جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

حقوق الشعوب والأمم من حقوق الإنسان | بقلم: د. عبدالاله بلقزيز
حقوق الشعوب والأمم من حقوق الإنسان



بقلم: د. عبدالاله بلقزيز  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
12-08-2018 - 1543

ما كان يمكن اختزال حقوق الإنسان في حقوق أفراد/ مواطنين في الدولة الوطنيّة؛ فالحقوق تلك، في تأصيلها الفلسفي في القرنين السابع عشر والثامن عشر، تشمل حقوق الجماعة السياسيّة أيضاً (الدولة، الأمّة). للمواطن حقوقه داخل دولته، ولكنّ له حقوقاً أشمل، عليها تتوقف حيازتُه لحقوقه الفرديّة، هي حقوق الجماعة السياسيّة، التي ينتمي إليها؛ حقوقها: في الاستقلال، والسيادة، والسلام الخارجيّ. ما من مواطنٍ يتمتّع، في دولته، بحقوقه المدنيّة والسياسيّة إن فقدت دولتُه سيادتَها وقرارَها الوطنيّ، واحتُلَّتْ أراضيها وفُرِضتْ عليها إرادةُ الأجنبيّ. تُسَمَّى تلك حقوقاً على سبيل المجاز؛ لأنّ أساسها، الذي عليه تقوم، مُفتَقَد؛ وهو السيادة: هذه التي لا قيام لدولةٍ وطنية من دون حيازتها الحيازة الكاملة وصوْنها من أيِّ استباحةٍ أو نيْل. بتعبير آخر: ليس من حقوقٍ للمواطن الفرد إن لم تتأمَّن لدولته - أمّته حقوقُها؛ إِذِ الحقوقُ العامّة الجامعة أصلٌ للحقوق الفرديّة ومدماكٌ لها. وليست حقوق الدولة، أو الجماعة السياسيّة، في اصطلاحات اليوم؛ أعني منذ استقرّ الاصطلاح عليها في القرن التاسع عشر، سوى حقوق الشعوب والأمم.
هذا التعريف الشامل لحقوق الإنسان مُسْتَبْدَهٌ في الفكر الفلسفيّ، والسياسي، الحديث ومألوف، ولم ينحرف عنه مفكّر منذ بودان وغروتيوس إلى توكفيل؛ بل إلى لينين، مروراً بجميع فلاسفة القرون 17 و18 و19. غير أنّ المسألة، في سياق التاريخ والسياسة وتجارب الصراعات بين الدول، لم يُطابِق وضْعُها الفعليّ وضْعَها النظريّ في نصوص المفكّرين والفلاسفة؛ فقد بدت تجربةُ الدولة الليبراليّة الغربيّة، وسيرتُها السياسيّة مع معنى حقوق الإنسان، تجذِّف ضد تيار المفهوم ونظرة فلاسفة السياسة إليه، على الرغم من أنّ وجود الدولة الليبراليّة تلك يَدين، ديْناً كبيراً، لكثيرٍ من أفكار هؤلاء، وينهض على العديد من قيم منظوماتهم الفكريّة! لقد انقلبت البرجوازيات الحاكمة في أوروبا، منذ نهايات القرن الثامن، وخاصة، خلال القرن التاسع عشر، على تراثها الثوريّ، الفكريّ والسياسيّ، برمَّته؛ فلم يعد مرشداً لعملها، بل طوّحت به مأخوذةً بفكرة أوّليّة المصالح - بالمعنى الذرائعيّ المبتذَل- على المبادئ.
إنّ البلدان التي وُلدت فكرةُ الحرّية فيها، وفكرةُ السيادة الوطنيّة (منذ استتبّ لها الأمر في «معاهدة ويستفاليا» في العام 1648)، وانتشرت في ثقافاتها الفكرة الإنسانويّة، هي عينُها البلدان التي ستنقَضُّ دولُها على حرّيات شعوبٍ أخرى، من خارج فضائها الحضاريّ، لتحتلَّ أراضيها، وتنهبَ ثرواتها، وتستغلّ شعوبَها، وتسخّر أبناء المستعمرات جيوشاً في حروبها الإمبريالية، وتضطهد حركات المقاومة والتحرّر الوطنيّ فيها، وتُنَكِّل برجالاتها في السجون والمنافي، وتنظِّمَ حروب الإبادة الجماعيّة والمذابح ضدّ التجمعات السكانيّة الحاضنة للمقاومة، وتستكثرَ على شعوب المستعمرات حقَّها في التحرّر الوطنيّ والاستقلال، وتناهضه - في محافل السياسة الدولية ومنابرها- بالوسائل كافة...إلخ! وإذ اقتسمت البلدانُ الاستعماريّة بلدان الجنوب، كالكعكة بينها، قسَّمت البلدان التي احتلّتها إلى أجزاء أقامت على كلّ واحدٍ منها «دولةً» وهي تتأهّب للإمساك بها، أو الخروج منها؛ هكذا اقتسم الإنجليز والفرنسيّون والطليان والإسبان البلاد العربيّة؛ واقتسم الإنجليز والفرنسيون والبلجيك إفريقيا.
والبلدان تلك، التي نبع فيها عصر الأنوار، في القرن الثامن عشر، هي عينُها البلدان التي انفجرت فيها، في القرن التاسع عشر، غرائز العِرق والعنصريّة، وقسّمت فيها «المعرفة» الغربيّة الأممَ والشعوب إلى أعراق «متميّزة» و«متطورة» وأخرى «دونيّة»، وقامت فيها سياساتٌ رسميّة، على هذا المقتضى، تجرِّب في المختبر السياسيّ الواقعيّ - في بلدان المستعمرات- ما جُرِّب في مختبر إرنست رينان والمستشرقين والأنثروپولوجيين الفيلولوجي! وهي البلدان التي تحوّلت فيها العنصريّة، في القرن العشرين، إلى إيديولوجيا سياسيّة، وإلى سياسة رسميّة، في ألمانيا النازيّة، وفي جنوب إفريقيا العنصريّة وفي الكيان «الإسرائيلي»! وهل من حاجة إلى التنفيل للقول إنّ العنصرية أشدّ أشكال الفتك بحقوق الإنسان؛ لأنّها - ببساطة- تسوِّغ لصاحبها إسقاط ماهية الإنسان عن الإنسان، والإزراء بآدميته، وتُغري بهدر أعظم حقٍّ من حقوقه: الحقّ في الحياة. وهل فعلت النازيّة والصهيونيّة غير ذلك ؟ وهل نشأت هذه العنصريّة إلاّ من نزعة التفوُّق العرقيّ والحضاريّ والدينيّ، التي استبدّت بالشعور الجمعيّ في الغرب، نتيجة الازورار عن القيم الإنسانويّة والتنويريّة والتنكُّر السافر لها، وما صَحِبَهُ من كِبْرٍ وطاووسيّة واستعلاء في النظر إلى الإنسان غير الغربيّ؛ بل ومن احتقارٍ له واسترخاصٍ لحقوقه... ودمه ؟
لم يستتبّ، تماماً، المعنى الشامل لحقوق الإنسان في عالم اليوم؛ ليس فقط لأنّ حقوقاً للمواطنين، مدنيّة وسياسيّة، تُنتَهك هنا وهناك، ولكن، أيضاً، لأنّ حقوق شعوبٍ في تقرير المصير والاستقلال - كالشعب الفلسطينيّ- ما زالت مهضومة ومنتَهَكة بإرادة السياسات الغربيّة ومشاركتها، ولأنّ حقوق أمم في استعادة وحدتها القوميّة أو في استكمالها، مثل الأمّة العربية، والكوريّة، والصينية... ما برحت مهضومة حتى اليوم، ولم يتأتّ لها بعد أن تستعيد وحدتها كما استعادتها فيتنام وألمانيا.

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


برغم الغياب، ناصر باقٍ في قلوب الملايين
بقلم: محمود كعوش

الإرهاب بالاستيطان: جريمة تبدأ باسقاط أوسلو
بقلم: د. رفعت السيد أحمد



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب د. عبدالاله بلقزيز |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//