جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

العلاقات الدوليّة: مسارها وتطورّها بين رؤيتين. | بقلم: عدنان برجي
العلاقات الدوليّة: مسارها وتطورّها بين رؤيتين.



بقلم: عدنان برجي  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
08-06-2023 - 335

عرِف العالم المؤسّسة الدوليّة التي تُعنى بحل النزاعات الدوليّة، كما يُفترض، بعد الحرب العالميّة الأولى من خلال عصبة الأمم المتحدة التي أنشِئت بعد مؤتمر فرساي واستمرت من العام 1920 حتى العام 1946.

عصبة الأمم ضمت في مجلسها التنفيذي أربع دول بعضويّة دائمة هي: المملكة المتحدة (بريطانيا)، وفرنسا، وايطاليا، واليابان، وأربع دول غير دائمة العضويّة تُنتخب لمدة ثلاث سنوات، وهي بلجيكا والبرازيل واليونان واسبانيا. ولم تنضم الولايات المتحدة الأميركية الى العصبة لعدم موافقة الكونغرس على الانضمام.

بعد الحرب العالميّة الثانية عُقد مؤتمر سان فرنسيسكو بين 25 نيسان و24 حزيران بمشاركة الدول التي أعلنت الحرب على المانيا واليابان، ونتج عن هذا المؤتمر منظمة الأمم المتحدة التي بدأت عملها رسميًا في 24 تشرين الثاني 1945، وضم مجلس الأمن خمس دول دائمة العضوية هي الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة ( بريطانيا) والاتحاد السوفياتي والصين وفرنسا.( كانت الصين لا تزال تحت الاحتلال تناضل لنيل استقلالها الذي تحقق في العام 1949).

وجاء في ميثاق منظمة الأمم المتحدة انها تقوم على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها. وان يتم فض المنازعات الدولية بين جميع أعضاء المنظمة بالوسائل السلميّة على وجه لا يجعل السلم والأمن والعدل الدولي عرضة للخطر.

لكن خروقات عديدة شهدتها المنظمة ربما منذ لحظة اعلان قيامها، فهي استبدلت وجود جمهوريّة الصين الشعبية بجزيرة فورموزا " تايوان" بضغط من الولايات المتحدة الأميركية، التي تحتفظ بقواعد عسكرية لها هناك. كذلك كانت لها سقطة أخرى مدويّة حين أقرّت تقسيم فلسطين وسكتت عن الإحتلال الصهيوني لفلسطين بعد ارتكاب مجازر يندى لها الجبين.

لقد بقيت تايوان ممثِلّة للصين في مجلس الأمن حتى العام 1971 حين صدر القرار 2758 عن الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة بتاريخ 26/10/ 1971 الذي اعترف بالصين الشعبيّة بديلًا عن تايوان على الرغم من معارضة الولايات المتحدة الأميركية الشديدة لهذا القرار.

لقد أبقت الولايات المتحدة الأميركية الصين الشعبية خارج مظلّة الأمم المتحدة مدة 22 عامًا، وأصرّت على الاعتراف بحكومة شيانغ كاي شيك التايوانية على الرغم من حقيقة ان تايوان هي جزء من دولة الصين، وانه لا وجود لدولتين صينيّتين في العالم.

في 20 آب / اغسطس 1971 صدر بيان عن وزارة الشؤون الخارجيّة لجمهوريّة الصين الشعبيّة جاء فيه:" ان هناك "صين واحدة" فقط هي جمهورية الصين الشعبيّة. وأضافت ان "تايوان" هي جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينيّة، وهي مقاطعة صينيّة كانت قد أعيدت بالفعل الى الوطن الأم بعد الحرب العالميّة الثانية. وقال البيان بكل صراحة: ان الولايات المتحدة الأميركيّة تخطط لفصل تايوان عن الصين، وتحاول بشدة إجبار أعضاء الأمم المتحدة على الخضوع لإرادتها". ومن المفارقات الملفتة ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتهم الولايات المتحدة الأميركية في العام 2023، اثناء كتابة هذه السطور بسعيها الى تقسيم الاتحاد الروسي على أساس عرقي، والكل يعلم بمشروع برنارد لويس لتقسيم سبع دول عربيّة، فضلًا عن الحروب الأميركيّة في العالم والتي تفوق المئتي حرب، ومنها الإحتلال الأميركي للعراق وافغانستان وسرقة موارد الشعب السوري ودعم الحركات الانفصالية. فماذا فعلت منظمّة الأمم المتحدة حيال ذلك؟ وهل استطاعت ولو لمرة واحدة إجبار الكيان الإسرائيلي على تنفيذ قرارات مجلس الأمن او قرارات الجمعيّة العامة للأمم المتحدة؟.

مما تقدّم، ومما يمكن عرضه من مجلدات عن وقائع تاريخيّة، يثبت بشكل قاطع ان منظومة الأمم المتحدة وقبلها عصبة الأمم قامتا وفقًا لرغبات الدول المنتصرة في الحربين الأولى والثانية، واستُخدمتا سبيلًا ووسيلة لسيطرة الدول الغربيّة على الدول الأخرى، وليس لإرساء نظام عالمي عادل، يسعى الى حل النزاعات وفقًا لأحكام القانون الدولي.

ذلك يعني ان النظام العالمي الحالي محكوم بمنطق القوّة وليس بمنطق العدالة. والأمم المتحدة بالنسبة للشعوب الضعيفة هي حائط مبكى لا أكثر.


من هنا فإنه بعد مرور مئة عام ونيّف على قيام عصبة الأمم، وبعدها الأمم المتحدة، وفي ظل المتغيرّات الدوليّة المتسارعة، لا بد من نظرة جديدة لمسار العلاقات الدوليّة ولدور منظمة الأمم المتحدة، ووقف الكيل بمكيالين واستخدام هذه المنظمة لغايات تخدم منطق القوّي فقط. لقد كان لافتًا جدًا كلام الرئيس الصيني شي جين بينغ للرئيس الروسي بوتين في ختام زيارته الأخيرة:" اننا في الوقت الحالي نشهد تغييرًا لم نشهده منذ 100 عام، ونحن نقود هذا التغيير معًا".

ان ارهاصات التغيير بدأت قبل عقود فقد صارح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العالم في مؤتمر ميونيخ عام 2007. فهو اذ ذكّر بما قاله فرانكلين روزفلت في الأيام الأولى لنشوب الحرب العالمية الثانية:" اينما اُنتهك السلام، يبدو العالم كله في خطر وتحت التهديد"، فإنه حذّر من سياسة القطب الواحد الذي يعني في نهاية الأمر شيئًا واحدًا :" هو مركز واحد للسلطة، مركز واحد للقوة، ومركز واحد لاتخاذ القرار. انه عالم السيد الأوحد، وهو في نهاية الأمر مدمّر ليس فقط لأولئك الذين يوجدون في اطار هذا النظام، بل للسيد نفسه، لأنه يقوضه من الداخل". وللأسف فإن الغرور الأميركي منع الولايات المتحدة الأميركية من أخذ هذا الكلام على محمل الجدّ، فهي ذهبت بعيدًا في تهديد الأمن القومي للاتحاد الروسي من خلال تقوية التعصب النازي في أوكرانيا، والدفع بهذا البلد الى أتون حرب مدّمرة على الصعد كافّة. وهو ما تفعله مع جمهوريّة الصين الشعبيّة من خلال دعمها لتايوان وتشجيعها على استمرار الانفصال عن الدولة الأم.

الرئيس الصيني الحالي السيد شي جين بينغ قدّم رؤية متقدمة للعلاقات الدولية ولبناء مستقبل واعد للبشرية بعيدًا عن لغة الحروب والدمار والإستئثار بموارد الآخرين، وهو ينطلق في رؤيته من قناعة عميقة وتجربة غنيّة. فالشعب الصيني عانى طويلًا من الاستعمار، ودفع اثمانًا غالية لحريته، ولم يكن يومًا قوة استعماريّة ضد غيره الأقربين او الأبعدين.؟ فهل يمكن ان تسود مستقبلًا كي تعم العدالة والسلام بدل الظلم والحروب بين الدول والشعوب؟.

في عام 2013 طرح الرئيس شي رؤية لبناء مجتمع ذات مصير مشترك للبشريّة، اذ قال في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية:" ظهرت البشرية التي تعيش في نفس القرية العالميّة في نفس العصر الذي يلتقي فيه التاريخ والواقع بشكل متزايد، كمجتمع له مصير مشترك يكون فيه لكل فرد في نفسه القليل من الآخرين".

وفي الدورة السبعين للجمعيّة العامة للأمم المتحدة في العام 2015 دعا الرئيس شي العالم الى بناء نموذج جديد للعلاقات الدوليّة يتميز بالتعاون متبادل المنفعة وخلق مجتمع ذي المصي المشترك للبشرية. وفي العام 2017 جدد دعوته من مكتب الأمم المتحدة في جنيف الى " بناء عالم مفتوح وشامل ونظيف وجميل يسوده السلام الدائم والأمن المشترك والأزدهار المشترك".

وقد تمت كتابة رؤية الرئيس شي في دستور جمهوريّة الصين الشعبيّة ووثائق الآليات متعددة الأطراف، بما فيها الأمم المتحدة نفسها ومنظمة شنغهاي للتعاون.

وجدد دعوته في العام 2021 بمناسبة الذكرى الخمسين لاستعادة المقعد القانوني لجمهورية الصين الشعبية في الأمم المتحدة بقوله:"دعونا نتكاتف ونقف على الجانب الصحيح للتاريخ وجانب التقدم البشري، ونعمل بلا كلل للتنمية الدائمة والسلمية للعالم وبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية".


اذًا فإن العالم يتطلع الى قيام عالم متعدد الأقطاب لا بد ان تكون له مؤسّسات دوليّة ترعى المساواة في سيادة الدول بشكل فعلي، وتمنع اعتداء القوي على الضعيف، وتتجه للتعاون المشترك والشراكة في الرخاء بديلًا عن سياسة الحروب الاستعمارية التي تعرضت لها البشرية لحقبات طويلة من الزمن.

ان ذلك لا بد ان يحدث، فلا يعقل ان يكون العالم قرية واحدة جراء التقدم التكنولوجي والمعرفي وان يبقى ساحات صراع وحروب تغذيها شركات تصنيع الأسلحة التي تتحكم بالقيادات السياسية وعلى الأخص في الولايات المتحدة الأميركيّة

 

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


حكايتي مع سورية
بقلم: كتبت المستشرقة النمساوية / العربية ، العاشقة لسورية ، السيدة : Habemus Bonsai

ماذا بعد استهداف موسكو؟.. "حدث سوري كبير الى الواجهة"!
بقلم: ماجدة الحاج



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب عدنان برجي |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//