جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

مصر تتحدث عن نفسها فى معركة التطبيع | بقلم: عبدالله السناوى
مصر تتحدث عن نفسها فى معركة التطبيع



بقلم: عبدالله السناوى  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
29-11-2020 - 1069

لا يلخّص القضية ذلك الممثّل المتفلّت بتصرفاته ونوع الفن الذي يقدّمه، ولا هو بذاته موضوع أيّة معركة كبرى في لحظة حرجة من انقلابات السياسة في إقليم مشتعل بالنيران والمخاوف. في لحظةٍ، تصوَّر أنّه بثقل شعبية يتوهّمها يمكنه أن يكسر جدران مقاومة التطبيع التي شُيّدت شعبياً على مدى أكثر من أربعين عاماً، منذ معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية (1979).

سافر بطائرة خاصة أُرسلت إليه من دبي، ليشارك في افتتاح فرع لشركة إماراتية في تل أبيب، رقص على أنغام أغنية «هافانا نجيلا» للمطرب الإسرائيلي عمير أدام، احتضنه سعيداً، بُثّت الصور على أوسع نطاق ممكن، وانقلبت الدنيا على رأسه في بلده مصر.
بضغط هائل من رأي عام غاضب على ما جرى في دبي من انتهاك للمحرّمات المصرية، أُلغي مسلسل رمضاني يقوم ببطولته، وأوقفت شركة اتصالات شهيرة بثّ إعلانٍ جديدٍ قام بتصويره خشية أن تتضرّر مصالحها، كما قرّر اتحاد النقابات الفنية وقفه عن العمل لحين التحقيق معه، وأصدرت نقابة الصحافيين بياناً دعت فيه إلى منع نشر اسمه وصوره في الجرائد محذّرة من أنّ أيّ اختراق للتطبيع سوف يخضع للمساءلة النقابية.
كانت تلك ردّة فعل غاضبة على رسائل الصور التي التُقطت في حفل دبي واحتفت بها إسرائيل، كما لم يحدث من قبل. لم تكن تلك مقدّمة سلام دافئ مع أكبر دولة عربية، بعد أربعة عقود وُصفت بـ«السلام البارد». العكس تماماً هو الذي حدث، وتحوّل الممثل المتفلّت إلى أمثولة حتى لا يجرؤ أحد آخر على اتّباع الفعل نفسه. بدت الصدمة الإسرائيلية مروّعة، أعادوا اكتشاف قدر الكراهية المصرية لعنصريّتها المتأصّلة واستهتارها بكلّ ما هو إنسانيّ وعادل في القضية الفلسطينية.
الرسالة وصلت إلى الإقليم كلّه: رفضُ التطبيع قرار شعبيّ نهائيّ في مصر، لا سبيل إلى تجاوزه والتحايل عليه، أو القفز فوق محظوراته بادّعاء أنّ الدنيا تغيّرت، وأنّ اللغة القديمة لا تصلح مع العوالم الجديدة التي تؤذن بـ«الحقبة الإسرائيلية».
أيّة معركة تكتسب خطورتها من سياق حوادثها وقدر تحدّياتها وآثارها على حركة المستقبل. بالنظر إلى السياق الذي جرت فيه واقعة دبي التي دوّت في القاهرة، فإنّنا أمام مفترق طرق وسياسات وتحالفات أخطر من أن تُنسب لممثل متفلّت لا يعرف تاريخ بلده، ولا حقيقة ما يجري حوله ويهدّد مصيره لحقبٍ طويلة مقبلة.
هناك - أولاً - هرولة للتطبيع مع إسرائيل، من دون قيد أو سقف، والدولة الخليجية الأكبر السعودية على وشك أن تتّخذ الخطوة نفسها. رغم النفي الرسمي أن يكون هناك لقاء قد جرى في مدينة «نيوم» على ساحل البحر الأحمر، بين وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بمشاركة ورعاية وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، إلّا أنّ الإسرائيليين أكّدوا الواقعة.
من حيث التوقيت، فإنّ اللقاء يعبّر عن قلقٍ سعودي من إعادة فتح ملف مقتل جمال خاشقجي، بعد أن تتولّى إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، السلطة يوم 20 كانون الثاني/ يناير المقبل. إعادة فتح ملف خاشقجي، يؤثّر بالضرورة على فرص وليّ العهد بتولّي السلطة، بعد والده الملك سلمان بن عبد العزيز.
هكذا، تجد الرياض نفسها محشورة في زاوية ضيّقة: إذا اعترفت بإسرائيل بداعي حفظ العرش، فإنّ ما قد يحدث تالياً يصعب توقّعه أو تجنّب مخاطره؛ وإذا امتنعت انتظاراً لتولّي الإدارة الجديدة السلطة في الولايات المتحدة، فإنّه يصعب رفع السكّين عن رقبتها. في الاحتمالين، إشارات إلى أوضاع قلقة في الخليج وخرائط سياسية مختلفة وأحلاف استراتيجية محتملة، تنال من مصر وأمنها القومي بفداحة.
هناك - ثانياً - إقدام السلطة الفلسطينية على إعادة التنسيق الأمني مع إسرائيل، بصورة مفاجئة قبل أن يدخل بايدن إلى البيت الأبيض. وهو تخاذل في توقيت حرج، حرّضت عليه قوى عربية عديدة، تردّد أنّ السعودية على رأسها، تمهيداً لإقدامٍ محتمل على عقد اتفاقية تطبيع جديدة مع إسرائيل، حتى يمكنها أن تقول: «لسنا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين».
وهناك - ثالثاً - أجواء تصعيد ضد إيران «العدو البديل»، تلوح بعمل عسكري أميركي ضدّها قبل انتهاء ولاية ترامب. التلويح لا يعني أنّ الحرب سوف تحدث، فهناك قيود عديدة تمنع هذا الاحتمال، لكنّه قد يكون مقصوداً به ابتزاز الإدارة المقبلة حتى لا تعيد الاتفاقية النووية إلى الحياة مرة أخرى.
إذا ما تغيّرت بالتطبيع المعادلات والحسابات في الإقليم، فإنّ الضرر الأكبر سوف يقع على مصر، يضرب في صلب أمنها القومي ويهمّش أدوارها إلى حدود الإلغاء، أو الإعدام الاستراتيجي.
هكذا اكتسبت معركة التطبيع الأخيرة أهمّيتها ورسائلها التي تتجاوز أشخاصها المباشرين إلى أسئلة المستقبل والمصير، أن تكون أو لا تكون. باتّساع النظرة إلى الملفّات الملغّمة التي تعترض مصر، فإنها مستهدفة في أمنها المائي، وإسرائيل حاضرة في الملف بالتحريض، ومستهدفة في سلامة حدودها، وإسرائيل متأهّبة على حدودها بأفضل ما لديها من نخب عسكرية وأكثر من نصف قواتها المسلّحة، ومستهدفة في مستقبلها الاقتصادي، وإسرائيل جاهزة بمشروعات تعمل على تهميش قناة السويس، وأن تكون هي مركز القيادة الذي يحدّد الحصص والأنصبة حسبما يرى ويقرّر.
بحسّه التاريخي، يدرك الشعب المصري أين مواطن الخطر، وأنّ إسرائيل ليست صديقاً. استُدعيت على شبكة التواصل الاجتماعي صورٌ تقادمت عليها السنين من السجلّات العسكرية تحت عنوان شبه متكرّر: «هكذا يطبّع الرجال؟»، ضمّت إلى رجال القوات المسلّحة أسرى إسرائيليين في حرب 1973، واستُدعيت من السجلّات العائلية صورٌ لآباء وأبناء استشهدوا في ملاحم القتال. إحياء الذاكرة الوطنية صلب قضية مقاومة التطبيع. إذا مُحيت الذاكرة تخسر مصر كلّ شيء، فلا معنى لحرب خاضتها، ولا قيمة لتضحية بذلتها.
لماذا حاربنا؟ «حاربت مصر من أجل نفسها قبل أيّ اعتبار آخر»، كما كتب بخط يده الضابط الشاب جمال عبد الناصر في حرب 1948، على دفتر مذكّرات شخصية. في كلّ الحروب التالية (1956، 1967، 1973)، تصدّرت الوطنية المصرية مشاهد النار والتضحية، بذلت وضحّت، انتكست وصحّحت، من دون أن يفقد شعبها بوصلته في أي وقت، وهي أنّ التطبيع عار وخيانة.
بقوة الرفض الشعبي، أُزيحت أغنية «هافا نجيلا» الإسرائيلية عن المشهد، واستعادت مصر صوتها القديم، كأنّها تتحدّث عن نفسها، تاريخاً ودوراً، رغم كلّ ما جرى ويجري لها ومن حولها. «أنا إن قدر الإله مماتي لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي»، كما أنشدت سيدة الغناء العربي أم كلثوم ذات يومٍ بعيد، من كلمات الشاعر الكبير حافظ إبراهيم.
إذا ما قالت مصر لا، إذا ما ارتفعت إلى مستوى قامتها التاريخية، فإنّ روح المقاومة والرفض سوف تتمدّد إلى الإقليم كلّه، تنقضي تحالفات وتسقط ادعاءات، ويرفع الشرق رأسه من جديد.

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


الجريمة واللاعقاب .. عين اسرائيل يجب أن تقلع
بقلم: بقلم نارام سرجون

اليوم العالمي للغة العربية
بقلم: الشيخ غريب‌ رضا



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب عبدالله السناوى |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//