق؟ لاشك أن الأرض الجبلية مثل تلك الموجودة في أفغانستان تعيق الحركة وتحدّ من سرعة حشد القوات التي تقاتل في مثل هذه البيئة. ويحفل تاريخ أفغانستان بالمواجهات ضد الجيوش الغازية كالجيوش الروسية، ومن قبلها البريطانية، التي مُنيت بالإخفاق في هذه المنطقة. فهناك ثلاثة اعتبارات عسكرية ترتبط بأراضي أفغانستان الوعرة هي: النقل والارتفاع والأرض. أما فيما يتعلق بالنقل، فنجد أن الأودية الجبلية المنحدرة هي السبيل الوحيد للحركة حيث تكون الطرق ضيقة، وهي في حالة أفغانستان طرق غير معبدة جيداً ولا تتوفر لها الصيانة الملائمة (CIA, 2001). ويشكّل ذلك عائقاً للحركة الأرضية، وتقل إمدادات القوات، والتي تستخدم فيها أحياناً قوافل الحيوانات. والحركة على الطرق محفوفة بالمخاطر ومعرضّة للهجوم أو سد الطرق أمامها، وبخاصة في فصل الشتاء، كما تضعف المنحدرات من مجهودات النقل حيث تجعل تلك المنحدرات السيارات والحيوانات تنوء بأحمالها، ويتعذر النقل على الطرق التي تخترق المناطق شديدة الارتفاع لأن المحركات التي تعمل بالاحتراق الداخلي لا تتمكن من العمل لنقص الأوكسجين في المناطق المرتفعة، وأخيراً فإن النقل في هذه المناطق يشكل خطورة بالغة لأن الممرات الجبلية تلعب دوراً حاسماً في النقل والحرب. ونظراً لكثرة الجبال الشاهقة في أفغانستان، فإنها تعتبر بمثابة أرض حيوية ونقاط عسكرية خانقة تستخدمها مجموعات صغيرة من المقاتلين الأشداء، وقد استفاد الروس أيّما استفادة من هذا الدرس بعد أن ألحق المجاهدون خسائر جسيمة بصفوفهم، ودأبوا على تشتيت عملياتهم بالتشبث بالممرات الحيوية. ويكتسب الارتفاع أيضاً أهمية كبيرة عند تخطيط العمليات، فعلى سبيل المثال تفرض تعليمات الطيران أن يضع طاقم الطائرة وركابها أقنعة الأوكسجين على أفواههم عند التحليق على ارتفاعات تزيد على 4000 متر، وفي أراضي أفغانستان الجبلية قد يُطلب من الجنود القتال على ارتفاعات تزيد عن تلك الارتفاعات المشار إليها في تعليمات الطيران، لذلك تنتشر أمراض الارتفاعات العالية، ونقص الأوكسجين، والإجهاد البدني في هذه الارتفاعات الشاهقة، حتى بين الجنود المدربين جيداً والمزودين بالمعدات اللازمة. كما أن المناطق الجبلية المرتفعة تتصف بالبرودة الشديدة والتغيّر السريع في درجات الحرارة، والرياح الشديدة، فتتضافر كل هذه العوامل على تقليل فعالية القتال وإجهاد الجنود. وأخيراً، فإن الجبال العالية تكثر فيها العواصف العاتية التي تهب فجأة وبخاصة في فصل الشتاء وتشكل كل هذه العوامل خطورة على العمليات العسكرية والجنود وتقف حجر عثرة في طريق الإسناد الجوي وعمليات الإمداد والتموين، وتعيق الأراضي الجبلية حركة القوات وحشدها، كما تحدّ الممرات الضيقة والتلال الجبلية من الرماية المباشرة وغير المباشرة لمدى طويل. وتنتشر الكهوف في أودية الجبال كما هو الحال في أفغانستان لتختفي فيها القوات، وتوفر الأرض الوعرة مزايا للمدافعين الأمر الذي يحدّ من إمكانية إجراء مناورات كبيرة ومنسقة بقوات تقليدية. لذلك تكتسب عمليات الوحدات الصغيرة أهمية كبيرة ويصبح نصب الكمائن وتكتيكات الكر والفر هي النوع الرئيسي للعمليات العسكرية في هذه المناطق، وتتطلب هذه العمليات قوات محلية خفيفة وسريعة الحركة ولديها معرفة تامة بطبيعة الأرض. ونكرر القول إن الحرب الروسية الأفغانية في ثمانينيات القرن الماضي قد عززت استخدام هذا النموذج. المناخ: ولعل نظرة خاطفة للأحوال في أفغانستان تظهر أن هذه الدولة يسودها المناخ الصحراوي الجاف أو شبه الجاف، ولكن الواقع يختلف كثيراً بسبب تقلبات الضغط الجوي الكبيرة المرتبطة بالرياح الموسمية الآسيوية، وسلسلة جبال هندكوش التي تشطر القطر إلى قسمين، والجفاف المتواصل الذي عصف بهذه البلاد على مدار الثلاث سنوات الماضية (Barry and Charley, 1998). وتقع أفغانستان بالقرب من خط الطول 35، مما يجعل ارتفاعها مشابهاً لمناطق أخرى من العالم يسودها المناخ شبه الاستوائي ومناخ المناطق متوسطة الارتفاع والصحارى شبه الاستوائية الجافة (Espenschads 2000). ومناخ أفغانستان حار صيفاً وبارد شتاءً، وتزداد البرودة في المناطق المرتفعة. وتتجاوز درجات الحرارة في الصيف 40ْ مئوية، خصوصاً في المناطق الجنوبية الغربية، وتتدنى درجات الحرارة في الشتاء إلى 25ْ تحت الصفر (AFCC 1995). وتوثر الجبال المرتفعة على مناخ المناطق المحيطة بها، حيث تنخفض درجات الحرارة في المناطق المرتفعة، ويؤثر ذلك على تساقط الأمطار، وبذلك يكون المناخ في هذه المناطق مختلفاً كثيراً عن مناخ المناطق الجافة الأخرى. فعلى عكس الأحوال في المناطق الجنوبية الغربية من الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً، فإن معظم الأمطار تتساقط في أفغانستان خلال موسم الشتاء وبواكير الربيع، بينما تكون الأحوال الجوية في العديد من المناطق الأخرى مثل كابل وغيرها ملبدة بالسحب والغيوم والثلوج. وتتسبب كثرة الأمطار في فيضانات جارفة، حيث تمتلئ قنوات الأنهار المتقطعة بسرعة من جراء العواصف الرعدية والأمطار التي تحدثها الرياح الموسمية (D/C EnE 2001). إن موقع أفغانستان الذي يحتل مساحة كبيرة في قارة آسيا يتسبب في تفاوت درجات الحرارة تفاوتاً كبيراً على مدار اليوم والعام، ونظراً لأن أفغانستان ليس لديها منفذ مائي وتبعد كثيراً عن المحيطات والبحار فإن سطح الأرض فيها يتعرّض لارتفاع أو انخفاض مفاجئ في درجات الحرارة، ويتسبب ذلك في رفع درجات الحرارة خلال موسم الصيف ومنتصف النهار، وانخفاضها أثناء موسم الشتاء أو منتصف الليل، علاوة على ذلك فإن درجات الحرارة تتفاوت إلى حد كبير حسب اختلاف طبوغرافية الأرض. ويؤثر الارتفاع تأثيراً كبيراً على انخفاض درجات الحرارة، فتنخفض درجات الحرارة كلما زاد الارتفاع، بمعدل حوالي 5،6ْ مئوية لكل 1000 متر من الارتفاع (Barry and Chorly 1999). وينبغي تدريب الجنود جيداً وتزويدهم بالمعدات اللازمة للتعامل مع مثل هذه الأحوال المناخية السيئة، وتتمتع القوات المحلية بمزايا جيدة لأنها متأقلمة مع هذا المناخ ولديها خبرة واسعة في تقلبات درجات الحرارة. وخلاصة القول إن أفغانستان يتباين فيها المناخ، ولكنها في الغالب الأعم دافئة وجافة خلال فصل الصيف، وباردة وتتساقط أمطارها في فصل الشتاء، وتزيد درجات الحرارة خلال الصيف 40ْ مئوية، وتتدني درجات الحرارة خلال الشتاء إلى 25ْ مئوية تحت الصفر. ويفصح هذا المناخ عن نفسه في تأثيره على الجنود والعمليات، إلاّ أن الأمر يزداد تعقيداً بالضغط الجوي المرتفع باستمرار والسماء الصافية، مما ينتج عنه تقلب في درجات الحرارة، حيث يتراوح تقلّب درجات الحرارة خلال اليوم إلى 50ْ مئوية، كما تتسبب طبوغرافية الأرض في إحداث تغييرات جوهرية على المناخ ضمن مسافات أفقية قصيرة، مما يزيد الطين بلة ، فيتعرض الجنود لظروف مناخية قاسية على مدار اليوم والعام، فيؤثر ذلك على فعاليتهم ومعنوياتهم ويزيد معدلات الإصابة دون قتال. تأثير الأمراض: وفي التحليل النهائي يتضح أن 932،415 فرداً وهو رقم مذهل قد تلقوا العلاج من أمراض خطيرة، ويمثل ذلك نسبة 56،88%. وبمعني آخر فإن نسبة 67% من الجنود السوفييت في أفغانستان قد خضعوا للعلاج من أمراض خطيرة، في حين أن نسبة المرضى في الحرب العالمية الثانية، كانت 2،35% وتضمنت تلك الأمراض 308،115 حالات التهاب كبد وبائي و 080،31 حالة حمى تيفوئيد، أما الحالات المتبقيةالتي يصل عددها إلى 544،269 حالة، فتتراوح بين: أمراض الطاعون، والملاريا، والكوليرا، والدفتيريا، والحمى الشوكية، وأمراض القلب، والدوسنتاريا المعدية، والدسنتاريا الأمبيبية، والروماتيزم، وضربات الشمس، ومرض ذات الرئة، والحمي النمشية، والباراتيفوئيد (Grau and Jorgensen 1997)، وبذلك كان السوفييت يخوضون حربين: إحداهما ضد مقاومة المجاهدين، والثانية ضد البيئة التي تعتبر مأوى للأمراض التي تصيب الجسم بالوهن. وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية (2001م) إلى أن في أفغانستان عديداً من الأمراض المستوطنة، وقد عانى السوفييت أيما معاناة من هذه المشاكل أثناء احتلالهم لأفغانستان. وتصيب هذه المعدلات المرتفعة من الأمراض المعدية القوات العسكرية بالوهن، ولكن يمكن تخفيفها بالأدوية الواقية أو التطعيمات واتخاذ التدابير الصحية الميدانية كالنظافة وغسيل الملابس وتنظيف معدات النوم لأن ذلك من شأنه تقليل مخاطر الأمراض التي ينقلها البعوض (Benenson, 1995). وأخيراً فإن التغذية الصحية والتدريب الجيد يجعلان مقاومة الجنود للأمراض أفضل، فلا يتعرضون لأنواع مختلفة من الأمراض والطفيليات (Meade et al, 1988).
لا يوجد صور مرفقة
|