جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

سوريا.. خطوات واعدة على طريق الإنفراج | بقلم: ادريس هاني
سوريا.. خطوات واعدة على طريق الإنفراج



بقلم: ادريس هاني  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
13-08-2023 - 289

لينكدإن بوكيت
بدا واضحا أنّ السجاد الأحمر فُرش لإستقبال الرئيس بشّار الأسد في عواصم عربية، ستتلوها لا محالة عواصم عالمية، كمؤشر لإنهاء ما يقارب 13 سنة من الكفاح والصمود في وجه غزوة مركّبة وبروباغاندا شاركت فيها أطراف عديدة.

اليوم وفي ذكرى عيد الجلاء تضيء الإمارات العلم السوري على برج خليفة، هذا فيما يصل فيصل بن فرحان إلى دمشق على متن طائرة خاصة للقاء الأسد، وليعبر عن استعداد المملكة لإعادة المياه إلى مجاريها، متحدثا عن الروابط القديمة بين البلدين، كما عبر عن استعداد المملكة لدعم سوريا في مكافحة الإرهاب ومواجهة تهديد وحدتها الترابية، ناقلا للرئيس الأسد تحيات خادم الحرمين الشريفين. والجولات المكوكية مستمرة، في سياق يتجه نحو التهدئة وطيّ الملف السوري.

قرار طيّ الملف السوري بات طازجا، فحتى السفير روبرت فورد الذي أظهر الكثير من الحماس في بداية الأزمة، يدعم قراراً من النائب الجمهوري مات غايتز، في رسالة إلى الكونغرس لإجبار الولايات المتحدة على الانسحاب من البلاد، في غضون 180 يوماً، حسب “انترسبت”، معربا بأنّ المهمة الأميركية ليس لها هدف واضح.

من لا يعرف كيف كانت حركات فورد داخل سوريا تلك الأيام، يصعب عليه التقاط إشارة هزيمة مشروع تدمير سوريا. الحلّ السياسي بات لا بديل عنه، وطبعا تاريخ سوريا القادم يكتبه الرجل القوي، فيما وصفه به ريتشارد مورفي المبعوث السابق إلى الشرق الأوسط، الذي أكد في نهاية المطاف أنّ واشنطن أدركت استحالة عزل الأسد. كما أشار سابقا إلى أنّ بعض الدول العربية كانت مستعدة أن تكرر تجربة أفغانستان في سوريا من أجل إسقاط الأسد.

ليوم كل شيء تغيّر، وأذكر أنّ رتشارد مورفي، أحد طرفي اتفاقية مورفي-الأسد، سألني ذات مرّة، هل ما يحدث اليوم في سوريا ليس قتلا للشعب، وحينها شرحت له بالكفاية، أنّ الأمر يتعلّق باستعادة سيناريو أفغانستان. كما أخبرني أنّه كان صديقا للرئيس حافظ الأسد، وهو يعرف أنّه كان رئيسا قويّا وعنيدا وحكيما، فقلت له، وهذا الرئيس بشّار الأسد على قدر من الحكمة والوعي السياسي، وأنّ الميديا العربية مدمنة على شيطنة القيادة السورية. ونصحته بأن لا يأخذ حقائق ما يجري في سوريا من الإعلام العربي وغيره.

إدريس هاني رفقة ريتشارد مورفي المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط وعراب اتفاقية مورفي-الأسد

وكان قد تعجّب من هذا الكلام، لا سيما بعد أن استمع إلى تعليقي على مبعوث جامعة الدول العربية بأنقرة، لكنني طمأنته بأنني عائد توّا من دمشق، وهؤلاء كلهم يتحدثون عن سوريا بخلفيات معروفة ومن بعيد، ولا يعرفون التفاصيل إلاّ من قنوات البروباغاندا. اليوم يدرك مورفي ويصرح بأن موقفا جديدا من الأسد بات أكثر ليونة من ذي قبل، وبأن الأسد هو جزء من الحلّ.

خلال السنوات الماضية، لم نكن نسمع لغة السياسة، فلقد كان الجميع في قاعة انتظار مكتظة بحرافيش سياسات التّمنّي، في انتظار سقوط الأسد. ولا أحد من هؤلاء كان يدرك مآلات هذا الحلم الساذج، بالنسبة لدولة عربية كبيرة. لقد لعبت سوريا دورا كبيرا في خلق توازن ما بعد سقوط العراق، فماذا لو سقطت سوريا؟ كم نحتاج من السنوات لنعيد بناء الجيش والنظام؟ كم من السنوات لنعيد المجتمع المفكك إلى وحدته الذهبية؟

لقد تمادى خصوم سوريا في استهداف استقرارها وأمنها القومي، وكشّر الثأر عن أنيابه، وكان الجميع ينتظر دخول البيانوني وغليون وعش دبابير الإئتلافات على حنطور يقوده برنار هنري ليفي النّزق. لقد سال لعاب التطرفات التي وجدت في سوريا ناديا مناسبا لعقد فاوستي بين داعش والليبرالي، في تواطؤ موضوعي ضد دمشق.

الجميل في عودة سوريا إلى بيئتها العربية، هو أنّ الرهانات الجيوسياسية السابقة باءت بالفشل. هناك 13 عام من الحرب الضروس، لا يمكن اختزالها في أي تعليل تبسيطي لمآلات حرب انتصرت فيها سوريا وحلفاؤها. الجميل في هذه العودة، هي أنّها خطّأت حسابات كثيرة. واليوم حينما تبدأ الرحلات المكوكية من عواصم الخليج، فهذا يعني أنّ سوريا قطعت مشوارا في مسار انتصاراتها السياسية بعد أن حققت انتصارات في الميدان.

لكن هذه التحوّلات في الموقف، أحرجت اتجاهات من داخل المجتمع المدني، تحاول أن تلبس أقنعة النصير لسوريا، بينما كانت عضوا في قاعة الانتظار الكبرى تلك، التي جمعة الآملين في سقوط سوريا. وكان بالإمكان أن نضع سيناريو افتراضي حول ماذا كان سيحدث لولا سمح الله سقطت سوريا؟ لكم أن تتخيلوا ماذا كان سيحدث، وأين كان سيكون أولئك الذين سكتوا دهر ثم نطقوا مجاملة، حتى لا أقول أكثر من ذلك.

هناك طبخة قادمة، لن تستوي حتى يُطوى ملف الأزمة السورية. فدمشق هي في قلب النسق الإقليمي الجديد، في قلب رهاناته. وقيمة هذا التحول ليس فقط في طي مرحلة، بل في تعزيز ومساندة سوريا في إعادة الإعمار، وهي مهمّة مفصلية، لأنّ خراب سوريا أتى من هناك.

إن كان لا بدّ من الاستشراف، فإنّ مسار التحول في الموقف من سوريا هو ماضي بوتيرة متصاعدة. وستجد سوريا نفسها في قلب جامعة الدول العربية في دورة تكون بعنوان عودتها الحتمية، باعتبارها مؤسسا. لن يطول الزمن لتعود الأمور إلى مجاريها. وهذا أمر لن يطول كثيرا.

اليوم أستطيع أن أبرهن لأولئك الذين وجدوا في حديثي اليقيني والحتمي بانتصار سوريا، مخالفة للمنهجية التي يتيحها علم السياسة، باعتبار لا شيء حتمي في السياسة، ولقد استشكل علينا ليس من هم في حكم المثقفين، بل حتى الغوغاء استشكلوا وتحوّلوا إلى قُضاة. كان سوء الفهم الكبير يكمن هاهنا، لأنّ أحكامي كانت تنطلق من قوة الحدس السياسي، بل تعزيزا لموقفي الفلسفي عموما من خصوبة الحدس، ومن خبرتي أيضا في صناعة الفرضية.

ولم أكن في وارد أن أتقاسم معهم مخرجات هذا الحدس، بل كنت أكتفي بالممكن من المؤشرات والأدلة المادية على عنف المؤامرة، وأقيم في الوقت نفسه عليهم الحجة، وأوثّق لهذا اليوم، حيث تحقق حدسنا السياسي الذي تحفزه جملة من الحقائق المركبة. كنت أرى أنّ السياسة في البيداء العربية فقدت ملكة الحدس، وباتت سياسة غوغائية، تقوم على التّمنّي.

نحن اليوم إزاء انتقال حقيقي في سياق الحل السياسي، لا سيما وأنّ دمشق فتحت الطريق لعودة النازحين، وهي تدرك أنّ قسما كبيرا من الشباب السوري هو ضحية استغلال وتضليل، وبأنّ سياسة الاحتواء هي الطريق الصحيح، وهي الأهم بدل الإهتمام بالملونين الذين باتوا يتسابقون على دمشق، بينما ننتظر أن نشهد عودة للنازحين والمنكوبين ضحايا الحرب والإرهاب على سوريا، والمصالحة الوطنية الكبرى. وكما ذكرنا مرار، لا مجال لـ”تربيح” سوريا جميلا ممسرحا، فسوريا انتصرت بدماء شبابها، بصمود قيادتها، ببطولات جيشها، بوفاء حلفائها، فالتّاريخ ليس بعيدا حتى نكذب عليه، بل هو تاريخ قريب، والتاريخ وثيقة وليس أحجيات مرسلة.

في تصريح وزير خارجية المملكة السعودية للرئيس الأسد في الزيارة الأخيرة، بأنّ هذه الخطوات تصبّ في مصلحة الوضع العربي جميعا. ولا شكّ أنّ تقاربا من هذا القبيل مُسندا بالتقارب بين طهران والرياض، يمكنه حلّ ملفات كثيرة، عجز الغرب أن يحققها، وهو ما يفسّر حقيقة هذا التغيير في الموقف، حيث استنزفت دول مجلس التعاون في معركة سياسية وثقافية ضدّ طهران، كرست منظومة ديماغوجية لم تغيّر شيئا سوى تعقيد المشهد ونشر الكراهية وتقويض سُبل السّلام.

ففي تقارب كهذا، يمكن للإقليم أن يدخل في تهدئة ويخرج من الهمجية السياسية، لا سيما ومؤشرات توسيع مخرجات هذا اللقاء بدأت على مستوى سوريا واليمن، وقريبا ستشمل لبنان، باعتباره لازمة استراتيجية في هذه التحولات لا محيد عنها.

لقد ساهمت الحرب على سوريا، والنزعات الطائفية التي استنفذت أغراضها، في وجع إقليمي كبير. فلقد اختزلوا كل نزاع سياسي في مقاربات تبسيطية، فباتت البروباغاندا مرجعية لبناء الرؤية، ولقد ساهم التقارب بين الرياض وطهران من جهة، وبين الرياض وسوريا من جهة أخرى، في إظهار مدى شرود هذه الديماغوجية عن تعقيد الواقع الإقليمي، فكانت ديماغوجية تستهدف السلام الإقليمي والعالمي، وأفسدت الضمير والذّوق السياسي والثقافي.

وأكرّر بأنّ سوريا تحتاج إلى حلفائها في الميدان وإلى من طووا مرحلة من العدوان، ممن يملكون القدرة على المساهمة في إعادة الإعمار، وهي ليست في حاجة إلى “زغزغة” سماسرة الأزمات الذين يطلون برؤوسهم عند المنعطفات الحاسمة، أو كبنات آوى يتحلقّون حول الأسد في انتظار بقايا الصيد. وكان الأسد في نظر من هيّؤوا لهذا العدوان بمثابة طريدة “صيدة”، يا للمفارقة، متى كانت سحلية الحرذون تُطارد الأسود ؟؟؟

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


خفايا إعادة انتشار القوات الأمريكية غير الشرعية على الحدود السورية- العراقية
بقلم: علي اليوسف

لصين . بين الكوريتين تحدي ورفض للعدوان .
بقلم: سامي الجابري



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب ادريس هاني |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//