بقلم: العميد د أمين محمد حطيط ✅
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 21-09-2015 - 5767
رغم ما كان عليه العالم من تجاذب وتوتر أحيانا أثناء الحرب الباردة، فقد كانت الساحة الدولية تنعم بقدر من الأمن نتيجة التوازن الذي كان قائما يومها بين معسكرين غربي تقوده أميركا (الحلف الأطلسي) وشرقي يقوده الاتحاد السوفياتي (حلف وارسو،) نقول رغم التجاذب في العلاقات الدولية فان العالم كان يشعر بأمن لم تكن تخرقه ألا إسرائيل في حروبها على العرب. ولكن ما أن انهار الأحاد السوفياتي وتفكك حلف وارسو حتى استفردت أميركا بالساحة الدولية وسخرت لنفسها كل شيء بما في ذلك الحروب ومجلس الأمن والقانون الدولي الذي استباحته من اجل إقامة نظام عالمي لا يعترف لغيرها من الدول بصفة القوة العظمى بما في ذلك حلفاؤها في الأطلسي فضلا عن روسيا والصين. فأميركا تصرفت منذ العالم 1990 بانها هي السيد العالمي الأوحد الذي لا يقيده قانون، ويعطي لنفسه الحق بالتدخل في كل شيء، لان كل شيء في العالم بنظرها بتصرفها لأنها كما قال بوش "اختارها الله لتقود العالم". لقد عانى العالم و لا يزال ، من السياسة الأميركية فوق ما يمكن أن يتصور احد ، خاصة و أن هذه السياسية الاستعلائية التدميرية قادت في اقل من أربعة عقود إلى ست حروب تقليدية أضيفت اليها حرب هي الأفظع و الأكثر أجراما تمثلت بالحريق العربي الذي تقوده و تديره أميركا منذ خمس سنوات تقريبا ، حروب ذهب ضحيتها حتى الأن مليونا قتيل و ثلاثة ملايين جريح و 25 مليون مهجر ، كل ذلك حدث و أميركا تدعي إنها تريد أن تنشر الحرية و الديمقراطية ومفاهيم حقوق الأنسان الخ ... المعزوفة التي اتخذتها أميركا لحنا تتراقص السنة نار حروبها على انغامه . في مواجهة ذلك اختارت دول العالم بمعظمها الانحناء والتسليم لأميركا بما ليس لها، اتقاء لشرها، وقلة كانت القوى التي تمسكت بحقوقها ورفضت الخضوع، وكانت سورية وإيران في طليعة تلك القوى التي شكلت نموذجا مميزا لكل متمسك بحقوقه الوطنية من سيادة واستقلال. واستمرت الدولتان في تعزيز تحالفها الاستراتيجي في إطار محور المقاومة الذي يضم اليهما حزب الله في لبنان. وكان الرد الأميركي عليهم ملاحقة ومكائد ودسائس لنشر الفوضى وزعزعة الاستقرار فيهما وجاءت بالأمس وثيقة ويكليكس الأخيرة لتفضح السياسة الأميركية ضد سورية خاصة منذ العام 2006 وتكشف خططها للضغط عليها لترويضها، لكن سورية ومعها حلفائها في محور المقاومة استمرت على صلابتها متمسكة بحقوقها ولم تنجح حرب إرهابية شرسة قادتها أميركا ولا تزال منذ 5 سنوات في أسقاطها.و مع الصمود السوري و محور المقاومة تحركت روسيا التي لم تتنكر لعلاقاتها التاريخية مع سورية واستمرت وفية لتعهداتها و موجباتها العقدية معها خاصة في المجال العسكري على وجهيه التجهيزي و التسليحي كما و التدريبي و الخبراء ، و رغم ظروف الميدان القاسية التي أنتجها العدوان ، فقد استمر ذلك ضمن وتيرته العادية تقريبا إلى أن جاءت لحظة مفصلية خرج السلوك فيها عن المألوف في العلاقات العسكرية بين الدول ، و اتجهت روسيا إلى المجاهرة بهذه العلاقات و الإصرار على القيام بكل الالتزامات أولا ثم الاستعداد إلى رفع مستواها أيضا بما في ذلك التلويح بإرسال قوات عسكرية روسية إلى سورية للمساهمة مباشرة في معركة الدفاع عن سورية في وجه العدوان الذي تقوده أميركيا . أن التصرف الروسي السابق والحالي حيال سورية، أنما هو تصرف يستجيب لقواعد القانون الدولي العام التي تضمن للدولة المستقلة السيدة القيام بما تشاء تحت سقف القانون هذا، وأن كل ما ذكرنا من أمور خفية كانت أو معلنة أنما يندرج في إطار الحق السيادي لكل من الدولتين في تنظيم علاقاتهما كما يشاءان، دونما الأضرار بحق أحد، خاصة إذا كانت هذه الأعمال تقع في دائرة الأعمال الدفاعية ولكن رغم ذلك " تعلن أميركا عن قلقها " وانزعاجها “من هذا الأمر فلماذا؟ أن مرد القلق أو الانزعاج الأميركي من السياسة الروسية حيال المنطقة عامة وسورية خاصة عائد كما نعتقد إلى ما يلي:
لا يوجد صور مرفقة
|