جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

في العلاقة بين اللغة والأمة | بقلم: الدكتور يوسف مكي
في العلاقة بين اللغة والأمة



بقلم: الدكتور يوسف مكي  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
13-02-2020 - 1141

ارتبط المفهوم المعاصر للأمة، بتطور العلاقة بين أدوات وقوى الإنتاج في أوروبا. وكان نشوء الدولة القومية، قد ارتبط بهذا التطور. لكن العنصر الاقتصادي لم يكن العامل الوحيد في تأسيس الدولة القومية. ولو كان الأمر كذلك، لما تشكلت الدول الأوروبية الحديثة، في معظم الحالات، على مقاس لغاتها، التي كانت في الأصل لهجات انبثقت من اللغة الأم، اللغة اللاتينية.

في علاقة اللغة بتشكل الأمة، اقتبس معظم مفكري الحركة القومية العربية، وعلى رأسهم ساطع الحصري، نظرتهم إلى الحركة القومية، من التراث الأوروبي، واعتمدوا اللغة كعنصر حاسم في تشكل الأمة العربية. وفي يقيننا، أن سبب ذلك لا يعود فقط إلى التأثر بالفكر السياسي الأوروبي المعاصر، بل أيضاً بالموروث العربي، حيث تشكلت الحضارة العربية الإسلامية، استناداً إلى الفتوحات العربية، وإلى اللغة العربية، التي بقيت اللغة المركزية في تلك الحضارة. بمعنى أن القومية العربية، لم تكن حاصل تلاقح مع الفكر الأوروبي فحسب، بل أيضاً نتيجة وضع أنشأه التاريخ.

جمعت اللغة اللاتينية، معظم دول القارة الأوروبية، تحت سقفها. لكن هذه اللغة، شأنها شأن مختلف لغات العالم، حملت لهجات مختلفة، وذلك بسبب الانقطاع في الجغرافيا، فيما قبل الثورة الصناعية، وتطور مختلف أشكال النقل الحديثة. وقد أدى التباعد بين اللهجات اللاتينية، إلى أن تمسي كل لهجة لغة مستقلة قائمة بذاتها. وحين تشكلت الدول الأوروبية الحديثة، وفي مقدمتها ألمانيا بسمارك، وضعت حدودها على أساس اللغة.

ولذلك يتطابق الاستخدام الحديث للدولة المعاصرة، في القارة الأوروبية، مع مفهوم الأمة. ومن هنا جاء تعبير الدولة القومية Nation State. والإشارة هنا إلى أقوام ينطقون لغة مشتركة، ويعيشون في جغرافيا مشتركة، ضمن حدود حكومة تمارس سلطتها في حدود هذه الجغرافيا.

إن هذا هو ما يفسر حالة الارتباك، التي نشهدها في القاموس العربي الحديث، تجاه مفهومي الأمة والدولة، كونهما في الواقع العربي، منفصلان تماماً. فالأمة رغم كل العناصر الإيجابية، التي تحرض على وجودها في شكل دولة، ليست قائمة، رغم كونها مثلت طموحاً كبيراً، لدى نخب عربية واسعة، منذ منتصف القرن الثامن عشر، لكن تحقيقها كان ولا يزال رهن بالإرادة والقدرة، وليس للعرب في حاضرهم، ما يشير إلى توفر القدرة أو الإرادة من أجل تحقيق هذا الهدف النبيل.

لا يوجد في اللغات الحية الأخرى، تمييز واضح بين الوطني والقومي، لأن حالة الارتباك ليست موجودة لديهم. فالدولة الحديثة، التي ارتبطت بالثورات الصناعية، قامت على أسس قومية، ومن هنا فليس هناك تضارب بين مفاهيم الدولة والأمة والوطن، فكلها تشير إلى جسد واحد، مستند إلى هياكل عصرية.

ركزت حركة اليقظة العربية، على اللغة كعنصر حاسم، ووحيد في تشكيل الأمة العربية. أما الجغرافيا والتاريخ، فإنها عناصر مهمة في تشكل الأمة، لكنها جميعاً، تحيل إلى الناطقين باللغة العربية، وليست معنية بغيرهم. وربما كان اعتبار اللغة عاماا حاسماً في تشكل الأمة العربية، إبان حركة اليقظة، أمراً طبيعياً، فسكان بلاد الشام، في غالبيتهم هم من العرب. وما هو متواجد من أكراد وشركس وأرمن في تلك الفترة، اعتبروا بحكم الضيوف الوافدين، لبلاد الشام، وليسوا من السكان الأصليين. لكن هذه الحال، لا تنسحب على العراق، والوجود الكردي فيه. كما لا تنسحب على السودان، التي ينتمي سكان الجنوب فيها، وأيضاً وضع الإخوة الأمازيغ، المتواجدين في عدة بلدان عربية.

لكن ذلك، أوجد معضلة أخرى، في الواقع العربي. فتجاهل انتماء غير العرب للأمة، جعلهم يشعرون بأن انتماءهم للبلدان العربية، منتقص وأنهم مواطنون من الدرجة الثانية. وقد شجع هذا الواقع على بروز نزعات انفصالية، بدأت تفصح عن نفسها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، في خط بياني متصاعد، كما هي الحال في شمال العراق وجنوب السودان، والأطروحات التي تبرز بين فينة وأخرى، لأقليات تعتبر نفسها من أجناس عرقية مختلفة.

يعيدنا ذلك، إلى عناصر تشكل الأمم. فهناك أمم عريقة كالهند والصين، تضم عشرات اللغات، ومع ذلك تشكل كل منها أمة واحدة. وعنصر تشكيل هذه الأمة ليس اللغة، بل الجغرافيا الموحدة والعيش المشترك.

وفي هذا السياق، لا مناص من المراجعة المستمرة، للفكر السياسي العربي، وتطويره على أساس يضمن حقوق المواطنة والعيش المشترك، والدفاع عن الأمن القومي والوطني للأمة العربية.

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


ذكرى انتصار الثورة الاسلامية الواحد والأربعين ... مآلات وتحديات .
بقلم: علي قازان

استعمال التعابير السياسية الخاطئة
بقلم: الدكتور علي محمد فخرو



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب الدكتور يوسف مكي |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//