جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

استراتيجية "تبادُل الجبهات الاستنزافية" ضد "إسرائيل" | بقلم: حسن لافي
استراتيجية "تبادُل الجبهات الاستنزافية" ضد "إسرائيل"



بقلم: حسن لافي  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
06-07-2021 - 1126

تمرّ ذكرى حرب تموز/يوليو 2006 هذا العام في ضيافة معركة "سيف القدس"، التي شكّلت نقلة نوعية في تاريخ الصراع مع المشروع الصهيوني، من حيث قدرتها على الإعلان، على نحو حاسم وفعلي، عن "حلف القدس"؛ ذلك الحلف الذي يحمل على عاتقه مشروع التحرير، ودحر المشروع الصهيوــ أميركي في المنطقة.
إن هزيمة "إسرائيل" هي الهدفُ الاستراتيجي المركزي لـ"حلف القدس"، من خلال التغلُّب على قوتها، عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، بواسطة عملية استنزافية دائمة ومستمرة لها، من دون أن يكون لـ "إسرائيل" القدرة على إيقاف ذلك الاستنزاف. وهنا، تبرز أهمية الحديث عن التنسيق وتبادُل الأدوار بين كل جبهات المواجهة داخل "حلف القدس" (محور المقاومة) في مواجهة "إسرائيل"، كإحدى أهمّ الاستراتيجيات المستنزِفة للقوة الإسرائيلية الشاملة، وصولاً إلى هزيمتها الحاسمة، وهو الأمر الأقرب إلى استراتيجية "الحركة في الخطوط الداخلية"، والتي تتيح حشد القوة المركزية للمواجهة في الجبهة الأكثر ملاءَمةً، في التوقيت والظرف الموضوعيَّين، مع استمرار سائر الجبهات في الدفاع أو الهجوم المحدود، لكن مع القدرة على تبديل جبهات المواجهة المركزية، بحسب المصلحة العامة للحرب.
يُعتبر تبادل الأدوار بين حزب الله والمقاومة الفلسطينية، في السنوات التي تلت الانسحاب الإسرائيلي من جنوبي لبنان في أيار/مايو 2000، وما تلاه مباشَرة من اندلاع انتفاضة الأقصى الفلسطينية في الثامن والعشرين من أيلول/سبتمبر من العام ذاته، مثالاً يوضح قدرة استراتيجية "تبادل الجبهات الاستنزافية" على تحقيق الانتصارات التي تجلّت في حرب تموز/يوليو 2006.
اعتُبر مشهدُ اندحار جيش الاحتلال الإسرائيلي من لبنان أحدَ أسباب تزايد ثقة الشعب الفلسطيني بذاته وبقدرته على تفجير انتفاضة شعبية عسكرية، على امتداد الجغرافيا الفلسطينية في مواجهة الاحتلال، طوال ما يقارب خمس سنوات، بعد أن أيقن الفلسطينيون فشلَ أوهام التسوية مع المشروع الصهيوني، بحيث وصل عدد القتلى الإسرائيليين في الانتفاضة إلى 1069 قتيلاً.
وسجّل عام 2002 ذروة القتلى الإسرائيليين، بمعدل 22 قتيلاً شهرياً، بحسب تقديرات منظمة "بيت سيلم" الإسرائيلية. وشكّلت تلك الانتفاضة ساحة المواجهة الرئيسية لـ"جيش" الاحتلال، وخصوصاً بعد شنّه عملية "السور الواقي" التي أعاد من خلالها احتلال مناطق السلطة الفلسطينية، واصطدم بمقاومة فلسطينية لم يتوقّعها، على غرار معركة مخيم جنين البطولية، بالإضافة إلى حجم الانتقادات الدولية التي تعرّض لها نتاج همجيته ووحشيته ضد المدنيين الفلسطينيين، الأمر الذي جعل من القضية الفلسطينية محطَّ اهتمام الساسة الإسرائيليين طوال تلك الفترة.
خضع حزب الله لتغيير جوهري في السنوات الستّ التي تلت الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، ورافقت اندلاع الانتفاضة، بحيث بدأ الاستعداد، بصورة مكثَّفة، لمواجهة احتمال غزو إسرائيلي آخر للبنان، مع استمراره في إرساء قواعد موازين ردع مع "إسرائيل"، سواء من خلال الاحتكاك المنضبط مع "جيش" احتلالها عند الحدود، من خلال مهاجمة حزب الله، بطريقة أصبحت روتينية، للمواقع العسكرية الإسرائيلية في القطاع الشمالي للحدود بصورة أساسية، أو من خلال الدعم اللوجستي المتواصل للمقاومة الفلسطينية في أثناء انتفاضة الأقصى، ناهيك بمعركة الجهوزية الأكثر أهمية استراتيجية في موازين الصراع بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي، بحيث أضاف حزب الله أكثر من 100 كيلومتر من الأنفاق والتحصينات، و12000 من الصواريخ، التي يغطي مداها شمالي فلسطين المحتلة بأكمله، بما في ذلك الخضيرة وربما غوش دان، ناهيك بترسانة من الأسلحة المضادة للدبابات والطائرات وأنظمة القيادة والسيطرة. وفي الوقت نفسه، عمل حزب الله، بجِدّ، على تأسيس هيكله التنظيمي، وتدريب وحداته، وتوسيع انتشاره البري وبنيته التحتية التشغيلية، وتعميقهما في جنوبي لبنان وسهل البقاع ومنطقة بيروت.
أدّى تركيز المؤسستين العسكرية والسياسية في "إسرائيل" على الجبهة الفلسطينية، من أجل مواجهة انتفاضة الأقصى، إلى انتهاج سياسة الاحتواء الإسرائيلية تجاه حزب الله في الجبهة اللبنانية، كما عبّر عن ذلك صراحة الباحث في جامعة تل أبيب عومر دوستري، إذ قال "إن اندلاع الانتفاضة الثانية في أيلول/سبتمبر 2000، أدّى إلى تعزيز سياسة الاحتواء، بسبب تطلّع إسرائيل إلى تجنّب فتح جبهة مواجهة ثانية، ورغبتها في التركيز على محاربة المقاومة الفلسطينية، من دون الغرق مرة أُخرى في المستنقع اللبناني". ونتيجة لذلك، يؤكد دوستري أن "إسرائيل" انتهجت سياسة احتواء حزب الله، و"امتنعت عن ردود الفعل التي يمكن أن تؤدي إلى تصعيد في الجبهة اللبنانية".
تُثبت التجربة أن استراتيجية "تبادُل الجبهات الاستنزافية" تساعد "حلف القدس" على إتمام عملية جهوزية جبهاته على نحو دائم، لكن من خلال فعل تراكميّ، بحيث تمنح هذه الاستراتيجية كلَّ الجبهات داخل هذا "الحلف" الوقتَ اللازم لترتيب جهوزيتها وتطويرها، من خلال تخفيف الضغط العسكري الإسرائيلي عنها، في الوقت ذاته الذي تستنزف جبهةٌ أخرى من "حلف القدس" العدوَّ الإسرائيلي، الأمر الذي يؤدي إلى:
أولاً، التشتيت الدائم لـ "إسرائيل"، وإفقادها القدرة على تشكيل استراتيجية ثابتة وواضحة تجاه أيّ جبهة من جبهات "حلف القدس". واختلاف ظروف جبهات "حلف القدس"، جغرافياً وسياسياً، وحتى دولياً، يجعل، على نحو مؤكَّد، إنتاجَ استراتيجية إسرائيلية واحدة تجاه كل جبهات هذا "الحلف" أمراً قي غاية التعقيد، وخصوصاً في ظلّ مشهد سياسي إسرائيلي مضطرب. وبذلك، تفقد "إسرائيل" الاستراتيجية، وتبقى في مربَّع التكتيك الذي لا يمكن أن يحقق لها انتصاراً في حربها ضد "حلف القدس".
ثانياً، سلب زمام المبادرة من "إسرائيل" من خلال إجبارها دوماً على الذهاب إلى مواجهة في الجبهة التي يحدِّدها "حلف القدس"، من خلال تثوير تلك الجبهة في عملية تنسيقية تكاملية بين كل جبهات الحلف. وبالتالي، يتحكّم "حلف القدس" في إيقاع الصراع، والأهم القدرة على تحديد الجبهات المراد لها أن تكون هادئة، أو تلك التي يسعى لاستكمال عمليتَي البناء والجهوزية فيها، تحت وطأة عدم قدرة "إسرائيل" على خوض حرب في كل الجبهات، في آن واحد، حتى يأتي الوقت الذي تستأنف فيه تلك الجبهة دورها في مواجهة الاحتلال، وصولاً إلى اللحظة التي تصبح فيها كل جبهات "حلف القدس" جاهزة لخوض معركة التحرير الكبرى ضد الاحتلال الإسرائيلي.
ثالثاً، إبقاء "إسرائيل" في حرب دائمة، حتى مع اختلاف جبهات المواجهة لها. وبالتالي، يزداد الضغط على المشروع الصهيوني بأكمله، في كل المستويات، بحيث إن لكل جبهة من جبهات "حلف القدس" قيمة مضافة أكثر من غيرها، بالنسبة إلى مستوى الاستنزاف الممارَس ضد "إسرائيل" أو نوعه. وبالتالي، فإنّ تعدُّد مستويات الاستنزاف وتنوُّعَ أشكاله يصبّان في مصلحة انتصار "حلف القدس" في حربه الشاملة ضد المشروع الصهيوني.

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


الرّوس على خطّ المواجهة.. "إسرائيل تتحضّر لانهيار لبنان"!
بقلم: ماجدة الحاج

أسس ومنطلقات حماية الانتصار: الوحدة والانفتاح
بقلم: الدكتور معين الرفاعي (أبو عماد)



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب حسن لافي |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//