في معركة سيف القدس ليقف كلٌ مع صاحبه التقارير والمقالات | في معركة سيف القدس ليقف كلٌ مع صاحبه
تاريخ النشر: 18-05-2021

بقلم: محمود الهاشمي

بدأ الامر واضحا في معركة (سيف القدس ) ان هناك من يقف مع الشعب الفلسطيني ،مسخرا كل امكانياته وجعلها وقفا بين يدي المجاهد الفلسطيني وبين اخر (مطبع ) أو (محبط)سخر امكانياته مع العدو الصهيوني !
هذا الامر يحدث لاول مرة -حسب علمي- ان الدول (المطبعة) تعلن موقفها الصريح مع العدو الصهيوني اعني (مصر والامارات ) فيما لم يظهر حتى الان لنا عن خبايا اخرى ،سوى ان اخبارا تسربت بان السعودية والبحرين تكفلت بتعويض اسرائيل عن خسائرها في المعركة .
نتنياهو من جهته شكر علنا الرئيس المصري السيسي كونه ارسل عدة طائرات مصرية للمشاركة في اطفاء الحرائق التي تحدث نتيجة صواريخ المقاومة ،وعبر عن حجم علاقته مع السيسي بكلمة(صديقي)!
اما الطائرات الحربية الاماراتية والتي توشحها (الاعلام الامارتية) فقد صورها الاعلام الصهيوني وهي تنطلق صوب غزة لتقوم بمهمة قصف الشعب الفلسطيني ،فيما لم يصدر نفي من الامارات للخبر ،في الجانب الاخر فان وزير الخارجية الاماراتي عبد الله بن زايد اعرب عن حزنه للضحايا من الطرفين الصهيوني والفلسطيني .!
الاعلام العربي يثير (الانزعاج ) حيث تعامل مع معركة (سيف القدس ) وكأنها تحدث في (الاكوادور )وليس في (قلب الامة) ،او كأن القضية الفلسطينية لم تعد من اولويات العرب . هناك دول عربية تفاعل اعلامها مع المعركة مثل تونس الجزائر موريتانيا سوريا لبنان العراق الاردن وتفاعلت شعوب هذه الدول مع الحدث وخرجت في تظاهرات واحتجاجات وفعاليات اخرى .
فصائل المقاومة في غزة كإن بامكانها ان لاتتدخل خاصة وان الحدث بدأ داخل الارض المحتلة بين قوى الاحتلال وفلسطينيي الداخل ،لكن دخول فصائل المقاومة ينم عن وعي تام ،وليس مجرد (مغامرة ) فقادة الفصائل في غزة يقرؤون المشهد الصهيوني قراءة تفوق الصهاينة انفسهم ويعرفون امكانيات العدو الاقتصادية والسياسية والامنية والاجتماعية وحتى الدينية ،لذا عندما اختاروا المنازلة مع الصهاينة ،كان خيارا مدروسا والدليل حجم الانتصارات التي تحققت .
اسرائيل منذ تأسيسها (المشؤوم ) لاتميل الى الحرب الطويلة لاسباب معلومة في مساحة الارض ،وعدم تحمل السكان والخشية ان يتصاعد الامر لتتسع مساحة المواجهة وغيرها ،لذا هذا الامر معلوم لدى قادة المقاومة .
قراءة المقاومة تؤكد ان الاسباب التي تشكل فيها الكيان الصهيوني عام 1948 هي غيرها الان ،فلم تعد بريطانيا هي ذاتها (بريطانيا العظمى ) بل باتت تسمى (الدولة العجوز ) وكذلك كافة دول الغرب حتى ان قارة اوربا التي تضمهم بات يطلق عليها (القارة العجوز ) اما الولايات المتحدة فقد اتضح انها في انحسار وتراجع بالنفوذ وعلى كافة الاصعدة .
يحاول الاعلام الرسمي العربي ان يهول من حجم الخسائر التي يتعرض لها اهالي غزة ويظهر العدو بكفاءة وقوة استثنائية ،وكأن المعارك تقاس بالمعادلات الحسابية! ،فلو كان
ذلك فان (فيتنام ) خسرت الالاف من شعبها في معارك التحرر ضد الاستعمار الفرنسي والاميركي ؟ والجزائر سميت (بلد المليون شهيد ).
علينا ان لانكترث لما يصدر عن (الخونة ) او (الضعفاء) فتلك حقيقة ان الامم مهما كبرت او صغرت تظهر فيها مثل هذه المواقف المتخاذلة ،لكن ذلك لايعطل من مشروع المواجهة مع العدو .
الشعب الفلسطيني لم يتوقف يوما عن المواجهة مع العدو الصهيوني ،ولو احصينا الشهداء على هذا الطريق لضاقت بهم القوائم والاوراق ،فالام الفلسطينية هي الاكثر انجابا بالعالم ودائما تؤكد ان سبب الاكثار من الانجاب ،لان فلسطين تحتاج الى رجال لمقاتلة الاعداء الصهاينة ،ودائما تهدهد لطفلها باناشيد الثورة الفلسطينية مثل (طالعلك يعدوي طالع من كل بيت وحارة وشارع ) واذا خرج البعض عن جادة الكفاح والمقاومة فلا تخلو امة من ذلك . الفتية العرب لم يقصروا في دعمهم للقضية الفلسطينية والقتال ضد الصهاينة ،وان سجل المنظمات الفلسطينية يحفل بالالاف من الشهداء منهم او من الذين قاتلوا ومازالوا احياء وذاكرتهم ملأى بالذكريات عن المعارك .
ان واحدة من اسباب عدم الانتصار الكامل على العدو الصهيوني وطرده من ارض فلسطين المحتلة ،هو ان التجارب السياسية العربية لجميع الدول العربية ، لم تنضج بالشكل الذي يؤهلها للمنازلة مع العدو الصهيوني ،وهذا ما جعلها (مخترقة )وعاجزة في مهمتها الرسمية للقيام بعمل فاعل وانتصار ملحوظ .
الدول العربية لم تزل (خاملة ) وتعيش (فوضى ) صنعتها لها ايادي الاستكبار العالمي ،لذا بات المواطن في هذه الدول منشغلا بيومياته وهمومه ،وبتجارب سياسية غير مستقرة وواضحة المعالم .
لاشك ان المال الخليجي لعب دورا في صناعة هذه الفوضى بالبلدان العربية بالتعاون مع دول الاستكبار .
الان تحول الصراع مع العدو الصهيوني ليس في بعده العربي فقط ،بل تعداه الى البعد الاسلامي وهي اضافة كبيرة لملمت شتات الامة ووسعت من تطلعاتها وتوجهاتها .
منذ (41) عاما والقادة في ايران يضعون نصب اعينهم (القضية الفلسطينية ) ويرون ان الوجود الصهيوني بالمنطقة اشبه ب(غدة السرطان ) لذا فانهم لم يتوقفوا في حدود الإعلان عن تطلعاتهم للنزاع مع العدو الصهيوني بل اعدوا مشروعا يرقى الى مستوى المنازلة ،وهذا تجلى في الرقي الصناعي والزراعي والعلمي والفكري والاعلامي وبناء الانسان الحضاري ،ناهيك عن التطور في المجال العسكري وصناعة الاسلحة .
لقد استطاعت الثورة الاسلامية في ايران ان تصنع عمقا استراتيجيا في المنطقة احاط العدو وجعله في قوس من النارِ ،وهنا وجدت المقاومة الفلسطينية نفسها ان عمقها بدولة متكاملة ومأمونة الجانب لم تنكث العهد ولاتخون الامانة ،فاندفعت بالعلاقة معها وبات التشابك حد الانصهار .
قد تتوقف معركة (سيف القدس ) التي مازالت تجري وقائعها حتى اللحظة ،ولكن كلا الجانبين اكتشف مكامن قوته وضعفه ،فالعدو الصهيوني وجد ان اسطورة تفوقه قد انهارت وان العالم الذي كإن يقف معه قد تغيرت مواقفه وحماسه
وانه امام منعطف خطير على مستقبله فيما اكتشفت قوى المقاومة انها صرعت خصمها على حلبة ارضه ،وانها تجاوزت الكثير من المعادلات سواء في الصراع العسكري او السياسي او الاعلامي ،كما اكتشفت مكامن ضعف العدو .
من مثلنا الذين عاشوا اغلب زمن الصراع مع العدو الصهيوني وشهدوا الحروب الرسمية التي خاضها العرب من قبل ضد العدو الصهيوني ومعارك المقاومة وتداعياتها ،يعلمون ان بشائر النصر قد لاحت ،ان شاء الله .

 


تنويه | المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع

جميع الحقوق محفوظة لموقع جامعة الأمة العربية © 2021 - 2013