إدلب بين الخيارات الامريكية والتركية والانتصار السوري التقارير والمقالات | إدلب بين الخيارات الامريكية والتركية والانتصار السوري
تاريخ النشر: 18-09-2018

بقلم: أمجد إسماعيل الآغا

وفق توجه استراتيجي حددته الدولة السورية، تستمر التطورات الميدانية لترسم بتطورها مساراً سياسياً سيُشكل ملامح المرحلة القادمة، فمنذ تحرير الغوطة الشرقية لـ دمشق و حتى تحرير الجنوب السوري مؤخراً، يبدو واضحاً أن الأدوات التي استُخدمت لتنفيذ المشروع الأمريكي في الشرق الأوسط، لم تستطع وعلى الرغم من أشكال الدعم كافة، أن تصمد أمام تقدم الجيش السوري، فكانت الهزيمة لهذه التنظيمات عسكريا ولمموليها سياسياً، و هذا ما دفع محور العدوان على سوريا إلى التسليم بأن الدولة السورية و جيشها عازمون على تحرير الجغرافية السورية من الإرهاب، بما في ذلك الشرق و الشمال السوري، لتكون إدلب عنوانا قادما لهزيمة استراتيجية لجهة امريكا و تركيا، فالتعويل على جبهة النصرة الارهابية لم يعد خيارا ناجحا أو رهانا استراتيجيا سواء في الصعيد الميداني او السياسي، و هذا ما بدا واضحا في تصنيف تركيا على أن جبهة النصرة منظمة ارهابية، فضلا عن التسليم الأمريكي و الخليجي و حتى الاسرائيلي بأن الجيش السوري لا حدود لعملياته العسكرية، و لن تتوقف مروحة انتصاراته حتى القضاء على الفصائل الارهابية أينما وجدت في سورية.
في ادلب، يبدو مسار معركة التحرير مشهدا مكررا من سيناريو تم تنفيذه في العديد من المناطق التي كانت تحت سيطرة الفصائل الإرهابية، ليكون المشهد في ادلب أقرب إلى خيارين لا ثالث لهما، الأول انسحاب العدو التركي من الشمال السوري ليتم بعد هذا الانسحاب حل التنظيمات الارهابية " على اختلاف مسمياتها "، و الثاني أن تكون ادلب مسرحا حربيا تديره تركيا ضد الدولة السورية و حلفاؤها في صورة شبيهة بالاحتلال الاسرائيلي للجولان السوري، و ضمن الخيار الثاني لا نعتقد بأن تركيا قادرة على الدخول في مواجهة مباشرة مع الدولة السورية للعديد من الأسباب أهمها فائض القوة العسكرية للجيش السوري يضاف الى ذلك الخبرة القتالية العالية للقوات السورية، و لا ننسى بأن الدولة السورية لديها حلفاء أقوياء " روسيا و ايران "، عليه تعي تركيا أن لا طائل من أي محاولات لعرقة تقدم الجيش السوري في ادلب، فالقرار السوري واضح و اختصره الرئيس الاسد بقوله " تحرير إدلب أولوية ".

/التخبط الأمريكي و التركي.. بداية قلب الموازين سياسيا و عسكريا/
المتابع للشأن السوري و تطوراته يدرك تماما بأن الجيش السوري تمكن من تغيير خارطة السيطرة العسكرية، و الدفع بوتيرة الحل السياسي إلى الأمام، فالمباحثات التركية مع روسيا و ايران إضافة إلى تراجع قطري سعودي واضح في التعاطي مع الملف السوري، بل و تمرير رسائل مفادها نريد الحوار و التقرب من الدولة السورية، هذا المشهد السياسي سيشكل انعطافة استراتيجية لجهة التأثير الامريكي عسكريا و سياسيا، و هذا بدوره سينعكس بشكل مباشر على التعاطي الاقليمي و الدولي فيما يخص التطورات السورية، فـ أمريكا لم تعد في موقع تتمكن من خلاله فرض الخيارات و كذلك تركيا، حيث أن كل المؤشرات و المعطيات تؤكد بأن أردوغان بات يدرك بأن التطورات تتجه لتحرير ادلب و القضاء على بيادقه هناك، بالتزامن مع انكفاء امريكي لجهة دعم الخيارات التركية، هذا السبب سيدفع أردوغان إلى البحث عن أصدقاء جدد، و الخروج من الملف السوري بطريقة تُرضي شركاؤه " روسيا و ايران ".
ترامب الخائف من تطورات المشهد في ادلب، الامر الذي دفعه إلى التلويح بضربات تستهدف الجيش السوري بذريعة استخدام السلاح الكيمائي، و هنا من المفيد أن نذكر بأن بولتون " مستشار الأمن القومي الأمريكي " إبان زيارته للمنطقة أكد أنه " لا تفاهم بين الولايات المتحدة و روسيا فيما يخص خطط الرئيس بشار الأسد لاستعادة السيطرة على إدلب "، مشدداً في الوقت نفسه على أن " بلاده ستردّ بقوة على أي استخدام للأسلحة الكيميائية أو البيولوجية في إدلب "، و هنا نجد أن التخبط الأمريكي واضح جدا، ففي مشهد يحاكي تصريحات بولتون الأخيرة، حذرت واشنطن الدولة السورية من الاقتراب باتجاه الجنوب السوري، لكن الدولة السورية و حلفاؤها لم و لن يقفوا عند التصريحات الامريكية، ليبدد بذلك الاصرار السوري توجهات واشنطن و تصريحاتها، و لتتبدل مواقفها و تغض النظر عن استعادة الجيش السوري للجنوب بالكامل، و هذا يؤكد بالمنطق السياسي بأن سياسة واشنطن تجاه سوريا متحولة نتيجة تمكن الدولة السورية من فرض الوقائع عسكريا، و على الرغم من التهديدات الأمريكية بالرد على أي هجوم يشنه الجيش السوري لاستعادة ادلب، لكن الهزيمة الاستراتيجية لمحور العدوان ستكون حتمية في ادلب و ريفها، فهناك تسليم ضمني صادر عن امريكا و أدواتها بقدرة الجيش السوري على حسم المعركة، لتصبح بذلك التهديدات و التصريحات الامريكية خرقاء تداوي بها انكسارات الارهابيين.
" في المحصلة "
على الرغم من الألغام السياسية و العسكرية التي وُضعت بطريق الدولة السورية و جيشها، إلا أن طريق النصر الذي خَطه الرئيس الأسد اقترب من نهايته، ليكون الانتصار السوري عنوان التغيرات الاقليمية و الدولية، فضلا عن أن التهديدات التي أطلقها الأسد ستجعل من محور العدوان على سوريا يُعيد من بحث خياراته العسكرية، فلا مكان للإرهاب في أي نقطة من الجغرافية السورية، و القرار اتُخذ، و كل الرهانات من الدول الداعمة للإرهاب لن تجدي نفعا، و أي جهة تعول على الامريكي أو التركي أو السعودي أو الاسرائيلي، كمن يعول على الشيطان الذي سيوصله إلى التهلُكة.


تنويه | المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع

جميع الحقوق محفوظة لموقع جامعة الأمة العربية © 2021 - 2013