الإرهاب والمؤامرة التقارير والمقالات | الإرهاب والمؤامرة
تاريخ النشر: 03-03-2018

بقلم: الدكتور نبيل طعمة
دعونا نستذكر بشكل دائم أن الولايات المتحدة لم تهدأ، ولم تستكن منذ وصول سورية إلى جلاء المستعمر عن أراضيها وحتى اللحظة عن التآمر عليها، ونمرُّ على الكيفية التي ناهضت سورية مع مصر مشروع أيزنهاور، وبشكل واضح وصريح هذا الذي لم يرق حينها للولايات المتحدة، فأخذت تلتمس الذرائع للتدخل في شؤونهما، وفي الضغط عليهما وتهديدهما، وظهر بيان في ذلك الوقت يسرد وقائع الضغط الاستعماري الأمريكي على سورية بشكل خاص ومؤامرة مبعوثها لوي هندرسون إلى الشرق الأوسط، وتدخل وزير خارجيتها جون فوستر دالاس المفضوح في الشؤون الداخلية السورية، ناهيك عن الدور الأردني مع الأمريكي، فضلاً عن الحشود التركية والإنذار السوفييتي في تشرين الأول 1957 للأتراك، وإنزال الجنود الأمريكيين على أراضيها بزعم مناورات الأسطول السادس، وكان ذلك أيضاً لأن سورية كانت تمضي في تحصين دفاعاتها أمام أطماع الكيان الصهيوني المحمي دائماً من قوى الاستعمار.
ما أشبه الأمس باليوم، ونحن نتحدث عن حلفاء سورية وأعدائها وأساليب الاستعمار الذي مهما اتخذ من أشكال، نجد أن مصالحه تدفعه لأن يطفئ أي جذوة، تأخذ بشق طريقها للظهور والحياة، ويضع جميع العراقيل في سبيل منع نموّها وتقدمها وتطورها، وهذا الذي يقوم به قادة الاستعمار القديم الحديث، هذا الاستعمار الذي يتذوق الهزائم بين الفينة والأخرى، نراه متحفزاً بشكل دائم للقيام بحملات تلو الحملات، وآخرها حملة الإرهاب على كل من يكافح من أجل الحياة، ويقاوم مشاريعه.
إذاً الحليف الرئيس لم يتغير، طبعاً الاتحاد السوفييتي، وقوامه روسيا الاتحادية سابقاً، الذي استمر بدعمه لسورية حتى انفراط عقده بسبب البيروسترويكا التي أنهته عام 1991 وظهور روسيا الاتحادية التي أريد من قوى الغرب إنهاؤها وتحويلها إلى تابع، إلا أنها سرعان ما استعادت حضورها، وعادت لدورها الريادي الداعم لقوى الحق والتحرر في العالم، على الرغم من نهجها الرأسمالي، بحكم انتهاء أيديولوجيا الديالكتيك التي تهيمن على مسارها، ومنه كان استمرار التعاون البناء بينها وبين سورية التي حفظت الود والعهد والمواثيق والوفاء لمبادئها وقيمها وللداعمين الواثقين بانتصاراتها على قوى الشر والعدوان.
إنها سورية التي تبادل الوفاء بالوفاء، تتحرك بقوة للقضاء على الإرهاب الذي غزاها تآمراً عليها، وعلى وجودها، وعلى قيادتها، وهي التي جيَّشت منذ ثمانينيات القرن الماضي شرفاء العالم، وطالبت الأمم المتحدة وجمعت الجامعة العربية لتعريف الإرهاب وتحديد منابعه وسبله وتتبعها، إلا أن الميوعة الأمريكية مع حلفائها المستفيدين من هذه الظاهرة التي كما تحدثت غدت شكلاً جديداً من أشكال التآمر على الشعوب والدول الآمنة والمسالمة الساعية للتطور بأحقية الوجود للجميع، تمنع ومازالت الوصول إلى أي تعريف إلا من باب أهوائها.
لم تؤمن سورية العروبة يوماً بالحرب على الإرهاب ضمن اللغة التي سرت للوصول إلى نتيجة منها، ألا وهي أنها آمنت بدحر الإرهاب وسحقه ومحو آثاره، هذا الإيمان الذي دعت الجميع لفهمه والتعامل معه، لأنها استوعبت مخرجات المؤامرة ومدخلات الإرهاب، وبأنهما وجهان للاستعمار القديم الحديث، الذي تقاومه وتكافح آثاره سورية على مدى خمسين عاماً وأكثر، سورية التي تؤمن بالحفاظ على وجودها، تؤمن بحقوق المواطنة، وتعمل عليه بالمنطق السياسي والاجتماعي، وتدفع لأن يكون الجميع تحت مظلة وطن، وتعتبر أن كل من يخرج عن القانون، يخرج عن المنطق الوطني، والذي يحمل السلاح أيّ سلاح ضد وطنه هو إرهابي بامتياز، ويجب إنهاؤه، لأنه يكون دخل المؤامرة، ولبس لبوس الإرهاب.
هكذا هي العلاقة بين التآمر والإرهاب الذي انكشف للجميع، ويتمسك به الاستعمار القديم الحديث بزعامة أمريكا ومن تديره.


تنويه | المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع

جميع الحقوق محفوظة لموقع جامعة الأمة العربية © 2021 - 2013