جامعة الدول العربية، نكبة أمة التقارير والمقالات | جامعة الدول العربية، نكبة أمة
تاريخ النشر: 02-04-2018

بقلم: ميلاد عمر المزوغي
منذ وُعينا على هذا الكون ونحن نسمع بالجامعة العربية والأرض بتتكلم عربي,أمجاد يا عرب أمجاد وغيرها من الشعارات في زمن المد القومي الوحدوي والذي سرعان ما قابله الغرب الاستعماري ومن ورائه الشعوبيون بوأد أول كيان وحدوي حديث,ما لبث أن تمت التصفية الجسدية لمن أراد لهذه الأمة أن تكون امة جديرة بالحياة بين الأمم وتحفظ كرامة المواطن الذي ظل عقودا يرزح ويئن تحت نير الاستعمار الغربي الذي نهب خيراتها .
خلال العقود الماضية لم تفعل الجامعة معاهدة الدفاع العربي المشترك,بل نجد بعضا من أعضائها يعملون ما في وسعهم من اجل تفتيت الأمة,بعض العرب هم من طلبوا من صدام مهاجمة إيران خوفا على عروشهم,فكان أن دمرت مقدرات الشعب العراقي,شاركوا بأموالهم وجنودهم في حرب تحرير الكويت,خوفا على سلطانهم من نظام البعث ليظلوا متحكمين في قرارات الجامعة العربية.
سارعوا وبأسرع من البرق في تحويل ملف الأزمة الليبية إلى مجلس الأمن لتحقيق رؤى العم سام في خلق الشرق الأوسط الجديد,فكان تدمير ليبيا والتي لا تزال تتخبط بفعل مساعدة الكثير من العرب للعصابات الإجرامية التي انقلبت على الشرعية في ليبيا,ليستمر مسلسل نزف الدماء والتدمير الممنهج لمقدرات الليبيين بما فيه ثرواتهم الطبيعية.
 فعلوا نفس الشيء مع سوريا,لم يكتب لـ"مخططهم" النجاح حيث لم يتم استصدار قرار أممي بالتدخل في سوريا,لكن بني يعرب ما يزالون وعلى مدى أربع سنوات مستميتون في تقديم الدعم بشتى أنواعه"المادي والبشري"لعصابات شهد العالم اجمع بمن فيهم ممولي تلك العصابات بإجراميتها,ولأن أعمال الإرهابيين قد تطال مصالح الغرب,فما كان من إخوتنا إلا السير في نهج أسيادهم الغرب بان أعلنوها حربا على الإرهاب ولكنهم في المقابل لا يزالون يدعمون الإرهابيين, ليبعدوا عن أنفسهم ويلات ما اقترفت أيديهم بحق الشعوب التي تغشاها الربيع العربي فحملت أضفانا وكرها قد يستمر لسنين عددا.
اجتماعات العرب بشان القضية الفلسطينية لم تساهم في تحرير الأرض بل نجد أن العرب عرضوا على الكيان المغتصب "الأرض مقابل السلام" وكلنا يعلم أن عديد الأنظمة العربية تقيم علاقات دبلوماسية وتجارية مع كيان العدو وتستقبل كبار مسئوليه,بينما لم تقدم أي شيء يذكر من شانه أن يساهم في تشبث الفلسطيني بأرضه ومن ضمن مقترحاتهم ما أقدموا عليه مؤخرا بشان القضية الفلسطينية الذي يستبعد حق اللاجئين في العودة.
لم تقدم الجامعة أية مساعدات ولم تقم بأية مشاريع استثمارية في الدول الفقيرة لأجل المساهمة في تحسين مستوى المعيشة وخفض معدلات البطالة بينما نجدها تقدم المساعدات السخية عندما يحل غضب الطبيعة ببلدان الغرب والقروض الميسرة للعجم.
اجتماعات الجامعة أشبه ما تكون بمنتديات عكاظ الخطابية,مقررات القمم مجرد حبر على ورق ليس إلا,الأمر ليس بيدها, فأماكن صنع القرار بعواصم الغرب وما على العرب إلا السمع والطاعة وسرعة التنفيذ,اجتمع العرب لأجل ليبيا غالبيتهم "باستثناء الجزائر" أعلن مساندته للشرعية لكنهم لن يفلحوا في تقديم الدعم اللازم للجيش الوطني الذي يخوض حربا ضروسا ضد الإرهابيين,لأن الغرب يريد المزيد من سفك الدماء وتسوية ما تبقى من عمائر بالأرض لتكون فاتورة إعادة الإعمار باهظة الثمن,أما لماذا تحفظت الجزائر على مشروع البيان "بالأدراج" فقد يكون إخوان ليبيا قد وعدوها بجزء من أموال الشعب الليبي التي نهبوها على مدى سنوات حكمهم الرشيد وبالتأكيد ستكون هبات مجانية ليست قابلة للرد على غرار ما تحصل عليه إخوان مصر إبان حكم مرسي.
نتمنى من الخيرين من أبناء الأمة أن يخرجوا من عباءة هذه الجامعة التي لم يعد هناك مبررا لوجودها,كما أنها وللأسف أثبتت أنها وعلى مدى عمرها الحافل بالنكسات والهزائم لا تعمل من اجل رقي ورفاهية العرب,بل لجعلهم خانعين للغرب إلى ابد الآبدين.
*********
ندرك ان العرب ومنذ رحيل عبد الناصر لم يعد لهم كيان سياسي يجمعهم,لاءات الخرطوم في ذروة النكبة,ذهبت معه واستبدلت بالأرض مقابل السلام, ابواب عواصمنا مشرعة في وجه ساسة الكيان المغتصب لفلسطين,يستقبلون بالأحضان وآخرون يستقبلونهم على حياء ويقيمون معهم علاقات متميزة في شتى المجالات وللعدو سفارات ومكاتب ارتباط وتبادل زيارات وإقامة امسيات ثقافية (تطبيع ثقافي) بحجة ان اليهود الوافدين من بعض البلاد العربية يحنّون الى اوطانهم.
كنا نعتقد ان انتفاضة 30 يونيه المصرية ضد الاخوان ستصوب المسار الذي انحرف بفعل زعماء المال فساهموا في نكبة (الربيع العربي) ولكن يبدو ان الزعامة المصرية الحالية قد انحنت لتيار الشرق الاوسط الجديد المدمر علّها تخرج منه بأقل الأضرار, لقد سلبت الزعامة منها, فمواقفها تدعونا الى الشفقة عليها.
لقد افلح الاردن في ان يكون الزعماء العرب على مرمى حجر من الاقصى,علّهم باستخدام مناظيرهم(تلسكوباتهم)يشاهدون ما حل بالضفة من تمزيق لأوصالها عبر البؤر الاستيطانية اللامحدودة, وان الحديث عن اقامة دولتين انما هو ضرب من الخيال.اكاد اجزم بان من اجتمع بالبحر الميّت قد ماتت القضية في عقولهم وأنهم يسعون وبكل الطرق الى دفنها وقد قبضوا ثمن ذلك,ويبقى الفلسطينيون مشردين في محاولة ممن يدّعون بشرف الانتساب الى بني يعرب ويكتبون التيه على الفلسطينيين اسوة ببني اسرائيل.
تحدث ملك الاردن,سليل بني هاشم(!)الوصي عن المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس بأنها مسؤولية تاريخية يتشرف الأردن بحملها نيابة عن الأمتين العربية والإسلامية. وأضاف بالقول بأنه سيواصل دوره في التصدي لأي محاولة لتغيير الوضع القائم، وفي الوقوف بوجه محاولات التقسيم،الزماني أو المكاني، للمسجد الأقصى.ترى عن أي وضع قائم يتحدث؟لقد اختزلت فلسطين التاريخية في حدود 4 حزيران,ما لبث ان اختزلت في القدس بل اصبح الحديث عن القدس الشرقية نوع من التفاخر, والتمني على ترامب بعدم نقل سفارة بلاده اليها.
العراق لم يعد ارض السواد,بل اصبحت راياته سوداء دلالة على مدى الجور والظلم والاستبداد الذي يلحق بأهله,سوريا تصارع امما تنهشها من كل الاطراف,اليمن لم يعد سعيدا بل يفتقر الى ابسط سبل العيش,اما بشان ليبيا فان الحكام العرب ابوا إلا ان يثبتوا لليبيين بأنهم شعب لم يبلغ الرشد بعد,فاستهتروا بخياراتهم الديمقراطية (الانتخابات البرلمانية) فأعلنوا وبكل وقاحة اعترافهم بمجلس الوصاية وتقديم الدعم السياسي والمادي واعتباره الجسم الشرعي الوحيد في ليبيا والامتناع عن الدعم والتواصل مع مؤسسات موازية(منتخبة). والتأكيد على دعم مجلس الجامعة العربية للتنفيذ الكامل للاتفاق السياسي الليبي، الموقع في الصخيرات المغربية.نتمنى على مجلس النواب ان يعلن انسحاب ليبيا من (الجامعة)التي لم تعد عربية بل اصبحت اداة طيّعة لتنفيذ مخططات الغرب. 
الذي لاشك فيه ان زعماء الخليج العربي قد افلحوا في الاطاحة ببعض الحكام العرب, لكن تلك البلدان التي شملها التغيير لم يتحقق لمواطنيها الفردوس الموعود,بل اصبحت الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية اشد وطأة,اما عن الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة وحرية التعبير,فحدث ولا حرج,اصبح لدينا اكثر من دكتاتور,والسجون امتلأت بأصحاب الرأي الاخر. الشعوب المنكوبة في كل من العراق سوريا اليمن ليبيا تونس مصر لا تزال تعيش حالة مخاض عسير,مع كل المحن هناك بصيص امل, وسيجد الشرفاء طريقهم الى توحيد الامة وسيهزم اصحاب الصولجانات ورؤوس الاموال ويولون الدبر.


تنويه | المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع

جميع الحقوق محفوظة لموقع جامعة الأمة العربية © 2021 - 2013