جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

حرب على الحضارة وعلى شعوب المنطقة | بقلم: الفضل شلق
حرب على الحضارة وعلى شعوب المنطقة



بقلم: الفضل شلق  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
06-05-2016 / 00:31:03 - 1690
يعود الحديث عن صراع الحضارات؛ أول من استخدم التعبير برنارد لويس، المؤرخ وملهم المحافظين الجدد؛ ثم بلوره صاموئيل هانتنغتون في مقالة شهيرة في مجلة فصلية، («فورين أفيرز») ؛ ثم وسّعها في كتاب يحمل اسم «صراع الحضارات». المفهوم هو في واقع الأمر يحمل معنى استراتيجية عسكرية للنظام الدولي ومن يقوده بعد انتهاء الحرب الباردة، وليس تعبيراً عن مجمل الوقائع الاجتماعية حول العالم. الحضارات لا تتصارع. القوى السياسية، الدول، هي التي تتصارع وتشن الحروب. والدولة التي أصبحت قطب العالم الوحيد بعد الحرب الباردة تحتاج إلى عدو.
حرب الحضارات هذه مركزها المنطقة العربية من مغربها إلى مشرقها. ليست صراعاً بين قوى متكافئة بل هي حرب يشنها طرف واحد على منطقة متهمة بإنتاج التكفيريين والإرهابيين. هذه منطقة تعتبر «بيئة حاضنة» للتكفيريين والإرهابيين. والحرب التي تشن ضدها تتحالف فيها القوى الكبرى الإقليمية مع أنظمة الاستبداد العربي. خرجت شعوب هذه المنطقة إلى الميادين في العام 2011، ظهر أن لها إرادة، وأنها تريد أن تحكم بطريقة مغايرة، وأنها ترفض الاستبداد، وأنها ترفع شعار «عيش، كرامة، عدالة اجتماعية»، بما معناه أن «الشعب يريد إسقاط النظام». يدافع النظام العربي عن نفسه بالثورة المضادة، ودعم الأنظمة القائمة، وإحلال أخرى مشابهة حيث سقط الحكام السابقون، وتثبيت الحكام الحاليين حيث لم يسقطوا.
الحرب الأهلية مستمرة منذ سنوات، منذ 2011. لم يتراجع الإرهاب ولم تتقلص المساحة التي يسيطر عليها التكفيريون. كأن المطلوب هو وجودهما وتوسعهما كي يكون للحرب الثقافية الحضارية مبرر. ما يجعل هذه الفرضية قابلة للتصديق هو أن «ولادة» الفرق التكفيرية والإرهابية كان في سجون الأنظمة العربية. لم تكن هذه السجون في يوم من الأيام بعيدة عن إشراف المخابرات الدولية. إطلاق المساجين والمجرمين عندما استعرت الحرب على الإرهاب والتكفيريين لم يكن حدثاً بريئاً. كثيراً ما استخدمت الأنظمة العربية المساجين الإرهابيين المجرمين في صراعاتها.
تنتج هذه الحرب عدداً كبيراً من المهاجرين، ربما كانت هي الهجرة الأكبر في التاريخ. يذهب معظمهم إلى أوروبا. بعضهم يتسلل إلى أميركا وأستراليا. تضج الفضائيات الإخبارية الدولية بأخبار وبرامج عنهم. ينزرع الخوف في الغرب من هذا الخطر البشري القادم من منطقتنا. بالطبع يذرف المذيعون الكثير من الدموع. وتعقد مؤتمرات دولية من أجل المساعدة. الأهم استراتيجياً هو خلق رأي عام مؤيد للحرب الثقافية ـ الحضارية التي تشن على هذه المنطقة. ليس ضرورياً أن يعرف هذا الرأي العام هل الحرب داعمة لأنظمة الاستبداد، ومدى مشاركة قوى الاستبداد فيها، ومدى تحالف الخصوم الدوليين فيها؛ أم أن هناك بعض تباينات في الرأي؟
ثم تأتي المؤتمرات الدولية للتفاوض بين الأطراف المتنازعة على الأرض، في جنيف وفيينا وغيرهما. على قوى المعارضة المشتتة، ذات «المبيت» خارج بلادها، أن تفاوض وفد السلطة الآتي من بلدها الأصلي. يفاوضون جميعهم باسم الشعب، ولا يدري أحد كيف جاؤوا بتفويض: من الشعب أم من القوى والدول التي أرسلتهم؟ مع كثرة المتفاوضين تبدو المطالب متناقضة مبلبلة مفككة ويسود التشوش العقلي والذهني لدى المشاهدين في المنطقة وخارجها. تبدو الأصالة فقط عند الوفد الآتي من بلده، من مصدر الاستبداد. تتماهى الأصالة مع الاستبداد ومع الوحشية.
تكتمل الصورة. هذه شعوب لا تعرف ماذا تريد، ولا كيف تحقق ما تريد. هي دائماً بحاجة إلى رعاية. بالطبع، يعبر عن ذلك كون راعي المفاوضات أجنبياً، ويعمل بتكليف أجنبي. هو المنقذ لهذه البلدان المسكينة من ثقافتها ومن حضارتها ومن الحضيض الذي أوصلها إليه وعيها. وعي هذه الشعوب لا يفترض أن يعبر عنه شعار «عيش، كرامة، عدالة اجتماعية»، بل تعبر عنه ثنائية بين الاستبداد من جهة وبين الإرهاب والتكفير من الجهة الأخرى. يغيب عن البال أن الإرهاب والتكفير هما الوليدان غير الشرعيين لأنظمة الاستبداد؛ كما يغيب عن البال أن أنظمة المنطقة العربية متكاملة، وأنها لا تتصادم إلا صراعاً على السلطة.
يبدو الوفد الآتي من «بلده» أصيلاً، الوفود الآتية من أمكنة خارجية أشبه بالغرباء عن وطنهم. الأصالة جزء من الثقافة والحضارة، يفيد ذلك في ربط الاستبداد بهذه الحضارة وجعله وليد تراثها وتعبيراً عن ثقافتها وحضارتها. المهم أن تكون البلاهة سيدة الموقف وأن تعتبر هذه الشعوب بلهاء. تصير هذه الشعوب، بحكم تأخرها وفقرها الذهني الموروث بحاجة إلى رعاية، انتداب، استعمار. راعي المفاوضات يمثل هذا الدور. تحتاج حرب الحضارة، الحرب على حضارة المنطقة، إلى أسلحة مادية وأسلحة ثقافية. تستخدم جميع الأسلحة في حرب عالمية. عالمية الحرب تستوجب أن يكون الاستبداد حليفاً. بعد ذلك يصير ممثله هو المفاوض الوحيد.
ما يبعث على الاستغراب، بل الريبة، هو تحضير برامج الإعمار قبل انتهاء الحرب الأهلية التي ربما استمرت سنوات، لسوء الحظ. الشركات المحلية لبنانياً وعربياً وأجنبياً تحضّر نفسها. بغض النظر عن الأرباح التي سوف تجنيها سوف يدفعها الشعب الذي أراد والذي تتقاتل الأنظمة والمعارضة باسمه. وضع الشعب ومطالبه على الرف خلال الحرب الأهلية؛ هو خارج هذه الحرب؛ كثرته الغالبة قالت كلمتها في 2011. لكن المطلوب منه بعد الآن دفع ثمن الحرب الأهلية لا من الضرائب وحسب بل من العمل كالرق في خدمة شركات الإعمار. على الشعب أن يكون أكثر تهذيباً في المستقبل وأن لا يطالب بما يحقق له العيش الكريم والحرية. عبوديته قدر له. والنظام المحلي والعربي مستمر إلى الأبد. انتصار الثورة المضادة إرادة دولية.
سوف تزداد المآسي والآلام مع استمرار الحرب الأهلية وبعدها. تعلمت الأنظمة التي لم تسقط من أخطاء الأنظمة التي سقطت. لن تكون هناك تظاهرات في الميدان، سيكون هناك خضوع واستسلام واسترقاق وحسب. هكذا تعتقد المنظومة العربية أنها سلمت بواسطة الثورة المضادة وتبني النظام العالمي لها.
لن تكون الشعوب العربية محرجة في الخيار بين الأنظمة من جهة و «داعش» و «النصرة» من جهة أخرى. لا هذا ولا ذاك. تعرف الشعوب أن واحدهما انعكاس للآخر. وتعرف أيضاً أن حركة التاريخ متعرجة، وأن هناك خطوات إلى الوراء وخطوات إلى الأمام على التوالي، وأن ثورة 2011 يمكن أن تتكرر بأشكال مختلفة.
الغالبون يكتبون التاريخ؛ بينهم أنظمة الاستبداد والاستعمار والطغاة. لكن الشعوب هي التي تصنع التاريخ. هناك فرق بين واقع يصنع وبين أوهام يكتب عنها. ستعرف هذه الشعوب كيف تصنع التاريخ مرات كثيرة أخرى.
حضارة تماهت مع التاريخ عبر قرون طويلة، وإن بمسميات مختلفة، سوف يكون لها البقاء.
لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


قواعد عامّة في فلسفة القانون
بقلم: الدكتور محمد طي

قطاع غزة - الحرب الدائمة
بقلم: هاني حبيب



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب الفضل شلق |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//