جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

عبد الناصر الأمس من أجل الغد | بقلم: عادل سمارة
عبد الناصر الأمس من أجل الغد



بقلم: عادل سمارة  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
28-01-2019 - 1338
كثيرة هي التحديات الجارية التي تُذكُّر بالرئيس جمال عبد الناصر. وإذا ما كان الحديث عن الوعي الجمعي العربي، فالتذكٌّر لا ينحصر في يوم مجيئه ويوم ارتحاله وحدهما، بل هو في الزمان والمكان فلسطينياً عربياً وعالمياً حتى رغم دُعاة الانحصار واستدخال الهزيمة، ذلك لأن الوعي الجمعي حتى في كمونه ليس مضروباً.
لا ينحصر درس البقاء التاريخي للرجل في تعداد ما انجزه وما طمح إليه بل يتجاوز ذلك لإجراء ما كان عليه الحال إلى ما يجب أن يكون أخذاً بالاعتبار التجاوز طبقاً لمتطلبات المرحلة وتناسب القوى ودرجة الاصطفاف الذاتي مقابل الثورة المضادة.
وإذا كان عبد الناصر قد دفع الوحدة الثقافية العربية من مستوى الثقافة (ساطع الحصري، ميشيل عفلق) إلى مستوى المشروع التجسيدي بمعنى" يا جماهير الوطن العربي اتحدوا" قياساً على البيان الشيوعي "يا عمال العالم اتحدوا"، فإن فلسفة الثورة كانت مثابة ما العمل مقارنة بما وقف لينين حياته عليه.
على هذا بنى عبد الناصر مشروعه من المستوى العربي فالإفريقي فالإسلامي العالمي. ومن هذا حقق عبد الناصر أو جسد مساهمة مصر في تحرير اكثر من قطر عربي، وجسد الوحدة بين مصر وسوريا، ووصل حواف منابع النفط في دعمه ثورة اليمن، وبسبب هذا العمل كان قرار استهداف مصر حينها للقضاء على التجربة.
لم يكن بوسع الثورة المضادة تأجيل هدفها كي لا يصل عبد الناصر من القوة بما يُعجزها عن تحقيق هدفها، وهذا تماماً كما نرى حال الثورة المضادة اليوم تجاه محور المقاومة فهي:
· إن اعتدت سوف تخسر الكثير بما لا تحتمله
· وهي إن تلكأت فإن هذا المحور يزداد قوة فتنتقل من القلق إلى الندم.
وإذا كان لنا القول ما اشبه اليوم بالبارحة، فإن الثورة المضادة نفسها التي تنيخ بكلكلها على الوطن العربي وراس حربتها المزدوج هو ذاته:
· الكيان الصهيوني
· وأنظمة وقوى الدين السياسي.
لم يتغير راس حربة الثورة المضادة وبدوره لم يتغير مركز الثورة المضادة قط. نعم، لم يتغير الاصطفاف، ولكن ما تغير ، وهو كبير وخطير. ففي حين كان الرد والصد عربيا على يد الثورة في مصر ، ها نحن نواجه هجوم الثورة المضادة بقيادة السعودية وكيانات النفط. بمعنى أن الفريق العربي في الثورة المضادة انتقل إلى الهجوم التصفوي علانية. وكان بالطبع قد جنَّد قوى الإرهاب /الدين السياسي لتصفية الجمهوريات العربية. وإذا كان ملك السعودية فيصل قد استماح الرئيس الأمريكي جونسون سراً للعدوان على مصر وتصفية الثورة، فإن حكام السعودية الحاليين وأضرابهم من الكمبرادور العربي يقفون في الصف الأول ضد العروبة، إنهم الجيش الأمريكي الثالث الذي يحارب نيابة عن مركز الثورة المضادة ليقتل العربي نفسه، ويمارس التطبيع لصالح الكيان الصهيوني حيث تهرول قيادات ومثقفين/ات إلى الكيان بالمجان.
نسوق هذا كي ندخل إلى ما كان يجب أن لا يحصل. لقد كان عبد الناصر أكثر من عرف الفريق العربي في الثورة المضادة، وبالتالي ما كان له أن ينقل العلاقة مع هذا الفريق إلى ما أُسمي ب "التضامن العربي" إثر هزيمة 1967. كان هذا التضامن مثابة إعطاء هدنة لهذا الفريق كي يُجهز نفسه للإجهاز على العروبة وهذا ما نراه اليوم بمسيل الدماء.
ولم يقتصر هذا على الزعيم الكبير، بل هو أمر وقعت فيه معظم القوى القومية واليسارية العربية التي إما مالئت الثورة المضادة والتحقت بالأنظمة القطرية، أو حتى غابت عن الساحة فكريا وثقافياً . لم تحلم الثورة المضادة بأفضل من هذه الهدنة.
لقد كان عبد الناصر اشتراكياً، وحاول التأسيس لاشتراكية طبقاً للواقع العربي سواء من حيث مستوى التطور أو من حيث واقع التجزئة. لكن الرجل وفريقه لم يذهبا في الأمر إلى حد تصفية البرجوازية المصرية التي مالت إلى الكمون داخل النظام والحزب والمجتمع بانتظار لحظة الردة، وهو ما حصل. وبالمناسبة، فإن تأثير عبد الناصر في التشافيزية نقل إليها نفس الإشكالية حيث حاولت التشافيزية تطبيق الاشتراكية بشكل ديمقراطي في بلد تتجذر فيه الثورة المضادة عبر طبقة لم يُؤخذ منها ما سلبت واصبح ما تملك وهو كثير.
وربما كان هذا النمط من الاشتراكية هو الذي أثَّر سلباً في طبيعة اصطفاف مصر عالمياً. كانت مصر الناصرية حريصة على ان لا تُحسب ضمن المعسكر الاشتراكي الذي كانت له مشاكله وتقصيراته بالطبع مع ان العرب كانوا الأحوج عالميا لعلاقة اقوى بالاتحاد السوفييتي.
صحيح أن مصر كانت ضمن مؤسسي باندونغ الذي كان محاولة لاجتراح طريق ثالث بين المعسكرين وخاصة من الدول/الأمم التي قاتلت الاستعمار كحركات تحرر وطني ومثَّلت دور وواقع الموجة القومية الثانية. ولكن التاريخ أثبت ان طريقين فقط هما ما تعرضه الحياة للأمم، فإما الاشتراكية وإما الراسمالية التي تؤول إلى البربرية. لكن الكتلة الاشتراكية لم تتمكن من اجتذاب باندونغ، كما أن باندونغ لم يرتق جذريا لتخطي الرأسمالية إلى اشتراكية جذرية.
لذا، حين لم تتمكن الاشراكية من كسب باندونغ لصالحها، بل ذهبت معظم بلدان باندونغ باتجاه الراسمالية، وبدل أن تكون ضمن المعسكر الاشتراكي أو من محيطه، بل كان جزء منها من محيطه، ذهبت جميعاً لصالح الراسمالية. ولذا، شاهدنا هزيمة هذا المحيط او المحيط المفترض للاتحاد السوفييتي لتكون مقدمة لتفكك محيطه الأقرب اي شرق اوروبا وصولا إلى الاتحاد السوفييتي نفسه.
إن الاصطفاف مع أو ضد أو على الحياد في صراع المعسكرين، ليس مجرد الموقف السياسي أو الثقافي، بل اساساً المستوى الاقتصادي حيث الاقتصاد هو بلدوزر التغيير والمواجهة.
فعلى الرغم من نهب المعسكر الراسمالي لثروات العالم الثالث، ومعظمة من باندونغ، وهو النهب الذي اكتشف خطورته الراحل أنور عبد الملك بمساهمته الهامة "فائض القيمة التاريخي" حيث بيَّن بأن ثراء وتطور المركز الراسمالي الغربي هو إلى حد كبير مما نهبه من المحيط، فإن هذه البلدان واصلت علاقاتها الاقتصادية بشكل مكثف مع السوق الراسمالية العالمية مما جعلها مثابة رديف اقتصادي لهذا المعسكر الأمر الذي حقق لهذا المعسكر فرصة وقوة ومقدرات أن يواجه الكتلة الاشتراكية بمقدرات هذه البلدان ومقدراته هو.
فلو عدنا إلى الجمهوريات العربية التي كانت صديقة للاتحاد السوفييتي في الخمسينات والستينات وحتى السبعينات من القرن العشرين اي مصر وسوريا والعراق، فقد كانت مبادلاتها ، الصادر والوراد في معظمها مع ثلاثي الإمبريالية (أوروبا الغربية واليابان والولايات المتحدة ) حيث وصلت نسبة كل من الصادر والوارد قرابة سبعين بالمئة مع المركز الراسمالي ولم تتجاوز مبادلاتها مع الكتلة الاشتراكية 12 بالمئة فقط. (أنظر، عادل سمارة: البريسترويكا، حرب الخليج والعلاقات العربية السوفييتية،1991، منشورات مركز احياء التراث العربي-الطيبة-فلسطين المحتلة، ص ص 101-113)...
نسوق هذه الوقائع لا بهدف التخطئة، كما لم نسُق الإيجابيات بهدف المديح العاطفي، بل كي نُضيء ما امكن على ما يجب ان يكون عليه الحال اليوم من أجل الغد. فتجديد المشروع العروبي يشترط القطيعة مع المعسكر الراسمالي بل مواجهته حيث اثبتت الوقائع أن كلفة مواجهته أقل بكثير من ممالئته. أين تصل القطيعة بمعنى فك الارتباط (سمير امين طبعاً)؟ هذا أمر منوط بما تحتمله الساحة وقدرة القوى، لأن المهم هو ضبط البوصلة وليس تفاصيل تحريك عقاربها.
بقي أن نقول بأن تجربة عبد الناصر، الذي لم يبقى ليقطف ثمارها ويذهب بها إلى مداها، تعلمنا بأن الراسمالية ليست الحل للطبقات الشعبية العربية التي لها مصلحة مادية في الاشتراكية كما هي مصلحتها الثقافية والعاطفية في الوحدة.
لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


مفهوم الأمن في الفكر العربي
بقلم: الموسوعة الجزائرية للدراسات

الإيجارات مشكلة مجتمعية تبحث عن حل
بقلم: محمد صالح حاتم



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب عادل سمارة |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//