جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

باريدوليا سياسية ليبية: الحل لا يأتي من العواصم الغربية | بقلم: د. محمد عمر غرس الله
باريدوليا سياسية ليبية: الحل لا يأتي من العواصم الغربية



بقلم: د. محمد عمر غرس الله  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
10-12-2018 - 1422
تعتبر التصورات الفردية والجماعية – حول ما يجري في ليبيا – مهمة لمعرفة حقيقة فهم الواقع وما يجري فيه من أحداث ماذا تعني كيف تسير وكيف تدار وعلى ماذا تدل؟، وفي هذا الأمر – من خلال ما نرى – نلاحظ أن هذه التصورات (الشكل) الذي يعتقده كل مرة الكثير من الليبيين يعبر إلى حد كبير عن حالة “باريدوليا” واضحة في رؤيتهم (لشكل) ومعنى وطبيعة المأزق الليبي، وفي رؤيتهم (لشكل) ومعنى التدخل الخارجي واللهث ورائه، كيف ذلك؟ دعونا نرى.
يقع الإنسان – بصرياً – في حالة “الباريدوليا” تحت ظرف نفسي فردي او جماعي فينحرف التصور عنده دون وعي في تفسير ما يرى – بصرياً – من أنماط عشوائية على أن لها شكل ومعنى، (كأن يرى السحاب على هيئة جمل أو شجرة أو يرى كلمة أو جملة معينة في تراكيب شعيرات ثمرة ما ..الخ) بمعنى قيام العقل بتفسير بعض الأشكال غير المنتظمة على أنها أشكال معروفة ومعبرة ويتحفز لها، وهذا الأمر – في العمق – يعد وهم في التصور بتفسير أنماط عشوائية على أنها شكل له معنى، فهي حالة تصور ينسجه العقل ويصدقه ويراه حقيقة، هذا في الصورة والشكل ومتعلق بالفعل البصري، لكنه هنا في موضوعنا – كتشبيه – لتصورات المتاهة الليبية ربما يفيد كوصف لحالات الوهم التي تصنع تصور (شكل) له معنى يتم اللهث ورائه، الأمر الذي دعانا لإستعارة هذا المصطلح لشرح الموضوع، بعد الإذن من متخصصي علم النفس.
إنه لدى – الأفراد والجماعات – أشبه ما يكون في حقيقته بتصور وتفسير على التمني للأشياء، وهو ليس ناتجاً عن حقيقة الموقف او التصرف او الشكل الذي ترأى لهم، بقدر ما هو عملية يخضعها العقل أحياناً في الشأن السياسي لشيء يبرره ـ سياسياً دون أن يعي ـ يكون تعويضاً عن عجز أو هروباً من ثقل الواقع او صعوبة المهمة.. الخ، ولربما أيضا ثمة من يعمل بشكل مقصود ومنظم على حدوث هذه التصورات (الأشكال) – الموهومة – لدى الأفراد والجماعات، عبر إدارته للعبة الاعلام والمنظمات الدولية والسفراء وقدرته على تحريك والتأثير على الأدوات المحلية وتحكمه في المبادرات الإقليمية والدولية.
ولذا يبدو أن الرأي العام الليبي وكأنه وقع في حالة “باريدوليا” سياسية في شكل تصوراته، وعلاقة التدخل الأجنبي ودوره فيما جرى ويجري في ليبيا، هذا الأمر يبدو واضحاً في التعاطي مع المتاهة التي يساق فيها – حتى الأن – دون أن يعي او ينتبه بشكل فارق، كما أن الجماعات السياسية الليبية – بأنواعها – يبدو أنها تعاني من نفس الحالة في تصوراتها الواضحة من خلال اللهث وراء هذا العامل الخارجي وصنع تصور (شكل) بصري عقلي ساذج حول معناه وإيجابيته، الأمر الذي يعد خطأ “تصوري” موهم “باريدولياً”، وهو يدل على المرض السياسي وعدم الإدراك، وبالتالي – كنتيجة – عدم القدرة على الفعل بالطريقة الصحيحة وفي الإتجاه الصحيح، ومن ناحية أخرى لربما هذه الحالة التصورية – دون وعي – تعني الهروب من الإستحقاق الوطني (الغريق يتعلق بقشة) وبالتالي محاولة تعويض هذا العجز عبر صنع أشكال باريدولية في التصورات والفرح بها وصنع شكل – ذو معنى موهوم – لها.
أن حالة الباريدوليا – المفترض هذه – توفر تعويض وتصور نفسي أكثر منها تعبير عن عمل له (شكل) مدرك وفاعل بما يتناسب مع مستوى التحدي الذي وقعت فيه ليبيا، هذا التصرف والتصور التعويضي ربما في شيء منه يعبر عن إنعدام الوعي الفارق بالواقع وطرق التعامل معه، وهو يعبر عن حالة العجز الواضحة وعدم القدرة التناسبية لمواجهة التحديات.
أنه يشبه “مرض بصري عقلي” بين وواضح في مسألة الادراك، ربما لأنه يُريح ويُعطي نشوى وتلذذ يعوض العجز عن الفعل في الإتجاه الصحيح والمطلوب، وهذا – مع الإستمرار فيه – يتحول إلى متاهة مرضية، فما يجري ويتم وما يرى من شكل وتصور ليس له معنى وطني في الحقيقة، ولا يُنقذ البلاد ولا يساهم في ذلك، بل يزيد في تمديد المأساة وإطالتها وتعميقها، فالإجراءات اليومية ورؤية شكلها التصوري والفرح حيال تنظيم لقاءات العواصم وجولات سفراء الدول الأجنبية يعتبر مجرد مسكنات وأوهام لا معنى لشكلها التصوري الموهوم، وهي مع الزمن تعبر عن أضرار أكبر وأعمق من فوائدها الموهومة.
أن التصورات السياسية – كشكل – حيال ما تعاني منه ليبيا ـ والتي تُطرح كل مرة، ثبتت عدم صوابيتها، حيث نرى العقل الجمعي شعبياً يبني – باريدولياً – تصورات (شكل موهوم) حول أي لقاء في أي عاصمة ويتصوره ذو معنى، ويتصور علاقات تفاصيله على إنه سيجلب الحل، ونرى أيضاً السياسي الليبي – بتنوعاته – يسير في ذلك متلهفاً لا يتوقف عن اللهث وراء العواصم والسفراء والمبعوثين الأجانب من الصخيرات ودكار حتى باليرمو مروراً بجنيف وباريس وعواصم أخرى، بمبرر البحث عن حل بين الليبيين في قاعات تلك المدن وفنادقها، البعض من تلك اللقاءات بمبرر التفاؤل وأخرى بمبرر الحوار وهكذا ..الخ، يسبقها تسخين إعلامي وتجاذبات حول الحضور والدعوات.
والليبيون يغوصون يومياً أكثر وأكثر في متاهة طوابير المصارف ومحطات الوقود وضنك العلاج والأمراض، والخطف والقتل والإختفاء القسري والاعتداءات شبه اليومية، والتضخم وإنعدام مصادر الدخل، والبلاد تعاني من إنتهاك السيادة الوطنية برياً وجوياً وبحرياً، وتتعرض لحالة نهب حادة وعميقة لمواردها المالية، ويتم سحق الطبقة المتوسطة وتجريف مدخراتها، بالتوازي مع ضنك وفقر وبؤس وإنعدام أمن وتضخم سحق مدخرات الأُسر البسيطة التي تحولت إلى طبقة من الفقراء المسحوقين، وبالمقابل صعدت طبقة من طفيليات الناهبين المحليين الذين يلتهمون الأموال بمئات الألاف والملايين عبر السيطرة على مركز المال في البلاد والإعتمادات والتسهيلات المالية وأيضا عبر النهب المسلح المقنع، وهكذا تأكل متاهة الأزمات المتوالدة من جسد الإقتصاد الوطني الضعيف ومن الإقتصاد الأُسري المسحوق.
أن مقاربة “الباريدوليا السياسية الليبية – يمكن تعريفها بأنها حالة وهم برؤية “شكل تصوري” بالثقة في اللعبة الدولية والتسليم لها في كل شيء، وهي تصنع شكل لتبرير الهث وراء المتاهة التي يتم القيام بها كل ستة أشهر، وهي تجعل الليبيون ينتظرون إجتماعات و لقاءات العواصم متوهمينه تصوراً وشكلاً “باريدولياً” يحمل معنى يمكن رؤيته وقرأته كتصوراً وشكل لحل سحري سيتم شحنه (Delivery) في صناديق لقرى ومدن الليبيين، ويستنشقونه كالاُكسجين مع إستيقاظهم صباحاً، وتتحول حينها ليبيا إلى واحة أمن وأمان ويتمكن حينها الناس من السيطرة على مواردهم وأجوائهم ومياههم الإقليمية وحدودهم.
أن ذلك كله في الحقيقة مجرد وهم وحالة نفسية “باريدوليا” وقعت فيها الجماعات السياسية الليبية – قصداً او عن غير قصد – بما فيها الأفراد والقبائل التي يبدو إنها مصابة بحالة التفاؤل المرضي (من المرض) الغريب، وتعاني من حالة التصديق الساذج والثقة الغريبة في الدول الغربية وسفرائها ومبعوثيها.
أن العقل السياسي الليبي نخبوياً وشعبياً مدعو للبحث عن طرق أخرى للإنقاذ غير ما يتم منذ مدة طويلة، وهذه الطرق أخرى أبداً ليست عبر طاولات العواصم ولا عبر السفراء الأجانب ولا حتى عبر المبعوث الأُمم، أن الليبيون مدعوون للإستيقاظ من حالة وهم “الباريدوليا السياسية” التي تصنع وهم وشكل وصورة ذات معنى موهوم لتلك البيانات واللقاءات والإجتماعات التي تعقد كل مرة من عاصمة، والتي توحي – وهماً – بصورة وشكل يعتقد بأنه الطريق إنقاذ البلاد من خلال طاولات وصالات إجتماعات الدول الأخرى وعواصمها، وتحت تنسيق سفراء الدول الأجنبية وأجهزة مخابراتها،
أن وعي الناس السياسي لابد أن يتطور كي لا ينسج الرأي العام مزيداً من أشكال وصور الباردوليا السياسية – الموهومة – ويصدق متاهتها ويراها شكلاً وحلاً ذو معنى ينقذ البلاد مما هي فيه، فالعناصر المحلية والعربية والدولية التي كانت وراء المأساة الليبية ووراء إستمرارها، لا يمكنها أن تحقق لنا إنقاذ بلادنا وأنفسنا، وأمامنا المثال الأقرب “العراق” الذي يئن تحت حالة النهب والفقر والفاقة وتعيش على دمائه طبقة من الناهبين المحليين المستظلين بالناهبين الدوليين الكبار الذين كانوا ومازالوا وراء مأساة العراق والذين ساقوه عبر مراحل أوهام تصورات “الباريدوليا السياسية” إلى ثقب الوهم الأسود وإلى المأزق التاريخي، وهؤلاء أنفسهم أيضاً وراء المأساة الليبية وإستمرارها.
أن الإنقاذ وطريق العمل المتناسب مع الواقع الليبي اليوم ليس مجرد توقيع أوراق ونقاش في فندق ما في عاصمة ما، والاعتقاد باريدولياً بأن له شكل ذو معنى إيجابي في الحالة الليبية، وهو أبداً ليس تعويم العملة المحلية وضخ العملة الصعبة وليس مزيداً من قرارات التعيينات الوظيفية وزيادة المرتبات من هنا وهناك، ولا هو اللعب على ما تبقى من فتات الأرصدة الليبية التي نهبها القاصي والداني، بل هو منظومة متكاملة وعمل شامل عام، حزمة كاملة من الفعل الداخلي المدرك والذكي والمنظم، والذي يجب أن يتم بعيداً جداً عن أعين وأيادي مخابرات الدول الأجنبية وسفرائها ومبعوثيها، بعيداً عن أيادي اللاعبين الكبار الذين سببوا المأساة، بل وبعيداً أيضاً عن الأدوات المحلية التي تحقق لهؤلاء اللاعبين الدوليين – الذين دمروا ليبيا – ما يريدونه مجاناً من إستمرار نهب بلادنا وإستباحة سيادتنا الوطنية.
والله من وراء القصد …
لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


بين وفدي صنعاء والرياض، أيهما يريد السلام؟
بقلم: محمد صالح حاتم

لنعيد تصوير باب الحارة سياسياً فترامب يستحق دور فريال بجدارة
بقلم: فرح مرقة



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب د. محمد عمر غرس الله |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//