ان يعود الحديث مجدداً في واشنطن ويتمحور حول“قانون العدالة ضد رعاة الارهاب”، الذي يجيز لعائلات ضحايا هجمات الحادي عشر من ايلول، بمقاضاة دول مثل السعودية، ومطالبتها بتعويضات مالية ضخمة، هو حدث وعلامة تاريخية فارقة بكل المقاييس بمستقبل العلاقة بين الأمريكان والسعوديين، وهذا الحدث يتزامن مع تحذير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للملك السعودي بين الحين والاخر من أنه لن يبقى في السلطة “لأسبوعين” دون دعم الجيش الأمريكي، وطلب منه “مكافأة” على خدماته ،وهذا يؤكد أن ما تعيشه السعودية اليوم من تطورات وتغيرات جديدة وما يقوم به النظام السعودي من مغامرات ومقامرات جديدة في المنطقة العربية والإقليم ككلّ، يعيدنا إلى المشروع الذي تقدم به ماكس سينجر مؤسس معهد «هدسون» منذ سنوات للمسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية حول رؤيته لتقسيم السعودية والتي تمحورت ضمن أهداف عدة منها إقامة جمهورية إسلامية شرق البلاد تضمُّ حقول البترول فقط، مع الإبقاء على حكومة ملكية في باقي السعودية يحكمها «الأمراء الشباب الذين يحظون بدعم أميركي»، على أن تكون هذه الحكومة الملكية عرضة للسقوط بعد وقف الدعم عنها، والواضح اليوم أنّ فصول هذه الخطة بدأت تُطبَّق تدريجياً في السعودية.
وهنا ، يبدو أنّ حجم الخطر الذي يواجه السعودية والمقبل عليها من حلفائها الأميركيين، لم يغير حتى الآن في رؤية النظام السعودي لطبيعة تعامله مع معظم ملفات المنطقة وملفات الداخل السعودي كذلك، فتصرفات ومغامرات النظام السعودي تظهر أنه لم يدرك حتى الآن حجم مخاطر المشروع الأميركي الذي يستهدف السعودية، هذا المشروع الذي دفع السعودية إلى الانزلاق نحو مستنقعات سترهق السعوديين وتزيد من تفكك بنية المجتمع السعودي، وهو يهدف إلى توفير المناخ الخصب لتنفيذ فصول المشروع الأميركي التقسيمي في السعودية.
وبالتزامن مع هذه التطورات والمتغيرات والخطط التي تحاك للسعودية، نشهد زيادة ملحوظة في حجم الانتقادات في الغرب لدور السعودية في تمويل الجماعات المتطرفة،واليوم، فيبدو واضحاً، ومن خلال بعض الأحاديث والتحليلات التي بدأت تخرج إلى العلن من مراكز الأبحاث والدراسات في أميركا، أنّ هناك فعلاً مشروعاً أميركياً جديداً بدأ برسم سياسات جديدة للتعامل مع الملف السعودي، والأكثر وضوحاً هو أنّ هناك دعوات صريحة تصدر اليوم من داخل دوائر صنع القرار الأميركي تدعو إلى اختيار الوقت المناسب للانقضاض على السعودية التي من المتوقع، بحسب الرؤية الأميركية، أن تخرج من حرب اليمن أكثر ضعفاً وهشاشة، والمطلوب هو "حلبها ..حسب المفهوم الترامبي " ، وبالطبع هذا الموضوع بدأ يلقى رواجاً كبيراً داخل دوائر صنع القرار الأميركي.
يعلم السعوديون وبعض دوائرهم الرسمية كلّ هذه التفاصيل، وهم متيقنون من ذلك، فهم يدركون جيداً معنى أن يظهر إلى العلن مخطط كهذا، جلُّ القائمين عليه من صناع القرار الأميركي ، ولكن في هذه المرحلة يبدو أنّ النظام السعودي في عهد الحكم الجديد، ما زال يمارس مزيداً من المغامرات والمقامرات التي ستكون لها انعكاسات وارتدادات على السعودية حتماً في الأيام المقبلة، ومنها تأثيرات وارتدادات الحرب العدوانية الأخيرة على اليمن وملف الصراع مع إيران على الداخل السعودي.
ختاماً، هناك ،سؤال يطرح نفسه بهذه المرحلة ومضمونه : هل سيستفيق السعوديون هنا من غفوتهم ، حتى وإن كانت استفاقتهم متأخرة، قبل وقوعهم فريسة سهلة للمشاريع الصهيو ـ أميركية التدميرية في المنطقة؟.