جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

هل التطرُّف الديني واليميني نتيجةً لفقْدان الثقة بالسياسة والسياسيين؟ | بقلم: الدكتور عصام نعمان
هل التطرُّف الديني واليميني نتيجةً لفقْدان الثقة بالسياسة والسياسيين؟



بقلم: الدكتور عصام نعمان  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
09-04-2016 / 22:19:56 - 1646
| أحاذرُ اللجوء الى التعميم ما لم تكن الواقعة المراد التأكيد عليها قد جرى التثبّت من صدقيتها بالإستطلاعات والإستقصاءات والإحصاءات الدقيقة، ومع ذلك أجازفُ بالقول، استناداً إلى شواهد من لبنان وأوروبا واميركا، إن الناس عموماً فقدوا الثقة بالسياسة والسياسيين، نعم، ما عادت السياسة وسيلة ناجعة للتدبير والتغيير، ولا السياسيون أهلاً للثقة بنياتهم وقدراتهم ووفائهم بالوعود.
لعل لبنان، بتركيبته التعددية وتنوعه الثقافي ومجموعات النازحين المتدفقين عليه من كل حدب وصوب ودين ، نموذج ومختبر لإستخلاص عيّنة وشاهد على ما أدّعيه. فقد قامت في مدنه ومجتمعاته ، عقب "ثورات" الربيع العربي حراكات شعبية عدة ، كان آخرها واقواها الحراك المتعلق بفضيحة النفايات والمسؤولين عنها والمشاركين فيها. ومع ان القضية تتعلق بصحة الناس جميعاً وبصحة المجتمع بصرف النظر عن المشارب السياسية والمذاهب الدينية ، فقد اخفق الحراك وقادته في تحقيق أهدافه .
صحيح ان الشبكة الحاكمة لم تتأخر في قمع الحراك وقادته  بأساليب شتى ، لكن فشله لم يكن بسبب القمع الحكومي بالدرجة الاولى ، بل نتيجة قلّة صبر "الحراكيين" ونَفَسهم القصير الناجم بدوره عن شعورهم ، كما غالبية الناس ، بعدم جدوى السياسة وفقْدان الثقة بالسياسيين .
وليد جنبلاط ، المعروف بجرأته وصراحته، أعطى اخيراً شهادةً في الموضوع على طريقة "شهد شاهد من أهله"، فجاءت شهادته قاطعة ساطعة.
قال بلا مواربة لصحيفة "السفير": "انا ادرك ان مصداقيتنا كسياسيين ضُربت ، خصوصاً بعد ازمة النفايات ، واعرف ان بعض الناس لم يعد يصدقني عندما اتكلم حول الملفات التي تفوح منها الشبهات . لكن لا خيار امامي سوى ان استمر في المحاولة  لعلني اساهم قدر الإمكان في الحدّ من خسائر الفساد المستشري مع علمي بأزمة الثقة المستفحلة بين الناس والطبقة السياسية التي انا جزء منها".
أهمية شهادة جنبلاط انه جزء من الطبقة السياسية . لكن فقدان الثقة لا تتناول السياسيين ولا تقتصر عليهم بل تتناول السياسة نفسها ايضاً . ليس ادل على ذلك من ان فضائح وكوارث واحداثاً عظيمة وقعت ونالت من لبنان ، دولةً وشعباً ، ومع ذلك لم يحرك الناس ساكناً. هل يعقل ان يبقى البلد اكثر من عشر سنوات بلا موازنة ، ونحو سنتين بلا رئيس جمهورية ، ونحو ثلاث سنوات من دون انتخابات برلمانية ، وان يمتنع مجلس النواب الممدد لنفسه عن الإجتماع وبالتالي عن التشريع ، وان تبقى النفايات في الشوارع وبين المنازل اكثر من ثمانية اشهر... ومع ذلك لا يثور الناس ولا يلجأون الى اي تدبير "سياسي" لإنهاء الوضع الفاسد ؟
في فرنسا ، ولعلها مصغّر نموذجي لاوروبا ، قال رئيس حكومتها مانويل فانس في منتدى حول "الإسلاموية وتقدمها الشعبوي في اوروبا" : " يفترض ألاّ يمثل السلفيون إلاّ نسبة واحد في المئة من المسلمين (عددهم الاجمالي 5 ملايين) في فرنسا اليوم ، لكنهم يكادون يكسبون المعركة الايديولوجية والثقافية والاعلامية ، اذ ان  رسالتهم هي الوحيدة التي نسمعها على مواقع التواصل الإجتماعي ، وتعكس معرفتهم كيفية ايصالها الى الشبان اليافعين".
منسق الإتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب جيل دي كيرشوف شاطر فانس رأيه بقوله  إن "الايديولوجية مصدر مهم للتطرف الجهادي في اوروبا، ولا بد من ان نعمل على قيام اسلام اوروبي".
حسناً ، فَهِمنا ان التطرف الجهادي مصدره ايديولوجي ، اي ديني ، لكن لماذا رسالة السلفيين والجهاديين هي "الوحيدة التي نسمعها على مواقع التواصل الإجتماعي"، كما يقول فانس؟ بل لماذا هذا الصعود المتواصل لقوى اليمين المتطرف في فرنسا بشخص زعيمة الجبهة الوطنية مارلين لوبن وامثالها؟
الجواب : انه فقدان الثقة بالسياسة والسياسيين عموماً ولاسيما ، في حالة فرنسا، بالإشتراكيين والليبراليين وامثالهم.
في الولايات المتحدة ، يبدو ان المشكلة هي نفسها: فقدان الثقة بالسياسة والسياسيين مع فارق لافت هو ان فقدان الثقة ينصبّ ، بالدرجة الاولى ، على قيادتيّ Establishment الحزبين الجمهوري والديمقراطي ، وبالتالي على المرشحين الذين "يتمتعون" بتأييد كلٍّ منهما.
بحسب العديد من الكتّاب والمعلّقين السياسيين ، ابتعدت قيادتا الحزبين الجمهوري والديمقراطي عن قواعدها الشعبية ، اي عن الناس عموماً ، وتحجرت اراؤها فما عادت تعبّر عن مواقف هؤلاء ومصالحهم . اكثر من ذلك : ارتكب مرشحو تلك القيادات ، ولاسيما الجمهورية منها ، اخطاء فادحة بتأييدها مرشحين جلبوا على اميركا الكوارث ، ومنهم على سبيل المثال جورج بوش الابن ،"بطل" الحرب الكارثية على العراق. ولأن قيادتي الحزبين ما زالتا تناديان بأفكار ومشاريع من الماضي وتؤيدان مرشحين يمثلون اراءها ، فإن ذلك ادى الى نشؤ ردات فعل متطرفة عند الناخبين عموماً. لذلك فإن اتساع قاعدة  مَن يؤيدون المرشح الجمهوري اليميني المتطرف دونالد ترامب مردّه الى نفور الناخبين الجمهوريين من قيادتهم وقيامهم بالتصويت له كتعبير صارخ عن رفضهم لها. كذلك الامر في الحزب الديمقراطي ، اذ ان اتساع التأييد للسناتور بيرني ساندرز مرده الى النفور من قيادة الحزب التي تؤيد مرشحتها التقليدية هيلاري كلينتون.
ثمة اسباب متعددة لظاهرة  اتساع قاعدة نفور الناس من السياسة والسياسيين، لعل ابرزها ثلاثة :
الاول ، استشراء سلوكية النفاق والكذب لدى السياسيين وعدم وفائهم بوعودهم وبرامجهم ما يؤكد ، تالياً ، عدم جدواهم.
الثاني ، انكشاف السياسيين امام الناس وقدرة هؤلاء عبر اجهزة التواصل الاجتاعي على ادراك فشلهم ودجلهم وقيامهم ، تالياً ، بتعميم انفضاحهم على نحوٍ واسع ومؤذٍ الامر الذي ادى الى تدني ثقة الناس بالسياسة والسياسيين.
الثالث، مع انكشاف السياسيين وتدني جدوى السياسة ، برز الدين والايديولوجيا كبديلين جاهزين لسد الفجوة الناشئة عن فشل السياسيين.
اذْ تتضح اسباب العودة الى التدين والى التفكير اليميني المتطرفَين ، يبقى سؤال: كيف يمكن مواجهة هذا التحدي المتعاظم التأثير؟
قد يقول قائل : المواجهة تكون بالعودة الى تمسّك السياسيين بقيم الصدق والوفاء والعدل والمساواة امام القانون .
هذا صحيح ، لكن كم من الوقت تتطلبه حملة العودة الى هذه القيم وممارستها قبل ان يتمكّن"الجهاديون"  المتطرفون واليمينيون الثائرون على السياسة الفاسدة والسياسيين الكَذَبة من الإستيلاء على السلطة وادارة المشهد العام الذي نرى ، ونعاني، مظاهره الدموية والكارثية في الكثير من انحاء العالم؟
لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


العالم العربي بعد مائة عام من اتفاقية سايكس بيكو
بقلم: روعة قاسم

هل ترتد نيران جبهة درعا على الأردن؟
بقلم: عبد الله سليمان علي



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب الدكتور عصام نعمان |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//