جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

مفاهيم مغلوطة | بقلم: د. يوسف مكي
مفاهيم مغلوطة



بقلم: د. يوسف مكي  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
23-07-2017 - 1540
بعد تفجير برجي مركز التجارة الدولي في نيويورك ومبنى للبنتاجون في واشنطون بالحادي عشر من سبتمبر 2001، وإعلان الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش حربا عالمية على الإرهاب برزت مفاهيم جديدة، ارتبطت بالحدث وبتجاذباته. ضمن تلك المفاهيم أن ما جرى كان نتيجة لسيادة ثقافة الكراهية والإرهاب، وسيادة أنظمة الاستبداد في منطقة الشرق الأوسط. وأن الحل للقضاء على الإرهاب هو فرض الديمقراطية بنمطها الغربي، المستند على الحرية الفردية، والإطاحة بالمستبدين، ولو كان ذلك عن طريق الاحتلال، وخارج أطر الشرعية الدولية. ولم تستثني الخرائط والبرامج المعدة للحرب على الإرهاب عدو أو صديق، فليس في القانون الأمريكي كما يقول تشرشل صداقات دائمة، ولكنها مصالح وموازين قوى وصراع إرادات.
وقد غيب برنامج بوش لتغيير الأنظمة في المنطقة حقائق أساسية، في مقدمتها أن التغيرات الجوهرية في البنيان السياسي هي انعكاس لتحولات كبرى في الهياكل الاجتماعية ومنظومة الثقافات، وأنها والحال هذه تعبير عن واقع موضوعي وتحول تاريخي. وأن فرضها بالطريقة التي طرحتها إدارة بوش لن ينتج عنها سوى تفجير الصراعات الطائفية والإثنية وسيادة حالة الفوضى، التي هي بالضد من أساسيات تأسيس الدولة المدنية، في شكلها المعاصر.
انتقلت رؤية إدارة الرئيس بوش، من التنظير إلى الفعل، لتتحول إلى معلم استراتيجي كوني باحتلال العراق وأفغانستان. ومر عقد على احتلال البلدين، ولم ينبثق في كليهما أفغانستان جديدة أو عراق جديد، ولا ديمقراطية ولا هم يحزنون. وتكشف زيف الوعود الأمريكية بتحويل البلدين إلى واحتين للنماء والازدهار. تحققت أشياء أخرى، مغايرة تماما لتلك الوعود. بروز لغة التشطير والتفتيت، التي فرضت بالقوة وبالتخطيط لتشمل أجزاء أخرى من الوطن العربي إضافة إلى ما تم تنفيذه بالاحتلال المباشر. فلدينا أكثر من سودان، والبقية قادمة في هذا البلد الجريح. وليبيا أزيل عن تشكيلها اللاصق الشمعي، لتتحول إلى برقة وفزان وطرابلس، وازدهارها ونماؤها تفصح عنه السيارات المفخخة، والتفجيرات التي تجري بين الحين والحين.
الفيدرالية العراقية، التي قيل أنها ستشكل أنموذجا متقدما للحكم في هذه المنطقة، أضحت مشروعا ناكصا، أحال أرض السواد، إلى رقعة شطرنج تتنافس فوقها الأقليات والطوائف. وأصبح هناك حكومتين تتصارعان على المواقف والثروات والحصص، والتفجيرات اليومية والقتل على الهوية يحصل عشرات الأبرياء كل يوم.
ومع أن المشروع الامبراطوري الأمريكي، للقرن الواحد والعشرين ووجه بفشل ذريع، فإن كثير من المثقفين لا زال ينظر بافتتان لتلك الشعارات. لا يزال كثير من الناس، يرون في الفيدرالية مدخلا للتماهي مع لغة هذا العصر. وحين تجادلهم بالقول، إن الفيدرالية مشروع يقوم بين أوطان وثقافات مختلفة، وليس بين أبناء مجتمع واحد، وأنها تعتبر حالة متقدمة حين تكون هناك أوطان، أما في ظل الوطن الواحد فإنها مشروع ناكص. إن الفيدرالية التي تحققت في عدد من دول العالم، جاءت استجابة لواقع موضوعي، وخرجت من رحم اختيار وإجماع وطني، ولم تفرض من الخارج، وبالضد من الإرادة الوطنية, يجادلونك بالهروب إلى الخلف، بالسخرية من موضوع الوطن والوطنية، داعين إلى رؤية إنسانية أرحب من فكرة الوطن، سرعان ما يتكشف ما يكمن خلفها من أطروحات طائفية وحزبية وفئوية.
وفي هذا الجدل البيزنطي، يبرز مفهوم جديد، سطحي وساذج ولا يتسق مع مع حاجات البشر الأساسية، خلاصته أن الإنسان أهم من الوطن، لأنه قيمة مطلقة بينما الآخر قيمة نسبية. يقال ذلك، مع أن الوطن، كما يراه العلامة عبد الرحمن بن خلدون هو الاستقرار، وهو انتقال الإنسان من حالة السير والترحال إلى العمران والحضارة والمدنية.
وحتى إذا سلمنا جدلا بأرجحية مقولة أولوية الإنسان على الأوطان، فإن السؤال عن حق الإنسان في المأوى والهوية سيصدمنا، ليعيد طرح الهوية والانتماء الوطني بقوة. كيف يحقق فلسطيني احتلت بلاده وشرد من أرضه، وصودرت ممتلكاته، وحرم من وثيقة تؤكد هويته الوطنية، تحقيق إنسانيته؟ وكيف يمكن لخمسة من الملايين العراقيين الذين فرضت عليهم الحرب الطائفية، والاحتلال الأمريكي لبلادهم، مغادرة العراق، والعيش لما يقرب عقد من الزمن في الشتات، دون الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية؟. كيف يتحرك الإنسان في هذا العالم الرحب دون جواز سفر ومن غير هوية، أو انتماء لوطن... كيف... وكيف... أسئلة كثيرة تتداعى، لتؤكد زيف مقولة أن الإنسان أهم من الوطن، لنوضع أمام تقابل بين مطلقين، ليس منطقيا أو مقبولا التمييز بينهما، أو إعطاء أحدهما أرجحية على الآخر.
الوعي بأهمية حرية الوطن، وتأمين استقلاله واستقراره، أدى إلى فرض خدمة العلم، وأصبحت هذه الخدمة قانونا تنص عليه معظم دساتير دول العالم. وهو بالذات ما ارتقى بالوعي في المجتمعات الإنسانية، لتصبح العلاقة بين الحاكم والمحكوم، علاقة تعاقدية تحكمها قائمة من الحقوق والواجبات التي يؤديها الجميع، من غير احتجاج أو ضجر، كونها ضريبة الانتماء للوطن، يدفعها الجميع عن طيب خاطر.
هذه المفاهيم المغلوطة، تنسحب أيضا على التبشير بالتنمية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتغليبها على مقاومة الاحتلال. كيف يمكن تحقيق تنمية في بلد لا يملك حق الإمساك بزمام مقاديره. وهل فعلا يمكن لبلد صغير محاصر، كقطاع غزة أن يحقق تنمية حقيقية في ظل الحصار وشحة الموارد.
في هذا السياق، نذكر أن الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات أسس مجموعة من المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية على الأراضي اللبنانية بحسبان نقلها بالجملة بعد تحرير فلسطين. وأدى انشغاله بذلك إلى التركيز على حمايتها، مستبدلا روح المبادرة والاقتحام بالتريث والتردد، لكن هذه المؤسسات جرى تدميرها بالجملة بعد الغز الإسرائيلي لبيروت في مطالع الثمانينات، لتؤكد تعارض إنجاز أي تنمية اقتصادية واجتماعية، ما لم ينجز الفلسطينيون مشروع الاستقلال.
وإذن فنحن أمام جملة من المفاهيم المغلوطة، التي ينبغي أن تقرأ في سياقها التاريخي، سياق الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية. وهي هيمنة ينبغي في كل الأحوال أن لا تفرض مفاهيم
لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


ظاهرة الشّعراء الصّراصير
بقلم: فراس حج محمد

أيلول أسود ينتظر منطقة الشرق الأوسط
بقلم: الدكتور نواف ابراهيم



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب د. يوسف مكي |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//