لماذا القدس، ولماذا العين عليها منذ الفي سنة وحتى اليوم التقارير والمقالات | لماذا القدس، ولماذا العين عليها منذ الفي سنة وحتى اليوم
تاريخ النشر: 12-12-2018

بقلم: الدكتور هاني سليمان

إن ما يعرف بصفقة العصر، ليس بصفقة، بل هو إعلان من طرف واحد، رفضه الطرف الأخر، فسقط في المبدأ، والمطلوب أن يسقط في الواقع، وما إعلان نقل السفارة الأميركية إلى القدس، إلا إعلان سياسي على مستوى العالم يقوم على سلب الفلسطينيين حقهم، وتجييره لقوة غازية معتدية.

لقد وقف العالم كله ضد هذا الإعلان، كل بطريقته، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

وحدها الولايات المتحدة الأميركية بإدارتها الحالية، تتحدى العالم وقيمه الإنسانية واعرافه الدولية وشرعة حقوق الإنسان فيه.

قلنا إنه سقط في المبدأ، وها هو الشعب الفلسطيني العظيم يسقطه كل يوم في عمل تراكمي جبار، يجعل الطفل في السرير يهتف للكوفية وللحجر والبندقية، ويُسيل دمعة الكهل ترحماً على "عمر بن الخطاب" (صورة) الذي حرر القدس من يد الرومان الذين استولوا عليها سنة 63 قبل الميلاد. وعلى "صلاح الدين الأيوبي" الذي حررها من الفرنجة بعد الاستيلاء عليها سنة 1189م.

لماذا القدس، ولماذا العين عليها منذ الفي سنة وحتى اليوم؟

{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1 - الاسراء) }

يروي الصحافي الشهير "محمد حسنين هيكل"، أنه كلما جلس إلى وزير خارجية أميركا الأسبق "هنري كيسنجر" يقول له هذا الأخير:"دعك من الماضي ومن القومية العربية، أخرج من لغتك الخشبية وحدثني عن المستقبل المشرق والسلام الموعود مع إسرائيل، أعطوا القدس لإسرائيل وخذوا منطقة "أبو ديس" المحاذية لها، ونحن نبني لكم فيها مدينة أكبر واحدث من القدس، نحن في أميركا خلال شهرين نزيل أحياء بكاملها ونقيم مكانها أجمل المدن".

ومنذ شهرين أدلى "بنيامين نتنياهو" بتصريح معبِّر قال فيه: إذا قبل الفلسطينيون صفقة العصر فنحول غزة إلى سنغافورة الشرق الأوسط. يقصد انه سيجعلها مقصداً للسياحة والتجارة الدولية والأعمال الناجحة.

يروي وزير خارجية مصر الأسبق "محمد إبراهيم كامل" في كتابه الجدير بالقراءة بعنوان "السلام المفقود":أنه خلال محادثات "كامب دايفيد"، تشكلت لجنتان، واحدة مصرية وأخرى إسرائيلية، تجتمعان دورياً في كل من القاهرة وتل أبيب. وأنه خلال أحدى الاجتماعات دخل رئيس وزراء الكيان "مناحيم بيغن" إلى قاعة الاجتماع وخاطب وزير خارجيته "موثي دايان" قائلاً له: لماذا تضيعون وقتكم مع هؤلاء.. ثم التفت إلى محمد إبراهيم كامل وقال له: تطلبون منا الانسحاب من الضفة الغربية أرض آبائنا وأجدادنا، هل نحن مجانين لدرجة ان نفكر بمناقشة هذا الطلب، وهل طلبنا منكم يوماً أن تنسحبوا من القاهرة؟

صحيح ان فلسطين تعيش اليوم في عين العاصفة، لكنها لم تستسلم بل اعطت الدروس والعبر لكل دارس ومعتبر.

إن العدو يعيش مأزقه التاريخي، فبعد الوعد بالوصل بين الفرات والنيل، تسيج إسرائيل شرنقتها حول نفسها بالجدران العازلة مع كل بلد عربي، وخاصة مع قطاع غزة الذي قهرها بصموده التاريخي. لقد انقلبت الآية تماماً فبعد أن كان العدو يهدد بالعدوان، فإذا به يُطمئن المستوطنين إلى ارواحهم وأمنهم، بالقول أنه لا حرب في الأفق مع "حزب الله". إن الكيان الصهيوني على كف العفريتين،"ترامب" و"نتنياهو"، ولن تنفع صفقات أو اعلانات. من بلفور إلى "ترامب"، مئة سنة والشعب الفلسطيني يقاتل ولم يستسلم، ولم يرفع الراية البيضاء، بل بإذن الله سيرفع راية النصر والتحرير، وما النصر إلاّ صبر ساعة.


تنويه | المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع

جميع الحقوق محفوظة لموقع جامعة الأمة العربية © 2021 - 2013