جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

من التحوّلات الميدانية إلى التحوّلات السياسية /الجزء الأول/ | بقلم: زياد الحافظ
من التحوّلات الميدانية إلى التحوّلات السياسية /الجزء الأول/



بقلم: زياد الحافظ  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
19-09-2017 - 1571
| فجأة وبعد حالة أنكار غريبة يركّز الاعلام الغربي والعربي على التطوّرات العسكرية التي تحصل في الميدانين السوري والعراقي.  المقالات والتعليقات والمداخلات التلفزيونية وغيرها من وسائل التواصل العام والخاص تغصّ بمعلومات وآراء متعدّدة.  معظم هذه الآراء تجمع على أن التطوّرات الميدانية ستحمل تطوّرات سياسية.  فما هي هذه التحوّلات السياسية المرتقبة؟
في رأينا لقد بدأت منذ فترة التحوّلات السياسية على الصعيد الدولي والإقليمي والعربي لأن التحوّل الاستراتيجي حصل مع إيقاف المشروع الأميركي في العراق، وصمود المقاومة في لبنان وغزّة، ومع صمود سورية في وجه العدوان الكوني.  أما التداعيات السياسية فهي متعدّدة.  فلا يمكن إجراء مقاربة للتحوّلات الدولية دون مقاربة انعكاساتها إقليميا وعربيا، وكما لا يمكن قراءة المشهد الإقليمي بعيدا عن التطوّرات الدولية والعربية، وأخيرا لا يمكن فهم التطوّرات في المشهد العربي دون الالتفات إلى التحوّلات الدولية والإقليمية.  فأي قراءة لأي مشهد تصبح قراءة متعددة الأبعاد.
فعلى الصعيد الدولي نشهد بروز كتلة سياسية وجغرافية وبشرية واقتصادية وعسكرية في العالم أكبر وأفعل من مجموعة "المجتمع الدولي" المكوّن أساسا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وذلك منذ تبيّن أن الهيمنة الأميركية تتعثر في مطلع الألفية الجديدة.  المجموعة الجديدة هي مجموعة البريكس.  لن نسترسل في سرد تطوّرات التي رافقت نشأة البريكس بل نكتفي بما حصل في اللقاء الأخير لقمة تلك الدول التي عُقدت في مدينة زيامين الصينية. فالقمة الأخيرة لها دلالات عديدة إضافة أنها المدينة التي كان عمدتها في السابق الرئيس الصيني الحالي زي جين بينغ.
الدلالة الأولى تكمن في طريقة الاستقبال الحار والفائض في الاحترام لمسؤولي الدول المشاركة خلافا عن الاستقبال الرسمي والمتعالي (والبارد أحيانا) الذي يحصل في الغرب تجاه الدول التي تعتبرها دول الغرب أقل شأنا (لا ننس دفع الرئيس الأميركي لرئيس الجبل الأسود في اجتماع قمة الأطلسي الأخير أمام الشاشات).
الدلالة الثانية هي مضمون المحادثات سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي.  ففلسفة هذه المجموعة هي الاستقرار ضمن حدود القوانين الدولية واحترام الدول وبهذا تختلف مع دول "المجتمع الدولي" التي تضرب عرض الحائك المواثيق الدولية والقانون الدولي.  فقرار رفض أي مغامرة عسكرية في الأزمة الكورية كان بمثابة "نقض" لبعض التوجّهات الأميركية التصعيدية تجاه كوريا الشمالية.  ويأتي هذا التوافق بعد اهتزازات في العلاقات بين الصين والهند ومحاولات الأخيرة في بلورة مبادرة منافسة لمبادرة الحزام والطريق الواحد، وذلك مع اليابان وبعض الدول الإفريقية تحت عنوان الممر الإفريقي الاسيوي للنمو.
  أما على الصعيد الاقتصادي فكانت القرارات تثبّت المضي في إنشاء منظومة مالية دولية مستقلّة عن الدولار ما يحصّن الاستقلالية السياسية التي تتسم بها هذه الدول.  وعلى ما يبدو فإن هذا التوجّه يقلق الإدارة الأميركية التي وجّهت على لسان وزير المال ستيفين منوخين تحذيرا للصين بمنعها من "الدخول إلى النظام المالي الأميركي والدولي للدولار" كما ذكر موقع "فورين بوليسي" و"روسيا اليوم".  جاء هذا التحذير بعد اعتراض الصين على عقوبات قاسية بحق كوريا الشمالية غير أن التهديد الأميركي أبعد من ملابسات الأزمة الكورية.  غير أن الصين وحلفائها ماضون في إنشاء المنظومة المالية الموازية للدولار لردع الهيمنة الأميركية على العالم من الناحية الاقتصادية. فما يحصل في الميدان السوري والعراقي يُترجم على الصعيد الدولي بالمزيد من الاستقلالية عن الهيمنة الأميركية.
الدلالة الثالثة، وهي ربما الأهم في اللقاء الأخير، هو الانفتاح على العالم. فدعوة مصر وغينيا وتايلاند والمكسيك وطاجكستان ترمز إلى إقناع العالم أن الغرب ليس المرجع الوحيد للقرار السياسي والاقتصادي العالمي.  دعوة مصر لها دلالات عديدة. فعبر مصر تدخل البريكس الوطن العربي كما تركّز وجودها في القارة الإفريقية مع وجودها في الجنوب عبر جمهورية جنوب إفريقيا إحدى الدول المؤسسة لمجموعة البريكس، ووجود غينيا الغنية بالموارد الطبيعية من معادن (بوكسيت، ذهب، الماس) والتي رفضت منذ استقلالها الهيمنة الفرنسية على مقدّراتها.  فهي منذ حكم الرئيس المؤسس للجمهورية الغينية أحمد سيكو توري خارج منطقة الفرنك الإفريقي سي أف آه والنفوذ الفرنسي المباشر. فثلاث دول إفريقية وازنة مشاركة أو مدعوة كمراقب في مجموعة البريكس لها معاني كثيرة أهمها أن الدول المستعمرة القديمة تراجعت سيطرتها وهيمنتها بشكل ملحوظ على القارة الإفريقية.  أما دعوة المكسيك فهي مع البرازيل الدولة في أميركا اللاتينية صاحبة الشأن الاقتصادي الأبرز وعلى أبواب الولايات المتحدة.  فيما بعد نعتقد أن فنزويلا وكوبا ستصبحان ضمن مجموعة البريكس اللاتينية.
أما على الصعيد الأميركي فحالة الإرباك هي المسيطرة على كافة مفاصل الإدارة والحكم.  فالتحوّلات الميدانية في سورية والعراق لا تساعد على حسم الإرباك.  فمن جهة هناك نزعة الرئيس إلى عدم التورّط في حروب جديدة ومن جهة أخرى هناك نزعة القيادات العسكرية التي لا تعرف كيف تنهي الحروب لتقلّل من خسائرها.  فبعد الحرب العالمية الثانية لم تربح الولايات المتحدة حربا في العالم رغم انخراطها في حروب مستمرة والان هي منخرطة بشكل أو بآخر في حروب في سبع دول دون نتيجة إيجابية لها تذكر. فالميل الطبيعي عند القيادات العسكرية هي المزيد من التدخل لأنها لا تستطيع أن تقرّ بهزيمة ميدانية.  هذا هو الحال في أفغانستان والعراق وسورية واليمن والصومال وباكستان وكاميرون.
هنا لا بد من ملاحظة تطوّر جديد في موقف المؤسسة العسكرية وهو عدم الرضوخ لمشيئة الكيان الصهيوني.  هناك دلائل عديدة عن ذلك التحوّل الذي بدأ منذ بضعة سنوات في جلسات استماع للقيادات العسكرية في الكونغرس الأميركي مفادها أن سياسات حكومة الكيان تهدّد الأمن العسكري للقوّات الأميركية في المشرق العربي.
أما الحضور العسكري الأميركي في الساحتين العراقية والسورية فهو محدود ولا يستطيع تغيير المعادلات الاستراتيجية التي ترسم في الميدان.  كل ما يمكن أن تفعله هو محاولة في إمساك ورقة في التفاوض.  فروسيا التي تقود الحملة السياسية للحل السياسي للصراع في سورية تحرص على حفظ ماء الوجه الأميركي دون أن يسبّب ذلك أي ضرر لمصالحها في سورية والعراق وعامة المشرق، ولكن كل ذلك يُبقى اليد العليا لروسيا وحلفائها الإقليميين والدولة السورية.
وأخيرا على الصعيد الأوروبي فبات واضحا أن الدول الوازنة في الاتحاد تجنح إلى الإقرار بالهزيمة الميدانية والسياسية في سورية وتحاول التخفيف من الخسائر وحفظ دور ما في المعادلة السياسية الجديدة وربما المساهمة في إعادة إعمار سورية.  فالاتحاد الأوروبي يتعرّض لهزّات عديدة وقوية نتيجة سياسات خاطئة أدّت إلى تدفّق اللاجئين من سورية والعراق ما مسّ بالأمن القومي الداخلي لدول الاتحاد.

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


موسوعة التطبيع والمطبعون فى مصر (1979 – 2011) /الجزء الأول/
بقلم: د. رفعت السيد أحمد

موسوعة التطبيع والمطبعون فى مصر (1979 – 2011) /الجزء الثاني/
بقلم: د. رفعت السيد أحمد



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب زياد الحافظ |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//