جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

في حال العرب وفلسطين | بقلم: معين الطاهر
في حال العرب وفلسطين



بقلم: معين الطاهر  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
19-03-2020 - 1128

لا يمكن أن يثأر الجيل المقبل ما لم نؤدِّ نحن واجبنا، ما لم نترك له مراتب من الشرف والكرامة والبطولات. إنني أؤكد لكم، أنه إذا تم الأمر ولم نقاومه، ولم نخرج من المعركة جرحى أو مقتولين قتلًا ونضالًا، وقد سلِم شرفنا، فإنّ المقاومة سوف تضمحل تدريجًا، وسنرى دعوة للاعتراف بدولة إسرائيل تروَّج بين الناس، وسوف نرى بعض الدول العربية تقرّر أنّ مصلحتها في التبادل الاقتصادي مع إسرائيل، وفي الاعتراف بها. وسوف تصرّ إسرائيل على عدم التعويض للاجئين عن أراضيهم وأملاكهم".
لم يقل أحد هذا الكلام حديثًا، قبل صفقة الرئيس الأميركي، ترامب، أو بعدها، أو بعد مفاوضات أوسلو أو خلالها، أو ردًا على هرولة بعض الأنظمة العربية إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني والاعتراف به، وإقامة حلف أمني وعسكري معه، لكنّ المناضل والمؤرخ الفلسطيني، والسياسي القومي العربي، والوزير الأردني، أكرم زعيتر، قاله حين ذهب، مع رفاقٍ له من مؤسسي حزب الاستقلال، منهم عوني عبدالهادي، وصبحي الخضرا، وواصف كمال، قبل أكثر من سبعين عامًا، في 23 يناير/ كانون الثاني 1949، للقاء جميل المدفعي الذي ترأس الوزارة في العراق مرات عدة، وإسماعيل صفوت، القائد العسكري العراقي، خلال زيارتهم دمشق، قبل أن يبرد رماد نيران الحرب في فلسطين.
يبرّر المدفعي وصفوت العجز العربي بضعف "الممكنات" العربية (وهذا تعبير زعيتر)، أمام
"يوميات أكرم زعيتر (1949-1965) ستصدر قريبًا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بعنوان "آمال الوحدة وآلام الانقسام""
الممكنات الصهيونية، وعدم قدرة الجيش العراقي على البقاء، نظرًا إلى طول خطوط إمداده (1600 كلم)، فيردّ عوني عبدالهادي: "ننسحب، ولكن يظل العراق في حالة حرب. المهم أن يشعر العرب أنّ القضية الفلسطينية قضيتهم القُطرية، فيشعر العراقي ويعمل باعتبارها عراقية". ليؤكّد المدفعي وصفوت: "هذا الواقع"، فيقول أكرم زعيتر: "أريد أن أسأل هذا السؤال: لنفرض أنّ تركيا قررت غزو العراق، والاستيلاء على بغداد، فماذا يكون موقفكم، وأنتم تعلمون أنّ الجيش التركي أقوى من الجيش العراقي بمراحل؟". فأجابوا: "نحارب حتى النَفَس الأخير، رغم ضعفنا". قال أكرم: "ولكن لم تفعلوا هذا بالنسبة إلى فلسطين. المؤسف المؤلم الخطر أننا لم نقم بواجبنا في المعركة. المؤلم، يا سيدي، أننا لم نُجْرَحْ في المعركة، إنما الذي جُرِح هو شرفنا وكرامتنا. أفهم أن نحارب حتى نُغلب، ولكن لا أفهم، أن ننهزم وأن نتخاذل".
هذا غيض من فيض يوميات أكرم زعيتر 1949-1965 التي ستصدر قريبًا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بعنوان "آمال الوحدة وآلام الانقسام". تلك الآمال بالوحدة بين أي قطرين عربيين، والتي سعى جيل كامل إلى تحقيقها، مصحوبة بمرارة الانقسامات العربية التي حالت دونها خلال تلك الأعوام.
تثير النصوص السابقة أسئلة عدة لم يجد معظمها إجاباته، على الرغم من طول المدة. وتحيلنا إلى واقع اللهاث الرسمي لبعض الأنظمة (أو أغلبيتها) للتطبيع مع إسرائيل. وتمدّنا بإجابة تفسيرية واضحة، فإنه "إذا ما تم الأمر، ولم نقاومه ... فإنّ المقاومة سوف تضمحل تدريجًا، وسنرى دعوة للاعتراف بدولة إسرائيل تروَّج بين الناس...". ولعل ذلك يفسّر أيضًا سبب عدم ظهور مثل هذه الدعوات في زمن المقاومة، ويوضّح الطريق للقضاء على موجات التطبيع بالعودة إلى اعتبار الصراع مع العدو حلقة مركزية للنضال الفلسطيني والعربي في آن واحد، وفي قلب مشروع حركة التحرر الوطني العربية.
سؤال آخر يثيره النص بشأن مدى مسؤولية الدول العربية في القضية الفلسطينية، يحمل في داخله سؤالًا ثالثًا يتعلق بالمسؤولية الفلسطينية أيضًا، ويدور حول التصريحات التي تصدر بين حين وآخر، وتجد مبرّرها في التطبيع بسيرها على الدرب الذي اختارته قيادات فلسطينية حين
"تثير نصوص الكتاب أسئلة عدة لم يجد معظمها إجاباته، على الرغم من طول المدة"
اعترفت بالعدو، وأسست لعلاقات اقتصادية وأمنية معه، مدّعية أنّ أهل مكّة أدرى بشعابها، وإذا كان رب البيت بالدفّ ضاربًا فلا غبار على أهل البيت في ما يفعلونه.
بداية الإجابة هنا في سؤال أكرم زعيتر الاستنكاري عما كان سيفعله العراق (في ذلك الزمان) لو تعرّض لهجوم تركي، على الرغم من الفرق في ميزان القوى. وإجابة المدفعي وصفوت بالنيابة عن النظام العربي كله تُظهر بوضوح كامل أنّ هذه الأنظمة العربية القُطرية لم تعتبر يومًا أنّ فلسطين جزء محتل منها، وأنّ عليها واجب تحريرها، كما لو كان جزء من هذا القطر أو ذاك محتلًا، على الرغم من استغلال تلك الأنظمة للقضية الفلسطينية في صراعاتها ضمن المحاور العربية، حين تتبنّاها لتتهم خصومها بالتخلي عنها، أو لتقمع أي إصلاح أو تغيير في أقطارها، بدعوى أولوية القضية الفلسطينية.
نعم هنالك تراجع في الموقف الفلسطيني يمتد منذ عام 1974 (البرنامج المرحلي لمنظمة التحرير)، وحتى ما بعد اتفاق أوسلو وإقامة سلطة الحكم الذاتي المحدود، ولكنّ الموقف العربي لم يكن بريئًا تمامًا من تلك النتيجة. صحيحٌ أنّ ما يردّده القادة العرب هو "نقبل بما يقبله الفلسطينيون"، ولكنّ السؤال هو عن حجم الضغوط التي مارستها الأنظمة العربية على الفلسطينيين للقبول بهذه التنازلات، ومن ثم تحميلها للطرف الفلسطيني. إضافة إلى ما يحمله هذا الموقف من تخلٍ عن مسؤولياتهم القومية، واعتبار الموضوع الفلسطيني أمرًا يخصّ الفلسطينيين وحدهم، وأنّ المشروع الصهيوني في بلادنا لا يهدّد الوطن العربي كله. ولأنّ الأمور متشابكة ومترابطة، فإنّ شعار القرار الفلسطيني المستقل الذي كان صحيحًا في بدايته، وهدف إلى إبعاد القضية الفلسطينية عن دائرة الصراعات العربية، استُخدم لاحقًا لتبرير انخراط القيادة الفلسطينية في عملية التسوية.
إذا كان "نقبل بما يقبل به الفلسطينيون" كلام حق يُراد به باطل، لتسويغ الالتحاق بمشروع
"على الفلسطينيين نزع الفتيل من أيدي المنساقين مع المشروع الصهيوني، بموقف حازم في رفضهم المشروع الصهيوني"
ترامب - نتنياهو، وتبرير الاعتراف بالعدو والتطبيع معه، فإنّ ثمّة واجبًا على الفلسطينيين المبادرة إليه لنزع الفتيل من أيدي المنساقين مع المشروع الصهيوني، ويتلخص في موقف واضح وحازم وراسخ في رفضهم المشروع الصهيوني، والرواية التاريخية الصهيونية، وما تعرف بصفقة القرن، وأخيرًا تمسكهم بثوابتهم الوطنية.
عودة الموقف الفلسطيني إلى جذوره، وتمسّكه بتحرير أرضه كاملة، وإلغاء جميع التنازلات التي قُدّمت عبر مسار التسوية، كفيلة بسحب المبرّرات التي تُستخدم للتطبيع مع العدو، وهو ما من شأنه أن يعزل بعض العرب والفلسطينيين الذين يسيرون بهذا الاتجاه، ويعيد إلى القضية الفلسطينية وهجها كقضية مركزية للأمة العربية، يكون الفلسطينيون فيها رأس الرمح العربي الشعبي في مواجهة المشروع الصهيوني.

 

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


معاملة الأسرى في النزاعات الدولية والداخلية
بقلم: عبد الكريم الداحول

مخاطر عدم الارتكاز على الحقوق القانونية على مصالح مصر المائية على المدى البعيد
بقلم: الدكتور عبدالله الاشعل



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب معين الطاهر |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//