يعدُّ الاستثمار الدولي International investment من أهم النشاطات العابرة للحدود ضمن مجال العلاقات الدولية الاقتصادية، ويتعلّق خصوصاً بنقل الأموال الوطنية ـ العامة والخاصة ـ عبر توظيفها في مشروعات اقتصادية وتنموية خارج الحدود الوطنية؛ بقصد تحقيق الربح. لذلك يُستبعد من مفهوم الاستثمارات الدولية مجرد الانتقال العابر للأموال دون توافر قصد توظيفها للاستثمار، كمصاريف النقل والسفر والسياحة وشراء العقارات للأغراض الشخصية، وما إلى ذلك من حركة تنقل الأموال لأهداف لا علاقة لها بالتجارة والاستثمار.
وقد ازدادت أهمية الاستثمارات الدولية بوصفها مصدراً للتمويل الدولي، حيث تركَّز معظمها في الدول النامية، وكان مصدرها الأساسي الدول الصناعية. كما حلّت هذه الاستثمارات محل المساعدات الإنمائية والقروض الخارجية بوصفها مصدراً رئيسياً لجذب رؤوس الأموال الأجنبية؛ نظراً للنمو الضخم الذي شهدته حركة رؤوس الأموال التي فاقت بمعدلاتها نمو حركة التجارة الدولية للسلع والخدمات، ولكون الاستثمارات الأجنبية أقل عبئاً من القروض الخارجية والتي تُلقي على عاتق الدول النامية أعباءً لا طائل لها لخدمة سدادها مع فوائدها المستحقة. فالاستثمارات الدولية غير منشئة مبدئياً للديون، ولا تخضع لمبدأ المشروطية التي تفرضها المؤسّسات المالية الدولية، كما أن تحويل أرباحها يتمتع بقدر كبير من المرونة.
كما لجأ الكثير من الدول إلى تشجيع الاستثمارات الأجنبية بشكليها العام (المشروعات الدولية المشتركة) والخاص (الاستثمارات الأجنبية الخاصة Joint projects international) وتوفير المناخ المناسب والضمانات القانونية والسياسية الملائمة لها؛ رغم أن معظم هذه البلدان قد دأبت على وصف الاستثمارات الخاصة بأنها أدوات امبريالية لاستغلال الموارد الطبيعية للدول الفقيرة وتجاهلها لمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية لهذه الدول وتحويلها لتدفقات مالية ضخمة ـ والمتمثّلة بالأرباح المتحققة ـ باتجاه الدول التي يتبع لها المستثمرون الأجانب، وهذا ما يتعارض مع المصالح الوطنية للدول النامية.
أولاً ـ المشروعات الدولية المشتركة:
وهي إحدى أهم أشكال الاستثمارات الدولية ومظهر من مظاهر التعاون الدولي لتمويل عملية التنمية الاقتصادية. ويُطلق أحياناً على هذه المشروعات تعبير الاستثمارات الدولية العامة، مقارنة بالاستثمارات الدولية الخاصة. ويمكن تعريف المشروعات الدولية المشتركة بأنها: "المشروعات التي تشترك في إنشائها دولتان أو أكثر بقصد القيام بنشاط استثماري معيّن لخدمة أهداف التنمية الاقتصادية للدول الشركاء".
1ـ شروط المشروع الدولي المشترك:
تنشأ المشروعات الدولية المشتركة تحقيقاً لمصالح متبادلة بين أكثر من دولة لاستغلال مشروع اقتصادي أو إدارة مرفق عام مشترك يعود بالنفع على جميع الشركاء. وهنا يتوجب توافر الشروط التالية في المشروع الدولي المشترك:
أ ـ أن تكون المساهمة عبر حكومات دول، إما مباشرة وإما بواسطة إحدى هيئاتها ومؤسساتها العامة التابعة لها، وهذا ما يميّز المشروع الدولي المشترك من الاستثمار الأجنبي الخاص الذي يسهم به رأس المال الأجنبي التابع للأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين.
ب ـ أن يكون الهدف هو خدمة التنمية الاقتصادية الدولية، وهذا ما يميّز المشروع الدولي المشترك من المنظمة الدولية التي تستهدف تطوير مجالات التعاون الدولي. في حين يقوم المشروع الدولي المشترك بنشاط استثماري عابر للحدود؛ لإنتاج سلع أو تقديم خدمات لدول أو لأفراد.
ج ـ أن يتصف المشروع الدولي المشترك بالثبات والدوام. وليس المقصود هنا أن يستمر المشروع قائماً إلى الأبد، ولكن يتعين أن يكون له نظام قانوني مستقر، وليس مجرد نشاط اقتصادي أو استثماري عرضي ومؤقت.
2ـ أنماط المشروع الدولي المشترك:
تتّخذ المشروعات الدولية المشتركة، أشكالاً قانونية مختلفة سواء من حيث التمويل أم البنية التنظيمية أم الإدارة، وهذا ما يتعرّض له الميثاق المنشئ للمشروع ونظامه الداخلي المتفق عليه بين الأطراف المعنية، والذي ينظِّم أيضاً الشخصية القانونية للمشروع ونظام العاملين فيه، وإجراءات تسوية المنازعات الناشئة من تفسير أحكامه وتطبيقها. ومن الصيغ القانونية المألوفة للمشروع الدولي المشترك؛ الآتية:
أ ـ الشركة الوطنية ذات النظام الدولي أو شبه الدولي: حيث يأخذ المشروع الدولي صفة الشركة التي تتمتَّع بجنسـية إحدى الدول الأطراف أو دولة غير طرف في المشـروع، أو يتمتَّع بجنسية متعددة تشمل جنسيات الدول الأطـراف كافة. وهنا تستطيع الدولة الذي يستثمر المشروع على أراضيها؛ أن تحتكر عناصر إدارة نشاطات المشروع ومراقبتها وإخضاعه لقانونها الداخلي، لكن بما لا يتعارض مع التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق الدولي المنشئ للمشروع. ومن الأمثلة المعروفة على هذا الشكل من المشروعات الدولية المشتركة، إنشاء بنك التسويات الدولية كشركة مساهمة سويسرية تتمتَّع بنظام دولي خاص يستمد أحكامه من الاتفاق المنشئ لعام 1930 والمعقود بين ألمانيا وفرنسا واليابان وتركيا وسويسرا.
ب ـ الشركة الدولية: وهو الأسلوب المفضَّل لإدارة المشروع الدولي المشترك، حيث لا يخضع هذا المشروع لجنسية دولة معيّنة أو لنظامها الداخلي، وإنما يحدد الاتفاق المنشئ للمشروع نظامه وشخصيته القانونية المستقلة وجميع الأحكام التفصيلية الأخرى. وهنا تطبق ـ إضافة إلى نصوص الاتفاق المنشئ ـ المبادئ العامة المتعارف عليها لدى الأنظمة القانونية المختلفة. مثال ذلك الشركة الأوربية لمعالجة النظائر المشعّة كيميائياً، والتي تأسست بموجب اتفاق عام 1957 المعقود ضمن إطار المنظمة الأوربية للتعاون الاقتصادي.
ج ـ المرفق الدولي العام: وهنا يتم إنشاء هيئة أو مؤسسة عامة لاستغلال مرفق عام وإدارته يقدم خدماته دون تحقيق أرباح. ويجد هذا الشكل من المشروعات الدولية المشتركة أكثر تطبيقاته في قطاعات النقل والطاقة والاتصالات الدولية، وكذلك في مجال الصيرفة وإنشاء بنوك التنمية الإقليمية وتطوير مصادر الثروة الطبيعية المشتركة. وأهم أمثلتها ما يتعلق بإنشاء المصرف العربي الدولي للتجارة والتنمية، وذلك بموجب اتفاق عام 1973 بين مصر وليبيا وسلطنة عمان، حيث نصَّت المادة العاشرة من هذا الاتفـاق على أنه "لا تسري على المصرف أو فروعه القوانين المنظمة للمصارف والائتمان والرقابة على النقد والمؤسّسات العامة أو ذات النفع العام وشركات القطاع العام والشركات المساهمة في الدول الأعضاء التي يعمل بها المصرف أو فروعه".
وفعلاً، فقد أسهمت المشروعات الدولية المشتركة ـ باعتبارها إحدى صور الاستثمارات الدولية ـ في تأدية دور ملموس لتمويل مشروعات التنمية لدى العديد من الدول، المتقدِّمة منها والنامية. وتُذكر على سبيل المثال سلسلة المشروعات المشتركة التي عقدتها جمهورية مصر العربية، وهي من أوائل الدول في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، التي تلجأ إلى هذا النوع من التعاون المشترك في مجال الاستثمارات الدولية، وخاصة ضمن قطاع البترول.
ثانياً ـ المشروعات العربية المشتركة:
إنَّ أهم ما يُميّز المشروعات العربية المشتركة هو الاختلاف حول تحديد مفهوم موحَّد لها؛ نظراً لتباين مصادر نشأتها أو صيغتها القانونية أو جنسية المساهمين فيها أو أهدافها التجارية أو التنموية أو التكاملية. ولغرض احتواء هذا التباين، استخدم مجلس الوحدة الاقتصادية العربية مفهوماً موسعاً للمشروعات العربية المشتركة: "إن المشروع المشترك يشمل كل صور التعاون الذي يستمر لفترة من الزمن بين طرفين أو أكثر ينتمون إلى دول مختلفة في سبيل القيام بنشاط استثماري معيّن أياً كان الشكل التنظيمي لهذا التعاون. وعلى هذا الأساس، فإن العناصر الأساسية للمشروع المشترك هي تعدُّد الأطراف المشاركة، والقيام بالاستثمار، والاستمرار الزمني، وقد يأخذ المشروع المشترك الصيغة التعاقدية بين الأطراف المساهمة، أو صفة الشركة بأشكالها المتاحة في القانون التجاري، أو أية صيغة مناسبة أخرى".
إذاً، يتضح من مفهوم المشروع العربي المشترك أعلاه أنه يشمل جميع المشاريع الاستثمارية التي تشترك في إقامتها أطراف عربية، سواء أكانت جهات حكومية أم مؤسسات قطاع عام أم مختلط، وتستهدف القيام بنشاط استثماري أو إنتاجي أو خدمي أو مالي، من شأنه أن يحقق الربح والمنافع الاقتصادية، أو يساعد على تحقيق التكامل بين اقتصاديات الأقطار العربية. وهنا يتوجَّب التمييز بين المشروعات العربية المشتركة التي تتم حصراً بين البلدان العربية، والمشروعات الدولية ـ العربية المشتركة التي تتم مع أطراف أجنبية، والتي يرى فيها بعض المختصين تكريساً لحالة التجزئة والتبعية وتعيق مسيرة التكامل الاقتصادي العربي. وتسهم المشروعات العربية المشتركة في تحقيق الأهداف التالية:
1ـ زيادة القدرة الإنتاجية العربية وتعزيز التخصُّص في العمل والإنتاج.
2ـ استثمار الادخارات والفوائض المالية العربية في مشاريع تخدم التنمية والتكامل الاقتصادي العربي.
3ـ تسهيل انسياب رؤوس الأموال العربية بين البلدان العربية وخلق سوق عربية واسعة.
4ـ رفع مستوى التكنولوجيا العربية والخبرات الفنية والمهنية.
5ـ تحقيق نوع من التكامل المرن الذي يتطلَّب تنازل الدول العربية عن قدر من سـيادتها، ويعزز مصالحها المشتركة من حيث الإسهام في الملكية والإدارة والأرباح والمنافع المتبادلة.
1ـ التطور:
تعود الخلفية التاريخية لفكرة المشروعات العربية المشتركة إلى مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، وذلك عندما تم طرح الموضوع على جدول أعمال المجلس الاقتصادي والاجتماعي لدى جامعة الدول العربية. وقد تنازعت حينها وجهتا نظر متباينتان: الأولى تطالب بتحقيق التكامل العربي الاقتصادي عبر قنوات تحرير التجارة العربية كإقامة سوق عربية مشتركة أو اتحادات جمركية ومناطق تجارة حرة عربية تسهم في تخفيض القيود المفروضة على انتقال السلع وعناصر الإنتاج من رؤوس أموال ومستثمرين وتكنولوجيا أو إلغائها. في حين كانت تنادي وجهة النظر الأخرى بضرورة استثمار الادخارات والفوائض المالية العربية في مشاريع إنتاجية تسهم في تعزيز القاعدة الإنتاجية والتنموية للدول العربية؛ مما يقلِّص من الاستعانة بمصادر التمويل الخارجية، وبالتالي التخلص من براثن التبعية للخارج. ولكن مع تنامي الفائض المالي العربي بعد تحقيق الفورة النفطية في أواسط السبعينيات؛ عاد الموضوع للطرح بوصفه مدخلاً لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي، حيث حشدت دول الفائض النفطي ـ وخاصة دول الخليج العربي ومنظمة الأقطار العربية المصدِّرة للنفط (أوابك) ـ جهودها وأموالها لإنشاء العديد من الشركات والمؤسّسات العربية المشتركة، وقد تم منحها الكيان الذاتي المستقل. وكانت أهم الجهات التي أسهمت في تأسيس هذه المشروعات؛ الدول العربية وهيئاتها الحكومية والاتحادات المهنية العربية والمجالس الوزارية لدول الجامعة العربية والمنظمات العربية المتخصِّصة، إضافة إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي لجامعة الدول العربية ومجلس الوحدة الاقتصادية العربية والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي.
ويذكر على سبيل المثال بعض المشروعات العربية المشتركة، التي تعد حالياً بالمئات وتتجاوز رؤوس أموالها عدة مليارات من الدولارات الأمريكية، ومنها:
1ـ شركة البوتاس العربية وقد تأسَّست عام 1956، ومقرُّها الرئيسي في الأردن.
2ـ الشركة العربية البحرية لنقل البترول، وقد تأسَّست عام 1973، ومقرُّها الكويت.
3ـ الشركة العربية لبناء وإصلاح السفن، وقد تأسَّست عام 1973، ومقرُّها البحرين.
4ـ الشركة العربية للاستثمار، وقد تأسَّست عام 1974، ومقرُّها الرياض.
5ـ الشركة العربية لتنمية الثروة الحيوانية، وقد تأسَّست عام 1974، ومقرُّها دمشق.
6ـ الشركة العربية للتعدين، وقد تأسَّست عام 1974، ومقرُّها الأردن.
7ـ الشركة العربية للاستثمارات البترولية، وقد تأسَّست عام 1975، ومقرُّها السعودية.
8ـ الهيئة العربية للإنماء والاستثمار الزراعي، وقد تأسَّست عام 1976، ومقرُّها الخرطوم.
9ـ شركة الملاحة البحرية العربية، وقد تأسَّست عام 1976، ومقرُّها الكويت.
10ـ الشركة العربية للصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية، وقد تأسَّست عام 1976، ومقرُّها القاهرة.
2ـ السمات:
تتميَّز المشروعات العربية المشتركة من حيث واقعها الفعلي بالسمات الآتية:
1ـ غموض الإرادة السياسية وموقف الأنظمة العربية ذات الإيديولوجيات المختلفة من مفهوم المشروعات المشتركة، من حيث دعمها أو عدم تشجيعها.
2ـ صعوبة توافر الشريك المحلي الراغب والقادر على مشاركة المستثمر العربي في إنشاء المشروعات العربية المشتركة وإدارتها، وخاصة في ظل عدم ملاءمة المناخ الاستثماري وانتشار السياسات الحمائية لدى بعض الدول العربية.
3ـ عدم وجود استراتيجية عربية موحَّدة تسهم في تشخيص فرص الاستثمارات العربية المشتركة وتطويرها، فقد اتَّسمت المشاركة غالباً بالعشوائية التي تحكمها ظروف وموجبات عابرة، دون تحديد أولويات واضحة حول أهداف هذه المشروعات وآليات عملها والتسهيلات والمزايا الممنوحة لها.
4ـ اقتصار المشاركة في معظم الأحيان على إنشاء شركات عربية مشتركة خارجية تعمل بوصفها مؤسسات تمويلية فقط؛ أكثر من كونها شركات إنتاجية.
5ـ الربط بين الملكية والإدارة، حيث انعكست طبيعة الملكية على إدارة المشروعات العربية المشتركة. فقد أصبح من المعتاد أن يُعيَّن المديرون العامون وكبار العاملين في هذه المشروعات من خلال الترشيحات التي تقدِّمها الدول الأعضاء، وغالباً ما تكون خبرة هؤلاء مرتبطة بصيغة الإدارة في القطاع العام؛ مما يسهم في البطء باتخاذ القرارات والتحيُّز لتوجيهات دولهم، وعدم الأخذ بالحسبان الكفاءة والاختصاص والخبرة.
6ـ اختلاف التشريعات والأنظمة العربية المتعلّقة بالاستثمارات أو عدم استقرارها وغموض نصوصها، وتعدُّد الأجهزة المشرفة على توجيه الاستثمارات وإدارتها لدى بعض الدول العربية، وتعقُّد الإجراءات الإدارية والتنظيمية.
7ـ التضارب والازدواجية فيما بين المشروعات العربية المشتركة من جهة، والمشروعات القطرية من جهة أخرى؛ مما يؤدي غالباً إلى تعطيل جزء من الطاقة الإنتاجية لهذه المشروعات بكل ما في ذلك من هدر وتبديد للموارد الاقتصادية.
8ـ عدم كفاية الموارد المالية المخصصة للمشروعات العربية المشتركة، بالمقارنة مع الأغراض والأهداف المحددة في اتفاقيات إنشائها، وانخفاض النسبة بين رأس المال المصرَّح به ورأس المال المدفوع، أو عدم استخدام الموارد المالية المتاحة لدى هذه المشروعات.
9ـ عدم توافر مؤسسات مالية ومصرفية وأسواق مالية متطوِّرة لدى العديد من الأقطار العربية؛ مما يجعل عملية انتقال رؤوس الأموال صعبة، ويعقّد إجراءات الاقتراض وبيع الأسهم والسندات وشرائها، وخاصة مع تعدُّد أسعار الصرف لبعض العملات الوطنية.
10ـ اتجاه جزء كبير من رأس المال العربي إلى الاستثمار خارج المنطقة العربية، وذلك للاستفادة من التسهيلات والضمانات التي توفرها أسواق المال العالمية من ناحية، والدول الأجنبية من ناحية أخرى.
11ـ الاختلال الواضح في التوزيع الجغرافي للمشروعات العربية المشتركة؛ إذ تستضيف دول الخليج العربي الحصة الكبرى من هذه المشروعات، تليها مصر ودول المغرب العربي، في حين تأتي دول المشرق العربي في المرتبة الأخيرة.
12ـ انعدام التوازن بين القطاعات التي تسهم فيها المشروعات العربية المشتركة. حيث يحتل قطاع المصارف والتأمين المرتبة الأولى، يليه مشروعات الصناعات التحويلية، ثم مشاريع النقل والمواصلات، فالزراعة والصناعات الاستخراجية والبناء والتشييد والفنادق والسياحة، وأخيراً الخدمات الأخرى.
على أي حال، تعدُّ المشروعات العربية المشتركة إحدى المداخل المهمة نحو تحقيق التكامل الاقتصادي العربي؛ وذلك رغم كل المعوقات والعقبات التي تواجهها، ويمكن تجاوزها عبر إنشاء هيئة عربية موحدة تسهم في الإشراف على إنشاء هذه المشروعات وتطويرها ومتابعة أعمالها وإيجاد نظام عربي متطوِّر لتشجيع الاستثمارات العربية وحمايتها، بما في ذلك توفير المناخ الاستثماري الأمثل وإنشاء سوق مالية عربية موحدة ومؤسسات ضمان الاستثمارات وتسوية النزاعات الناجمة عنها، مما يخلق سوقاً نشطة للتداول والاستثمار المربح، وهذا ما يسهم من دون شك في تدعيم أهداف التكامل الاقتصادي العربي.