جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

إنقاذ العالم من سيطرة الدولار | بقلم: منير شفيق
إنقاذ العالم من سيطرة الدولار



بقلم: منير شفيق  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
09-01-2020 - 1247

من يدقق في موقع أمريكا في ميزان القوى العالمي من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى انتهاء الحرب الباردة، يجد فرقاً شاسعاً بين موقع السيطرة العالمية الذي تمتعت به أمريكا مقارناً بين تلك المرحلة، وموقعها المتراجع في المرحلة الراهنة.

يمكن إلقاء الشكوك على وضع أمريكا في ميزان القوى ما بين 1991-2010، وذلك بدحض القول بأن نظاماً أحادي القطبية قام تحت رايتها خلال العقدين المذكورين. فالظاهر الذي بدا كأن نظاماً أحادي القطبية قد تشكل مع سقوط القطب السوفييتي، لم يكن يعكس حقيقة ميزان القوى العالمي، لأن أمريكا، مع انهيار حلف وارسو، وما حل في الصين من متغيرات، أصبحت أعجز من أن تقيم نظاماً أحادي القطبية تحت قيادتها، وذلك بسبب عدم تمكنها من السيطرة على كل دول العالم.

فبعد سقوط الاتحاد السوفييتي صارت أمريكا أضعف وليس أقوى، بالرغم من انفرادها بالقوة الأولى عسكرياً واقتصادياً. ففي مرحلة الحرب الباردة والصراع بين القطبين كان لديها حلفاء أقوياء تحت أمرها، وكانوا بحاجة ماسة إليها خوفاً من الاتحاد السوفييتي: أوروبا الغربية واليابان وعدد كبير من دول آسيا وأمريكا اللاتينية. ولكن بعد خروج الاتحاد السوفييتي ومعسكره من المعادلة نشأ وضع حرر أولئك الحلفاء من الخوف والخطر. بل نشأ وضع عالمي يبدو في الظاهر أنه أحادي القطبية، ولكن من دون نظام دولي أحادي القطبية، وذلك بما يشبه الوضع العالمي الراهن. فعدم وجود نظام دولي يعني الانفلات والانفلاش والفوضى والسيولة. فالنظام يعني الضبط، ويعني أن كل دولة تعرف موقعها وحدودها، كما تعرف إن كانت داخل النظام أو خارجة على النظام إن كان قائماً ومكرساً.

فما بين 1991-2010 كانت أمريكا الدولة الكبرى رقم 1، ولكنها كانت أقل سيطرة ونفوذاً على سياسات الدول، ولا سيما الدول الكبرى أو الكبيرة أو الإقليمية. فمنذ 1995 أخذت تخرج من فرنسا وروسيا والصين همهمات الحديث عن تعدد القطبية. ولكن الأهم جاء بعد 2000، حيث اختطت روسيا بقيادة فلاديمير بوتين سياسة استعادة قوة دولتها داخلياً وعسكرياً، متذكرة أنها ما زالت تملك النووي وإمكانات نقله حيث تشاء. ثم جاء بروز الصين خلال العشر سنوات 2000-2010 اقتصادياً وعسكرياً وتكنولوجياً.. وكذلك الهند. وقد برزت دول إقليمية مثل إيران وتركيا وجنوب أفريقيا والبرازيل، ودعك مما بلغته المقاومتان اللبنانية والفلسطينية من قوة.

لقد جاءت هذه التطورات في ظل السيولة وعدم السيطرة والتحكم الأمريكيين على العالم، وإلاّ كيف يمكن تفسيرها؟

إن السنوات العشر الأخيرة (2010-2020)، أكدت بما لا يقبل الشك أن أمريكا فقدت مكانتها التي تمتعت بها بالسيطرة على الوضع العالمي في المرحلة ما بين 1945 و1991، طبعاً منقوصاً منه ما كان يعتبر المعسكر الاشتراكي وإلى حد ما بعض دول حركة عدم الانحياز.

من هنا جاء رفع الكونغرس، بتوصية من وزارة الدفاع، الميزانية العسكرية إلى 738 مليار دولار لمواجهة ما حققته روسيا، وإلى حد ما الصين، من تطوير للأسلحة الصاروخية المتفوقة على سرعة الصوت. وأشار ترامب إلى ضرورة بناء القوات الفضائية، الأمر الذي يعني أن أمريكا تواجه سباقاً خطيراً في التسلح في مواجهة روسيا والصين.

أما من الناحية السياسية، فالصورة أشد وضوحاً من حيث انفراط سيطرتها على حلفائها السابقين وانفلات قوى دولية وإقليمية، من سماع تهديداتها، أو الرضوخ لضغوطها. وهنا يمكن أن يسجل توتر علاقاتها بتركيا، ولا سيما بسبب صواريخ "إس 400" الروسية، فضلاً عن التوتر بخصوص قضية الجيب الكردي في شمالي سوريا. بل يمكن أن يسجل أن إدارة ترامب دخلت في "حروب" اقتصادية مع اليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا وعدد من الدول الأوروبية. فمن يتابع مواقف أغلب دول العالم من سياسات ترامب يستطيع أن يلمس ما أصاب السياسة الأمريكية من ضعف وتدهور وارتباك.

ثم هنالك الحرب الاقتصادية والسياسية التي تخوضها أمريكا ضد إيران، وقد ترجمت نفسها بضرب حصار خانق إلى الحد الأقصى كما يسميه ترامب، وذلك بسبب ما تشكله السياسة الإيرانية في تطوير برنامجها الصاروخي البالستي وقدراتها التكنولوجية من خطر محدق بالكيان الصهيوني، إلى جانب دعمها للمقاومات في لبنان وفلسطين، وما امتلكته المقاومتان اللبنانية والفلسطينية من قدرات صاروخية وعسكرية وتكنولوجية. فأمريكا هنا في مأزق، لأن الحصار لم يأت بالمنشود منه، وإن كان مكلفاً بالنسبة إلى إيران. وهي كلفة محمولة، بالرغم من قسوتها، فيما الأسباب التي أدت إلى الحصار راحت تتفاقم بما يهدد بانقلاب في ميزان القوى في غير مصلحة الكيان الصهيوني، كما لم يحصل منذ سبعين عاماً.

على أن نقطة القوة بالغة الأهمية التي ما زالت أمريكا تمتلكها وتسيطر من خلالها، أو تستخدمها، لتمرير تهديداتها وضغوطها، فهي دور الدولار باعتباره عملة التداول العالمي، وذلك إلى جانب سيطرتها الراجعة إلى المرحلة من 1944-1991، وقد تمثلت بالسيطرة على البنك الدولي والمؤسسات المالية والنظام المصرفي العالمي (اتفاقية بريتون وودز "WoodsBretton" 1944، وقرارات نيكسون 1971، وقرارات 1973 ضد ديغول).

إن مفتاح القضية التي تواجه الشعوب تتجسد في هذه المرحلة في ضرورة تحرير العالم من الدولار الذي حل مكان الذهب غطاء للعملات الدولية والتجارة الدولية. وهو ما راحت تسعى لتحقيقه عدة دول في العالم، وفي مقدمها مجموعة البريكس.

لقد أصبح من الضروري إيجاد بدائل تغني عن احتكار الدولار باعتباره العملة الوحيدة في المعاملات التجارية الدولية، وفي التحكم في المؤسسات المالية العالمية، وحل محل الغطاء الذهبي للعملات المحلية عملياً. وهو ما تناولته قمة كوالالمبور، التي عقدت ما بين 18-21 كانون الأول/ ديسمبر 2019، في إحدى جلساتها التي ناقشت بدائل للتبادل التجاري بين الدول الإسلامية. وقد اعتبر مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا، أن الاستمرار في استخدام الدولار سيكون "الخطر الذي يمكنه أن يلحق الضرر بنمونا الاقتصادي"، فيما قدم الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني اقتراحاً للتعامل بعملة "كريبتو" الرقمية الموحدة "بين الدول الإسلامية عوضاً عن الدولار الأمريكي"، وذلك إلى جانب اقتراحات أخرى.

وبهذا تكون قمة كوالالمبور قد أضافت جهداً مقدراً في ما بدأته مجموعة بركس لإيجاد بديل للدولار، ولا سيما بتشكيل بنك بريكس برأس مال 100 مليار دولار، وقد أصبح أهم منافس للبنك الدولي.

وبالمناسبة، لقد آن الأوان لإخراج الدولار من الدور الذي قررته له معاهدة بريتون وودز "WoodsBretton" عام 1944 وما تلاها من خطوات. وكان ذلك بسبب موقع أمريكا في ميزان القوى مع نهاية الحرب العالمية الثانية وبعدها. ولهذا فإن ما راح يصيب موقع أمريكا من تراجع في ميزان القوى العالمي الراهن أصبح يوجب تحرير العالم من هيمنة الدولار، بل ويسمح بذلك.

 

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


استشهاد الفريق سليماني زلزال عنيف: كيف سيكون المشهد بعده؟
بقلم: العميد د أمين محمد حطيط

قانون قيصر " الأمريكي"
بقلم: عبد الحسين شعبان



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب منير شفيق |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//