جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

سقوط البيدق | بقلم: الدكتور بسام أبو عبد الله
سقوط البيدق



بقلم: الدكتور بسام أبو عبد الله  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
13-04-2021 - 1106

بين شباط 2004 وشباط 2008 أطلق الرئيس التركي رجب طيب اردوغان 32 تصريحاً موثقاً حول شراكته، أو الأصح دوره الموكل له بموجب مشروع الشرق الأوسط الكبير، ولاحقاً الجديد، ولم يكن يُخفي هذا الدور المنوط به، وبناءً عليه دعمته الولايات المتحدة الأميركية للوصول للسلطة لتنفيذ هذا المشروع، وقبيل وصوله للسلطة أزالت له واشنطن ثلاث عقبات أساسية، وهي: رئيس الوزراء التركي السابق بولنت أجاويد الذي كان يقود حكومة ائتلافية، وزعيم الإسلام السياسي التركي وأستاذهم نجم الدين أربكان، وقيادات عسكرية تركية.
الحقيقة أن العقبات الثلاث السابقة، كانت ترى أن أحداث نيويورك 11 أيلول 2001، واحتلال أفغانستان، ثم إرهاصات احتلال العراق 2003، تهدف لتقسيم المنطقة إلى دويلات إثنية وطائفية، وأن هذا التقسيم سينعكس على تركيا على مبدأ أحجار الدومينو، وبدلاً من أن تواجه تركيا مع دول المنطقة وشعوبها هذا المشروع الخطير، قبلت قيادات حزب العدالة والتنمية الذي وصل للسلطة في تركيا عام 2002 أن تنخرط في المشروع الأميركي، ووقع عبد الله غُل وزير الخارجية آنذاك مع كولن باول مذكرة مشتركة في البحرين عام 2004.
رئيس الوزراء التركي الأسبق نجم الدين أربكان، حسب الخبراء في الشأن التركي، رفض الانخراط في المشروع عندما عُرض عليه على الرغم من أنه «أبو الإسلام السياسي التركي»، وكان له نفوذ داخل الأوساط الإخوانية العربية والعالمية، ولكنه كان يؤمن بتحالف الدول الإسلامية الثماني، ولذلك عندما انشق عنه تلامذته: أردوغان، عبد الله غُل، بولنت أرنيتش، وأسسوا حزب العدالة والتنمية، وقبلوا الانخراط في المشروع الأميركي، قال عنهم أربكان: «إنهم الأبناء المدللون للصهيونية»، والحقيقة أن الرجل لم يخطئ في تقييمه.
مقابل انخراط حزب العدالة والتنمية في المشروع الأميركي الغربي وتنفيذ المهام المنوطة به، سيحصل بالمقابل على:
• دعم سياسي غربي، ودعم اقتصادي خليجي وأوروبي.
• إقامة نظام فيدرالي سوف يضم ما يسمى «كردستان العراق»، وشمال سورية، وبالتالي تركيا لن تقسم، وستصبح قوة إقليمية كبرى.
• ستقام الدويلات الكردية الجديدة تحت حماية ودعم تركيا وسيسمح لتركيا إقامة قواعد عسكرية شمال العراق، وشمال سورية كـ«مناطق محمية».
• ستتحول تركيا إلى محور مركزي لكل البلدان التي ستحكمها أحزاب شبيهة بحزب أردوغان وهي: سورية، تونس، المغرب، مصر، اليمن… الخ.
انطلاقاً من هذا التصور المشترك سارت الأمور على ما يرام في تونس حيث وصلت حركة النهضة الإخوانية بزعامة راشد الغنوشي، وفي المغرب بترتيب ملكي نشأ حزب العدالة والتنمية بزعامة سعد الدين العثماني، وفي مصر تسلم الرئاسة محمد مرسي، واحتضنت اسطنبول جماعة الإخوان المسلمين في سورية بزعامة علي صدر الدين البيانوني، وشكلت لهم منصة للعمل العسكري الإرهابي والإعلامي والاستخباري، وكانت هناك غرفة عمليات تقودها أميركا على الحدود المشتركة السورية التركية لإدارة الحرب الفاشية على سورية.
مقابل إيصال الإخونجية للسلطة في البلدان العربية عبر ما سمي «الربيع العربي»، كان المطلوب من هؤلاء قضايا ثلاث أساسية:
• أمن كيان الاحتلال.
• ربط اقتصادات بلدانهم بالمنظومة الأميركية.
• طرد روسيا والصين وإيران من المنطقة.
إن أي متابع موضوعي لهذه المطالب الثلاثة سيجد ما يلي:
• مرسي كتب رسالة لرئيس إسرائيل شمعون بيريز، وأعلن الجهاد على سورية.
• الغنوشي حاول تمرير التطبيع ببطء، لكن مقاومة شرفاء تونس فضحت دوره.
• الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الوزراء المغربي سعد الدين العثماني وقع اتفاق التطبيع مع كيان الاحتلال بيمناه، على الرغم من أنه كان يتاجر بقضية فلسطين.
• إخوان سورية تعروا تماماً، وقدموا أوراق اعتمادهم قبل أن يحصلوا على بلدية في سورية.
أما معلمهم أردوغان على الرغم من خطاباته النارية ضد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، وقبله شمعون بيريز، وكيان الاحتلال، وبيع شعارات النضال من أجل غزة وفلسطين، لكن التعاون الأمني والاستخباري ازداد، والطائرات المسيرة التركية محركها إسرائيلي، والتبادل التجاري ازداد إلى 6 و7 مليارات دولار، والسفارات قائمة، والسياح يتجولون في كل المدن التركية.
الآن وحدها سورية المقاومة بقيادة الرئيس بشار الأسد هي التي هزّت هذا المشروع، وأسقطته لا بل عرّته، وخاصة أن صمود السوريين شعباً وجيشاً وقيادة، هو الذي زاد نسب السكّر والأدرينالين، وأمراض الغدة لدى أردوغان، وجعله يصاب بحالات عصبية، وتوتر شديد، وكره بالغ للرئيس الأسد، وجعله يصاب بـ«عقدة الأسد» لسبب واحد أن فشل أردوغان سيجعله يدفع الثمن، وهو ما يحصل الآن، ذلك أن فشل البيدق في مهمته سيعني حكماً الإطاحة به، والإتيان بواجهات جديدة تساعد في إنجاز المشروع.
تعرض أردوغان لأول هزة في تموز 2016، عبر محاولة الانقلاب، وهي محاولة أميركية شاركت بها أطراف إقليمية، وأدت لحالة العداء الشديد مع حليفه السابق فتح الله غولن، كما أدت لتصفية الآلاف من جماعة غولن، وإلى التحول لنظام سلطوي، وخوف شديد، وتبع ذلك العمل على هزّ الاقتصاد والليرة التركية، لأنه أساساً اقتصاد هش، قام على أساس الخصخصة واقتصاد الخدمات، والذي لا يملك الأتراك فيه شيئاً، ولذلك يطرح السؤال التالي على فقهاء معجزة الاقتصاد التركي: لماذا تنهار الليرة التركية الآن وليس لدى أردوغان إرهاب ولا حصار ولا عقوبات ولا دول جوار تتآمر عليه، وأوروبا مفتوحة…إلخ؟
الحقيقة أن الرجل انتهى دوره، وبايدن وعد بإسقاطه ديمقراطياً كما قال، والبدء كان بهز الاقتصاد الذي شكّل ورقة التوت التي تخفي أسرار نظام الإخونجية وعوراته الكثيرة، ومركز الثقل الذي لطالما تفاخر به أردوغان، لكن الإشكالية الأخرى أن المعارضة التركية بدلاً من أن تكون وطنية تحولت إلى متسول على أبواب البيت الأبيض، وتحولت التحالفات القديمة لأردوغان إلى تحالفات جديدة لحزب الشعب الجمهوري بزعامة كمال كليتشدار أوغلو الذي أصبح حليفاً لـ«فتح الله غولن» شريك أردوغان القديم، وحليفاً لحزب الشعوب الديمقراطي، الواجهة السياسية لحزب العمال الكردستاني، وحليفاً لـ«داوود أوغلو»، وعلي بابا جان إخوة أردوغان الأعداء… إذاً:
بديل أردوغان الذي يتم تحضيره ليس وطنياً تركياً على الرغم من التصريحات التي تهاجم أردوغان، والتي قد تـثـلج صدور البعض لدينا، لكن: علينا الحذر كثيراً.
أردوغان استخدم في المشروع الكبير، وانتهى دوره كما يبدو على الرغم من رسائله لـ«بايدن» عبر «بلومبيرغ» ولكن ذلك لم يجد نفعاً، وواضح تماماً أنه خائف من سياسة بايدن، وهذا سيدفعه إلى «عقلنة سياسته الخارجية»، وهو ما نراه تجاه مصر، والأهم أننا قد نراه تجاه سورية في المستقبل القريب، لأن مشروعه فشل، ولا خيارات أمام تركيا سوى العودة إلى إعادة ترتيب ملفاتها الخارجية، وما يجب أن يفهمه أردوغان: أنه لا أمن ولا استقرار في ظل الاحتلال، وأن الأمن القومي للدول لا يصنع على حساب مآسي تلحق بشعوب ودول الجوار، ولا عبر قطع المياه، وتربية الضباع والمرتزقة على الحدود المشتركة، وإنما عبر التعاون والتنمية والاستقرار لتركيا وجوارها.
وإذا كان البيدق أردوغان قد سقط، فهل هناك أردوغان آخر مضطر للذهاب بهذه الخيارات التي تحدثت عنها، الحقيقة أنه مجبر ومضطر ولو كان مكرهاً.
لننتظر ونر، لكن البيدق سقط، أما إذا كان التفكير وطنياً لديه، فلا أعتقد أن أحداً سيعارض ذلك، الأهم: أن زمن الاحتلال والعثمانية الجديدة، والعنتريات قد ولّى، وما على أردوغان سوى النزول عن الشجرة قبل أن يُسحب السلم، باختصار: المقاومة العربية السورية بقيادة الرئيس الأسد أسقطت البيدق.
وما عليه سوى طرق أبواب دمشق، فهل تستجيب!

 

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


الإعلام و ألعاب ما بعد الحداثة قناة الجزيرة نموذجاً
بقلم: طارق شفيق حقي

بين أزمة الأحزاب الإسرائيلية وتآكل مشروعها.
بقلم: تحسين الحلبي



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب الدكتور بسام أبو عبد الله |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//